رئيس التحرير
عصام كامل

انتصار.. تاه في الزحمة


انتصار مصر في العدوان الثلاثي كان هائلا.. غيّر موازين القوى في العالم بأسره.. قطع ذيل الأسد البريطاني.. انهارت بسببه الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وتدهورت حالة فرنسا، ثانية الدولتين العظمتين.. صار هناك قطبان جديدان؛ هما الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي.


صمدت مصر صمودا تاريخيا.. واجه الشعب المصري قوات 3 من أقوى الدول، وتغلب على أسلحة تفوق خيالاته.. تصدى لها بصدور عارية.. انتصر شباب ونساء عزّل على عماليق مدججين بأحدث الأسلحة، آنذاك.

بطولات أبناء بورسعيد، ومن انضم إليهم من باقي المحافظات تستحق أن تروى في ذكرى العدوان، كل سنة، إلى أبد الأبدين.. يحكيها الأبناء للأحفاد.. نزجي لأبطالها بعض حقهم من التكريم المعنوي.. لا أن ننساها، أو نتناساها، أو نتركها تتوه في زحمة الأزمات والانشغالات و"الاشتغالات".. نتجاهل الاحتفاء بها.. على الأقل قدر تذكرنا واحتفائنا بذكرى الهزيمة في 1967!

لم تُذكر كلمة عن انتصار مصر في العدوان الثلاثي على قوى الشر وقتها إلا في ندوة عقدتها اللجنة المصرية للتضامن، برئاسة الدكتور حلمي الحديدي، وزير الصحة الأسبق، ورئيس منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية، تحدث فيها الدكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية، ووزير الشباب والرياضة الأسبق، والكاتب الصحفي نبيل زكي، رئيس مجلس إدارة جريدة الأهالي، والسفير وائل بدوي، نائبا عن وزير الخارجية سامح شكري، وشريف جاد، رئيس جمعية خريجي الجامعات الروسية، والدكتور حسن أبو طالب، الخبير بمركز الدراسات الإستراتيجية والسياسية بالأهرام، والمستشار أليكسي تيفانيان مستشار السفارة الروسية في مصر.
من واقع المناقشات، أقول إن علينا أن نعلم أن الجيش هو الحصن، والحامي، والذي عليه كل التعويل في حفظ الأمة ومقدراتها..

أيضا فإن الجبهة الداخلية حينما تكون متماسكة، صلدة، فإنها تستطيع صون الدولة والنظام، والدفاع عن ثروات البلد ومقدراته.
علينا أن نزيح أكوام التراب التي تراكمت على الذاكرة المصرية، فمحت الكثير من الأحداث الرائعة، والأمجاد العظيمة، فإن من لا ذاكرة له، لا مستقبل ينتظره.

الذي لا يعرفه كثير من الشباب أن مصر أبرمت وقتها صفقة أسلحة مع موسكو، عبر تشيكوسلوفاكيا، كانت من أهم أسباب إثارة حفيظة لندن وباريس وتل أبيب فكان قرار الحرب.. إلا أن الإنذار الذي وجهه الاتحاد السوفيتي للدول المعتدية الثلاث؛ بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل.. كان سببا مباشرا في انتهاء الحرب.

إسرائيل كانت تخطط لانتزاع سيناء من سيطرة مصر.. الهدف قديم جدا، بقدم إعلان قيام الدولة العبرية.

عبدالناصر كان، مثلما السيسي، عقبة كئودا في وجه الأطماع الخارجية.. قاوم بشراسة، داخل حدود بلاده وخارجها، ونجح في تقليص نفوذ الاحتلال في العديد من الدول.

التاريخ يؤكد أن مصر دولة قوية، منتصرة، تحافظ على كرامتها، وعزتها، وإبائها.. تمضي دوما في شموخ وكبرياء.. تثير حفيظة من يتصورون أن بإمكانهم منافستها في مكانتها الرفيعة.. ولكن هيهات أن ينازعها أحد.. ترنو للصغار من علٍ.. لا يضيرها نبح الكلاب.. "كناطح صخرة يوما ليوهنَها.. فما أوهنَ الصخرَ لكن أوهى قرنَه الوعلُ".
تذكروا الانتصارات، وأيامنا الناصعة، وعلموها للأبناء؛ ففيها ما يبعث على الفخر.
تحيا مصر بأيدي وسواعد وفكر أبنائها.
الجريدة الرسمية