رئيس التحرير
عصام كامل

«هدي خير العباد» من «زاد المعاد».. 5

فيتو

مازالت القراءة مستمرة في كتاب «زاد المعاد في هدي خير العباد»، للإمام العلامة شيخ الإسلام؛ محمد بن أبى بكر بن سعد بن جرير الزرعى «ابن قيم الجوزية».. احتفاء واحتفالا بقرب قدوم ذكرى مولد خاتم الأنبياء والمرسلين، خير الأنام محمد بن عبدالله، الرسول الكريم، صاحب القرآن العظيم والمعجزات الخالدة، والذي أعزه الله بها وجعلها شاهدة على صدق نبوته، وحمله لرسالة الإسلام للناس كافة بشيرا ونذيرا.. صلى الله عليه وسلم.. حيث ننهل من سيرته وهديه صلى الله عليه وسلم، ليكون شفيعا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون...


ونواصل القراءة في الفصل الأول...

◄ في خِتانه صلى الله عليه وسلم

وقد اختلف فيه على ثلاثة أقوال:

         

أحدها: أنه وُلد مختوناً مسروراً، وروي في ذلك حديث لا يصح ذكره أبو الفرج بن الجوزي في ((الموضوعات)) وليس فيه حديث ثابت، وليس هذا من خواصه، فإن كثيراً من النّاس يُولد مختوناً.

         

وقال الميموني: قلت لأبي عبد اللّه: مسألة سئلتُ عنها: خَتَّان ختن صبياً، فلم يستقص؟ قال: إذا كان الختان جاوز نصف الحشفة إلى فوق، فلا يعيد، لأن الحشفة تغلظ، وكلما غلظت ارتفع الختان. فأمّا إذا كان الختان دون النصف، فكنتُ أرى أن يعيد. قلت: فإن الإِعادة شديدة جداً، وقد يُخاف عليه من الإِعادة؟ فقال: لا أدري، ثم قال لي فإن هاهنا رجلاً ولد له ابنٌ  مختون، فاغتمَّ لذلك غماً شديداً، فقلت له: إذا كان اللّه قد كفاك المؤنة،فما غمُّكَ بهذا؟! انتهى. وحدثني صاحبنا أبو عبد اللّه محمد بن عثمان الخليلي المحدِّث ببيت المقدس أنه وُلِدَ كذلك، وأن أهله لم يختنوه، والناس يقولون لمن ولد كذلك: خَتَنَهُ القمر، وهذا من خرافاتهم.

         

القول الثاني: أنّه خُتِنَ صلى الله عليه وسلم يومَ شَقَّ قلبَه الملائكةُ عند ظئره حليمة.

         

القول الثالث: أن جدّه عبد المطلب خَتَنَهُ يومَ سابعه، وصنع له مأدُبة وسمّاه محمّداً.

         

قال أبو عمر بن عبد البرّ: وفي هذا الباب حديث مسند غريب، حدثناه أحمد بن محمد بن أحمد، حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا يحيى بن أيوب العلاف، حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني، حدثنا الوليد بن مسلم، عن شعيب، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن عبد المطلب ختن النبي صلى الله عليه وسلم يومَ سابعه، وجعل له مأدُبه، وسمَّاه محمداً، صلى الله عليه وسلم قال يحيى بن أيوب: طلبت هذا الحديث فلم أجده عند أحد من أهل الحديث ممن لقيته إلا عند ابن أبي السري، وقد وقعت هذه المسألة بين رجلين فاضلين، صنف أحدهما مصنفاً في أنه ولد مختوناً وأجلب فيه من الأحاديث التي لا خِطام لها ولا زِمام، وهو كمال الدين بن طلحة، فنقضه عليه كمال الدين بن العديم، وبين فيه أنه صلى الله عليه وسلم خُتِنَ على عادة العرب، وكان عموم هذه السُّنَّة للعرب قاطبة مغنياً عن نقل معين فيها، واللّه أعلم.

      

◄ في أمهاته صلى الله عليه وسلم اللاتي أرضعنه

         

فمنهن ثويبه مولاة أبي لهب، أرضعته أياماً، وأرضعت معه أبا سلمة عبد اللّه بن عبد الأسد المخزومي بلبن ابنها مسروح، وأرضعت معهما عمَّه حمزةَ بن عبد المطلب. واختلف في إسلامها، فالله أعلم. ثم أرضعته حليمةُ السعدية بلبن ابنها عبد اللّه أخي أنيسة، وجُدامة، وهي الشيماء أولاد الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي، واختُلِف في إسلام أبويه من الرضاعة، فاللّه أعلم، وأرضعت معه ابن عمه أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وكان شديدَ العداوة لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم عامَ الفتح وحسن إسلامه، وكان عمه حمزة مسترضعاً في بني سعد بن بكر فأرضعت أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً وهو عند أمه حليمة، فكان حمزة رضيعَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من جهتين: من جهة ثويبة،ومن جهة السعدية.

   

◄ في حواضنه صلى الله عليه وسلم

         

فمنهن أُمّه آمنةُ بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.

         

ومنهن ثويبة وحليمة، والشيماء ابنتها، وهي أخته من الرضاعة، كانت تحضنه مع أمها، وهي التي قدمت عليه في وفد هَوزان، فبسط لها رداءه، وأجلسها عليه رعاية لحقها.

         

ومنهن الفاضلة الجليلة أم أيمن بَرَكة الحبشية، وكان ورِثها مِنْ أبيه، وكانت دايتَه،وزوَّجها من حِبِّه زيد بن حارثة، فولدت له أُسامة، وهي التي دخل عليها أبو بكر وعمر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقالا: يا أم أيمن ما يُبكيك فما عند اللّه خير لرسوله؟ قالت: إنِّي لأعلم أن ما عند اللّه خير لرسوله، وإنما أبكي لانقطاع خبر السماء، فهيجتهما على البكاء، فبكيا.

        

◄ في مبعثه صلى الله عليه وسلم وأول ما نزل عليه

    

بعثه اللّه على رأس أربعين، وهي سنُّ الكمال. قيل: ولها تبعث الرسل، وأما ما يذكر عن المسيح أنه رُفعَ إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة، فهذا لا يعرف له أثر متصل يجب المصير إليه.

         

وأول ما بدئ به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من أمر النبوة الرؤيا، فكان لا يَرى رُؤيا إلا جاءتْ مِثْلَ فَلَقِ الصبُّح قيل: وكان ذلك ستةَ أشهر، ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة واللّه أعلم.

         

ثم أكرمه اللّه تعالى بالنبوة، فجاءه المَلَك وهو بغار حِرَاءٍ، وكان يُحب الخلوة فيه، فأول ما أنزل عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] هذا قول عائشة والجمهور.

         

وقال جابر: أول ما أنزل عليه: {يَأَيّهَا الْمُدّثّرُ} [المدثر: 1]

         

والصحيح قول عائشة لوجوه: 

أحدها أن قوله: ((مَا أَنَا بِقَارِىء)) صريح في أنه لم يقرأ قبل ذلك شيئاً.

الثاني: الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإِنذار، فإنه إذا قرأ في نفسه، أنذر بما قرأه، فأمره بالقراءة أولاً، ثم بالإِنذار بما قرأه ثانياً.

الثالث: أن حديث جابر، وقوله: أول ما أنزل من القرآن {يَا أيها المُدَّثر} [المدثر: 1] قول جابر، وعائشة أخبرت عن خبره صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك.

الرَّابع: أن حديث جابر الذي احتج به صريح في أنه قد تقدم نزول الملَك عليه أولاً قبل نزول {يَأيُّهَا المُدَّثَر} [المدثر: 1] فإنه قال: ((فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء، فرجعت إلى أهلي فقلت: زملوني دثروني، فأنزل اللّه: {يَأَيُّهَا المُدَّثَرُ} [المدثر: 1])) وقد أخبر أن الملك الذي جاءه بحراء أنزل عليه  {اقرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] فدل حديث جابر على تأخر نزول {يَا أَيُّهَا المُدثِّرُ} [المدثر: 1] والحجة في روايته، لا في رأيه، واللّه أعلم.

      

◄ في ترتيب الدعوة ولها مراتب

         

المرتبة الأولى: النبوة. الثانية: إنذار عشيرته الأقربين. الثالثة: إنذار قومه. الرابعة: إنذار قومٍ  ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة. الخامسة: إنذارُ جميع مَنْ بلغته دعوته من الجن والإِنس إلى آخر الدّهر.

         

وأقام صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ثلاث سنين يدعو إلى اللّه سبحانه مستخفياً، ثم نزل عليه {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} [الحجر: 94]. فأعلن صلى الله عليه وسلم بالدعوة وجاهر قومه بالعداوة، واشتد الأذى عليه وعلى المسلمين حتى أذن اللّه لهم بالهجرتين.

      

◄ في أسمائه صلى الله عليه وسلم


وكلها نعوت ليست أعلاماً محضة لمجرد التعريف، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به تُوجِبُ له المدحَ والكمال.

         

فمنها محمد، وهو أشهرها، وبه سمي في التوراة صريحاً كما بيناه بالبرهان الواضح في كتاب ((جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام)) وهو كتاب فرد في معناه لم يُسبق إلى مثله في كثرة فوائده وغزارتها، بينَّا فيه الأحاديث الواردة في الصلاة والسلام عليه، وصحيحها من حسنها، ومعلولها وبينا ما في معلولها من العلل بياناً شافياً، ثم أسرار هذا الدعاء وشرفه وما اشتمل عليه من الحكم والفوائد، ثم مواطن الصلاة عليها ومحالها، ثم الكلام في مقدار الواجب منها، واختلاف أهل العلم فيه، وترجيح الراجح، وتزييف المزيَّف، وَمَخبَرُ الكِتابِ فَوْقَ وصفه.

         

والمقصود أن اسمه محمد في التوراة صريحاً بما يوافق عليه كلُّ عالم من مؤمني أهل الكتاب.

         

ومنها أحمد، وهو الاسم الذي سماه به المسيح، لسرٍّ ذكرناه في ذلك ا لكِتابِ.

         

ومنها المتوكِّل، ومنها الماحي، والحاشر، والعاقب، والمُقَفِّى، ونبى التوبة، ونبيُّ الرحمة، ونبيُّ الملحمة، والفاتحُ، والأمينُ.

         

ويلحق بهذه الأسماء: الشاهد، والمبشِّر، والبشير، والنذير، والقاسِم، والضَّحوك، والقتَّال، وعبد اللّه، والسراج المنير، وسيد ولد آدم، وصاحبُ لواء الحمد، وصاحب المقام المحمود، وغير ذلك من الأسماء، لأن أسماءه إذا كانت أوصاف مدح، فله من كل وصف اسم، لكن ينبغي أن يفرق بين الوصف المختص به، أو الغالب عليه، ويشتق له منه اسم، وبين الوصف المشترَك، فلا يكون له منه اسم يخصه.

         

وقال جبير بن مُطْعِم: سمَّى لنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء، فقال: ((أنا مُحَمَّدٌ، وأنا أحْمَدُ، وأنا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الكُفرَ، وأنا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ، والعَاقِب الَّذِي لَيسَ بَعْدَهُ نَبيٌّ )). 

         

◄◄ وأسماؤه صلى الله عليه وسلم نوعان:

         

أحدهما: خاص لا يُشارِكُه فيه غيره من الرسل كمحمد، و أحمد، والعاقب، والحاشر، والمقفي، ونبي الملحمة.

         

والثاني: ما يشاركه في معناه غيره من الرسل، ولكن له منه كماله، فهو مختص بكماله دون أصله، كرسول اللّه، ونبيه، وعبده، والشَّاهدِ، والمبشِّرِ، والنذيرِ، ونبيِّ الرحمة، ونبيّ التوبة.

         

وأما إن جعل له مِن كل وصف من أوصافه اسم، تجاوزت أسماؤه المائتين، كالصادق، والمصدوق، والرؤوف الرَّحيم، إلى أمثال ذلك. وفي هذا قال من قال من الناس: إن لله ألفَ اسمٍ، وللنبي صلى الله عليه وسلم  ألفَ اسم، قاله أبو الخطاب بنُ دِحيةَ ومقصوده الأوصاف.

       

◄ في شرح معاني أسمائه صلى الله عليه وسلم

 

أمّا مُحَمَّد، فهو اسم مفعول، من حَمِدَ، فهو محمد، إذا كان كثيرَ الخصال التي يُحمد عليها، لذلك كان أبلغَ من محمود، فإن ((محموداً)) من الثلاثي المجرد، ومحمد من المضاعف للمبالغة، فهو الذي يحمد أكثر ممّا يحمد غيره من البشر، ولهذا - واللّه أعلم - سمِي به في التوراة، لكثرة الخصال المحمودة التي وُصِفَ بها هو ودينه وأمته في التوراة، حتى تَمَنَى موسى عليه الصلاة والسلام أن يكون منهم، وقد أتينا على هذا المعنى بشواهده هناك، وبينا غلط أبي القاسم السهيلي حيث جعل الأمر بالعكس، وأن اسمه في التوراة أحمد.

                  

وأما أحمد، فهو اسم على زِنة أفعل التفضيل، مشتق أيضاً من الحمد. وقد اختلف الناس فيه: هل هو بمعنى فاعل أو مفعول؟ فقالت طائفة: هو بمعنى الفاعل، أي: حَمْدُه للّه أكثرُ من حمد غيره له، فمعناه: أحمد الحامدين لربه، ورجحوا هذا القول بأن قياس أفعل التفضيل، أن يُصاغ من فعل الفاعل، لا من الفعل الواقع على المفعول، قالوا: ولهذا لا يقال: ما أضربَ زيداً، ولا زيد أضرب من عمرو باعتبار الضرب الواقع عليه، ولا: ما أشرَبَه للماء، وآكله للخبز، ونحوه، قالوا: لأن أفعل التفضيل، وفعل التعجب، إنما يُصاغان من الفعل اللازم، ولهذا يقدر نقله من ((فَعَلَ)) و ((فَعِلَ)) المفتوح العين ومكسورها، إلى ((فَعُلَ)) المضموم العين، قالُوا: ولهذا يعدَّى بالهمزة إلى المفعول، فهمزته للتعدية، كقولك: ما أظرفَ زيداً، وأكرمَ عمراً، وأصلهما: من ظَرُف، وَكَرُمَ. قالوا: لأن المتعجَّب منه فاعل في الأصل، فوجب أن يكون فعله غيرَ متعد، قالوا: وأما نحو: ما أضرب زيداً لعمرو، فهو منقول من ((فَعَلَ)) المفتوح العين إلى ((فَعُلَ)) المضموم العين، ثم عُدي والحالة هذه بالهمزة قالوا: والدليل على ذلك مجيئهم باللام، فيقولون: ما أضرب زيداً لعمرو، ولو كان باقياً على تعديه، لقيل: مَا أضربَ زيداً عمراً، لأنه متعد إلى واحد بنفسه، وإلى الآخر بهمزة التعدية، فلما أن عدَّوه إلى المفعول بهمزة التعدية، عدَّوه إلى الآخر باللام، فهذا هو الذي أوجب لهم أن قالوا: إنهما لا يُصاغان إلا من فعل الفاعل، لا من الفعل الواقع على المفعول.

         

ونازعهم في ذلك آخرون، وقالوا: يجوز صوغُهما من فعل الفاعل، ومن الواقع على المفعول، وكثرة السماع به من أبين الأدلة على جوازه، تقول العرب: ما أشغَلَه بالشيء، وهو من شُغِلَ، فهو مشغول وكذلك يقولون: ما أولَعه بكذا، وهو من أُولعَ بالشيء، فهو مُولَع به، مجني للمفعول ليس إلا، وكذلك قولهم: ما أعجبه بكذا، فهو من أُعجِبَ به، ويقولون: ما أحبه إلي، فهو تعجب من فعل المفعول، وكونه محبوباً لك، وكذا: ما أبغضه إليَّ، وأمقته إليَّ.

                  

وهاهنا مسألة مشهورة ذكرها سيبويه، وهي أنك تقول: ما أبغضني له، وما أحبني له، وما أمقتني له: إذا كنتَ أنتَ المبغِضَ الكارِه، والمحِب الماقِت، فتكون متعجباً من فعل الفاعل، وتقول: ما أبغضني إليه، وما أمقتني إليه، وما أحبني إليه: إذا كنت أنت البغيض الممقوت، أو المحبوب، فتكون متعجباً من الفعل الواقع على المفعول، فما كان باللام فهو للفاعل، وما كان بـ ((إلى)) فهو للمفعول. وأكثر النحاة لا يعللون بهذا. والذي يقال في علته واللّه أعلم: إن اللام تكون للفاعل في المعنى، نحو قولك: لمن هذا؟ فيقال: لزيد، فيؤتى باللام. وأما ((إلى)) فتكون للمفعول في، المعنى، فتقول: إلى من يصل هذا الكتاب؟ فتقول: إلى عبد اللّه، وسر ذلك أن اللام في الأصل للملك والاختصاص، والاستحقاق إنما يكون للفاعل الذي يملك ويستحق، و ((إلى)) لانتهاء الغاية، والغاية منتهى ما يقتضيه الفعلُ، فهي بالمفعول أليق، لأنها تمام مقتضى الفعل، ومِن التعجب من فعل المفعول قولُ كعب بن زهير في النبي صلى الله عليه وسلم: 

فَلَهْوَ أَخــْوَفُ عِنْدِي إِذ أُكَلِّمُهُ                  وَقِيلَ إنَّكَ مَحْبُوسّ وَمَقْتُولُ

مِنْ خَادِرٍ مِنْ لُيُوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ                  بِبَطْنِ عَثّـَرَ غِيْلٌ دُونَهُ غِيْلُ

         

فأخوف هاهنا، من خيف، فهو مَخُوفُ، لا من خاف، وكذلك قولهم: ما أجَنَّ زيداً، من جُنَّ فهو مجنون، هذا مذهب الكوفيين ومن وافقهم.

الجريدة الرسمية