رئيس التحرير
عصام كامل

سنغافورة..المعجزة العائمة والدرس الصعب!


نشعر بالفخر في كل مرة يأتي فيها زعيم من الشرق أو الغرب ليقول لنا إن مصر كانت أول دولة عربية وأفريقية تعترف بدولته.. هكذا الحال من الصين إلى كوبا ومن ماليزيا إلى سنغافورة وغيرها وغيرها.. وقبل 50 عاما وفي عهد الزعيم جمال عبد الناصر اعترفت مصر بسنغافورة.. كانت وقتها جزيرة صغيرة لا تغري العلاقة معها إلى أي مكسب سياسي أو اقتصادي.. ولا هي ولا ماليزيا ولا تايوان أو غيرها.. كانت مصر تسبق كوريا الجنوبية والبعثة الوحيدة التي جاءت للتعلم من التجربة المصرية كانت من الرئيس الكوري الجنوبي بارك والد رئيسة كوريا الجنوبية الحالية.. كان ذلك عام 62 وكانت باقي دول شرق آسيا في المجهول..


ظل التناطح بيننا وبين دول عديدة كنا نسبقها رغم حروبنا والمؤامرات حولنا إلا أن دوام الحال من المحال.. يبدأ تراجعنا في السبعينات.. ويبدءون هم أيضا بل أن ماليزيا بدأت مع مهاتير محمد عام 81 ليتحولوا جميعهم إلى نمور عملاقة وليكون من المستحيل إجراء أي مقارنة بهم..

فسنغافورة صاحبة الـ 710 كيلو مترات أي اقل من ثلث مساحة محافظة الإسكندرية ومع ذلك يسكنها ما يقرب من 6 ملايين نسمة أي بحسبة بسيطة فمساحة مصر تعادل 1300 مرة مساحة سنغافورة ومع ذلك لم يتحجج أي حاكم لهم بالزيادة السكانية ولا بصغر المساحة..وإنما بالتخطيط الجيد أولا وبالتراكم ثانيا.. فلم يأت حاكم ليلغ من قبله ويسير في اتجاه مخالف..

اليوم هم رابع أهم مركز اقتصادي في العالم وخامس أهم موانئ العالم وتاسع أكبر احتياطي نقدي في العالم رغم أنها ثالث أعلى كثافة سكانية في العالم!

وبالطبع لسنا من هواة جلد الذات إنما التجربة للدرس والفهم.. وللرد على من يدافعون عن نظام بقي ثلاثين عاما وتركنا ولم نحل أبسط مشكلات الحياة من مرور وطوابير خبز ولا توزيع إسطوانات الغاز ولا حتى جمع القمامة.. أما الانطلاق والتقدم التكنولوجي والاقتصادي فليس مطروحا حتى للمقارنة أصلا.. ومع ذلك تجد من يدافع عن عهد أعاد مصر للوراء عشرات السنين بحجة الأمن والأمان وكأن ذلك معجزة وكأنه إنجاز عظيم رغم أنها أبسط وظائف الحاكم.. أي حاكم !
الجريدة الرسمية