ومتى يستقيل المسئولون المصريون بتهمة إهانة مصر؟
انتهت قصة إياد مدني، تم إقالته بطريقة مهينة تمامًا كالجرم الذي ارتكبه بإهانة رئيس مصر بعيدًا عن أي أعراف بروتوكولية، منذ اللحظة التي أعلنت فيها وزارة الخارجية المصرية أن الاعتذار غير كاف، كان واضح أن الخطوة المقبلة هي الإقالة، الأمر برمته صفحة وطويناها وسيظل «مدني» موصومًا بها طوال عمره.
سواء كان الاعتذار بأمر من خادم الحرمين الشريفين أو نابع من الرجل الذي رأى غضب المصريين فأدرك أن لا مجال سوى الاعتذار لكنها في النهاية خطوة جيدة، كان يمكن أن يكابر أو يرفض وهو في الحالتين لن يستمر في منصبه بعد ذلك.
الأهم من اعتذار «مدني» هو اعتذار الوزراء والمسئولين المصريين، فمتى يشعرون بمدى الإهانة التي تسببوا فيها بوجودهم يوميًا كممثلين عن تلبية مطالب هذا الشعب.
نعم.. قول رئيس الوزراء إن رأس غارب لم تكن ضمن أولوياتنا هي إهانة لنا جميعًا، فعندما لا يعرف أكبر مسئول بالسلطة التنفيذية أن المنطقة المذكورة في محافظة البحر الأحمر مصنفة وفقًا لتقارير وزارة الري ضمن المحافظات الأكثر عرضة للسيول وبالتالي لا يمكن تجاهلها على الإطلاق.
كذا قول وزير التموين إن الإعلام هو من يصدر الإحباط للناس، وذلك للهروب من جريمة اختفاء السكر والأرز فهو نوع من الإهانة الموجهة لكل بيت مصري يدرك جيدًا أن السلع الأساسية مختفية وأن هذا الوزير يهاجم الإعلام دون سند، فالإعلام لا يورد السكر أو الزيت حتى يكذب، يزيدنا إهانة بالقول إنه لا يحتاج إلا كيسا واحدا للسكر في الشهر.
وقول وزير الري إن خطة حماية السيول خففت من الأزمة وذلك في الوقت الذي غرق فيه نحو 650 بيتا في رأس غارب و35 ألف فدان في أسيوط وتعطيل المدارس في بعض الأماكن وكأنه يقول «هو ده اللى قدرت أعمله» هي إهانة لكل المصريين.
أما قول رئيس السلطة التشريعية إنه متضامن مع الحكومة في إصدار مزيد من القرارات الصعبة هو إهانة لكل من نزل وصوت في تلك الانتخابات التي أرادت في النهاية برلمانا يدافع عن حقوقه لا عن الحكومة التي يتضامن معها في القرارات الصعبة.
ومنع إذاعة حلقة هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق بعد أيام من الحديث عن حرية الإعلام في المؤتمر الوطني الأول للشباب هو إهانة، ضف عليها التأكيد أن تلك المقابلة أخذت الموافقة الأمنية وهي جملة لم يتوقف عندها الكثير وإن كانت كارثة في حد ذاتها.
محاكمة أستاذ بجامعة بالأزهر بتهمة إحياء فكر محمد عبده وطه حسين -وإن كان الأمر لم يثبت ولم يُنفَ- هو إهانة أيضًا لرموز التنوير وقادة حركة الفكر في بداية القرن الماضي.
التبرعات الكريمة من خلال القوات المسلحة والمجتمع المدنى في ظل غياب كامل للحكومة هو إهانة بشكل أو بآخر لكل مصري يظن أنه في دولة له حقوق وعليه واجبات وفي وقت الكارثة لن يرى سوى يد القوات المسلحة والمجتمع المدني.