رئيس مخابرات بريطانيا: هجمات إرهابية حتمية في طريقها إلينا
قال أندرو باركر، رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني، "إم أي 5"، في حوار نادر أجرته صحيفة «جارديان» البريطانية، اليوم الثلاثاء، إن التحولات الدولية الكثيرة التي يعرفها العالم اليوم تجعل بريطانيا في مواجهة تهديدات أمنية وإرهابية خطيرة كثيرة، داخليًا وخارجيًا، بدءًا من داعش، وفروع القاعدة المختلفة، وبقايا الشبكات الإرهابية في أيرلندا الشمالية، و"إرهاب الدول".
وكشف "باركر" إحباط الأجهزة الأمنية البريطانية، بفضل نشاط جهازه، ما لا يقل عن 12 هجومًا إرهابيًا خطيرًا ضد بريطانيا في السنوات الثلاث الماضية، مشيرًا إلى أن هذا العدد المرتفع من التهديدات الجدية، يكشف أهمية التحدي الذي يُشكله الإرهاب ضد لندن، والذي بلغ مستويات غير مسبوقة "في مسيرتي المهنية" من الجدية ومن التصميم، ما يجعله خطرًا قابلًا للاستمرار فترة زمنية قد تطول كثيرًا.
وأردف المسئول البريطاني: "في ظل وجود بضع آلاف متطرف إسلامي عنيف في البلاد، أكثرهم من البريطانيين، وانخراط 3 آلاف بريطاني في الحرب في سوريا والعراق، تحت لواء داعش فإن مستوى القلق والإنذار يرتفع بالضرورة، في ظل المخاوف من عودة بعضهم إلى البلاد، وهم الذين نشطوا سنوات في صفوف التنظيم من جهة، وفي مجال الدعوة إلى تنظيم هجمات ضد بريطانيا، إضافةً إلى نشاط التنظيم نفسه في الفضاء الإلكتروني، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع المؤيدة له".
وأضاف المسئول البريطاني، أن التهديدات التي عاشها والتي لم يعرف مثلها في مسيرته التي امتدت 33 سنة في المخابرات الداخلية، دفعت بريطانيا إلى الاستثمار أكثر وبشكل أهم في الأجهزة المتخصصة مثل إم أي 5، ما أتاح لها "الحصول على قدرات دفاعية جيدة ضد المخططات الإرهابية، وإفشال معظم المحاولات الإرهابية في المستقبل".
وتساءلت الصحيفة عن إمكانية نجاح بعض المخططات، ورد باركر، قائلًا إن "مستوى التهديدات المرتفع يعني تعرض هذه البلاد حتمًا إلى هجمات إرهابية، اعتمادًا على خطورة المؤشرات المتوفرة".
وأضاف: "لكن الخطر الإرهابي الذي تواجهه بريطانيا لا يقتصر على داعش أو القاعدة، أو المنظمات المتفرعة عنهما، وحسب المسئول الأول عن المخابرات الداخلية البريطانية، تظل أيرلندا الشمالية، مصدر قلق وتوجس مهم، بسبب الانفلات أو الانشقاقات التي عصفت بالجمهوريين الذي تبنوا العمل العنيف في السابق، قبل انضمام الحزب الممثل لهذا التيار إلى مسار سياسي سلمي، ما يعني أن بعض الفصائل الثورية السابقة قادرة على استئناف النشاط "الثوري الإرهابي" في أي وقت".
وإلى جانب المنظمات والتشكيلات الحزبية والشبكات، تواجه بريطانيا وأوروبا بشكل عام، حسب باركر، مشكلة خطيرةً تتمثل في "إرهاب الدول" الذي يجمع أسلحة متنوعة ومختلفة تتراوح بين الوسائل العسكرية، والدعاية والتجسس والتخريب والهجمات الإلكترونية والتي تجد اليوم في روسيا حسب قوله، راعيًا وداعمًا أساسيًا لها، وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لتحقيق أهدافها، وتنفيذ سياستها الخارجية، كما حدث في أوكرانيا منذ فترة، ويحدث في سوريا.
ولمواجهة هذه التهديدات المتنوعة والخطيرة، كشف باركر، توجه جهازه إلى التركيز على استقطاب المهارات البشرية على امتداد السنوات الخمس القادمة، بتجنيد ألف ضابط إضافي، من الجنسين، ومن مختلف الخلفيات الثقافية والعرقية، بما يعكس المجتمع البريطاني حسب قوله، من السود، والآسيويين والأقليات الإثنية المختلفة الأخرى.
وتابع باركر: "لكن هذه المساعي لن تكون كافية وحدها لمواجهة خطر الإرهاب، فالجهاز سيعمل على مراقبة الإرهابيين ولكن ذلك لن يفي بالغرض إذا لم نتصل بالناس العاديين ومن مختلف الاختصاصات والاهتمامات ونشجعهم على الانخراط في جهاز المخابرات ولصالحنا، لمواجهة التهديدات المعقدة والمتنوعة، والتي لا يمكن مواجهتها في غياب خبراء في مواجهة الهجمات الإلكترونية، وكبار المحللين الماليين والاقتصاديين، ومصممي البرامج الإلكترونية، ومحللي الأزمات، ومهندسي شبكات الأمان الإلكتروني والمتخصصين في العمليات السرية السوداء، وغيرها من الاختصاصات".