رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. نرصد حكايات 13 رئيسا في تاريخ لبنان

فيتو

شهد قصر الرئاسة في لبنان المعروف بـ"بعبدا" 12 رئيسا في تاريخ الجمهورية اللبنانية منذ استقلالها، وجاء الرئيس رقم 13 العماد ميشال عون بولادة سياسية متعسرة وسط ترقب العالم العربى والغربى لدولة تتسم بالديمقراطية ظل قصر الرئاسة بها فارغا دون ساكن حتى اليوم الإثنين.


وخلال التقرير التالى ترصد "فيتو" حكايات 13 رئيسا في تاريخ لبنان منذ الاستقلال.



1- بشارة الخوري

الرئيس الأول لجمهورية الاستقلال، هو الرئيس بشارة الخوري الذي انتخب في 21 سبتمبر من العام 1943 بغالبية 44 صوتًا من أصل 55، وترأس حكومته الرئيس رياض الصلح الذي تحول بيانه إلى "ميثاق وطني" غير مكتوب. 

وفي عهده أُلغيت البنود التي تشير إلى الانتداب في الدستور، وأدى نشرها في الجريدة الرسمية إلى إصدار المفوض السامي قرارًا بإبطال مفعول تعديل الدستور، واعتقال الخوري والصلح والوزراء كميل شيمون وسليم تقلا وعادل عسيران، وبعض النواب وسجنهم في قلعة راشيا. 

كما حل المجلس النيابي، وكلّف إميل إده رئاسة الدولة والحكومة معا. وأدى الاعتقال إلى ثورة شعبية بوجه الانتداب الفرنسي للمطالبة بالاستقلال والإفراج عن المعتقلين، وحصل ذلك في 21 نوفمبر 1943، واعترفت فرنسا باستقلال لبنان.

تميز عهده بتوطيد علاقاته مع بعض الدول العربية، كما تأسس في عهده الجيش اللبناني بقيادة اللواء فؤاد شهاب، وبدأت الدولة بتنظيم شئون المواطنين وتحقيق نهضة عمرانية في البلاد. وجدّد لنفسه ولاية جديدة، لم تدم طويلا فأُسقط في الشارع في 18 سبتمبر 1952.

2- كميل شيمون

الرجل الثاني في قصر بعبدا، كميل شيمون الذي انتخب في 23 سبتمبر من العام 1952 بغالبية 74 صوتا من أصل 77 نائبا. وتميّز عهده بالرخاء الاقتصادي والبحبوحة والاستقرار الأمني، وحقّق إصلاحات إدارية عدة، وحرر القضاء من الضغوط السياسية، ودعم حرية التعبير والإعلام اللبناني. 

إلا أن عهده أُصيب بانتكاسة بعد سقوط معظم معارضيه المدعومين من الرئيس المصري جمال عبد الناصر في الانتخابات العامة عام 1957، وواجهته تحركات شعبية ضد علاقته مع واشنطن تخوفا من التمديد لنفسه. لكن معارضيه فشلوا في إسقاطه بسبب تماسك حلفائه وفي طليعتهم حزب الكتائب ورئيس الحكومة سامي الصلح، وظل في منصبه حتى نهاية عهده.

3- فؤاد شهاب

ولعل اللواء فؤاد شهاب الذي انتخب في العام 1958 يعد المؤسس الفعلي لمؤسسات الدولة اللبنانية وهيكليتها. بعد انتخابه اسند رئاسة الحكومة إلى الرئيس رشيد كرامي.

تميز عهده بتنفيذ مشاريع زراعية وانارة الطرق وتعبيدها، وشهد عهده أيضا إصلاحات إدارية مهمة، وإنشاء مصرف لبنان. وبرز في عهده حدثان: الأول تمثل بفوز المعارضة بغالبية مقاعد مجلس النواب ما دفعه إلى الاستقالة من منصبه، لكن المطالبة الشعبية منعته من ذلك. والحدث الثاني، كان إفشال الجيش واللبنانيين عموما محاولة الانقلاب التي نظمها الحزب القومي السوري الاجتماعي. واشتهر عهده أيضا بالمكتب الثاني، الذي تدخل في الحياة السياسية ومارس ضغوطا على الحريات العامة. نجح شهاب في سياسته المتوازنة بين الفرقاء اللبنانيين، وبين المعسكر الشرقي السوفييتي والمعسكر الغربي الأمريكي، فوصف نهج حكمه بالشهابي.

4- شارل حلو

مع إصرار الرئيس شهاب على عدم التمديد لنفسه، انتخب شارل حلو رئيسا للجمهورية في 18 أغسطس من العام 1964 بأكثرية 92 صوتا من اصل 99، واعتبر عهده تتمة للعهد الشهابي الذي شكل دعم مؤسّسه الرئيس شهاب الرافعة الأساسية لوصوله إلى سدة الرئاسة. سعى في عهده إلى مواصلة العمل الإصلاحي الذي بدأه شهاب، لكنه فشل. 

وأُصيب عهده بانتكاسات عدة أبرزها، أزمة إفلاس بنك "انترا" في العام 1966 التي وجهت ضربة قوية إلى الاقتصاد اللبناني، والصدامات بين الجيش والمجموعات الفلسطينية المسلحة بعد حرب 1967 العربية - الإسرائيلية. وخلال عهده وضع اتفاق القاهرة في العام 1969 الذي شرعن السلاح الفلسطيني ضد إسرائيل على الاراضي اللبنانية، بعد تدخل الرئيس عبد الناصر لوضع حد للصدامات بين الطرفين اللبناني والفلسطيني.

5- سليمان فرنجية

جاء سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية في 23 سبتمبر من عام 1970 بعد فوزه على منافسه حاكم مصرف لبنان الياس سركيس. تخلل عهده عدد كبير من الأزمات. البداية كانت مع تعزيز المجموعات الفلسطينية وجودها في لبنان بعد طردها من الأردن، الأمر الذي أدى إلى اتفاقية "ملكارت" المكملة لاتفاقية القاهرة والهادفة إلى تحديد أماكن تواجد المسلحين الفلسطينيين.

وفي عهده، اندلعت شرارة الحرب اللبنانية بسبب التعديات الفلسطينية على الشعب اللبناني، وحاولت "الحركة الوطنية" المعارضة له إسقاطه لكنها لم تنجح في ذلك. أنشأ ميليشيا "المردة" وترأسها، وقاتل الفلسطينيين. تميز بميوله العربية وبصداقاته الشخصية مع عائلة الرئيس السوري حافظ الأسد.



6- إلياس سركيس

انتخب إلياس سركيس رئيسا للجمهورية في 1976، وحصد 66 صوتا من أصل 99. شهد عهده حربا ضروسا بين ميليشيات الأطراف اللبنانية والمجموعات الفلسطينية والجيوش الأجنبية التي انخرطت في الحرب اللبنانية. 

عمل على إدارة الأزمة التي تخبط بها عهده ساعيا إلى إنجاح عدد من المبادرات لتسوية النزاع المسلح، لكنه فشل. لم يغادر القصر الجمهوري حتى بعد وصول الجيش الإسرائيلي إلى بيروت خلال الاجتياح الذي حصل وأدّى في نهاية المطاف إلى إخراج المسلحين الفلسطينيين من لبنان في شهري أغسطس وسبتمبر 1982.



7- بشير الجميل

انتخب بشير الجميّل رئيسا للجمهورية في 23 أغسطس 1982، لكنه اغتيل في 14 سبتمبر قبل أن يتسلم الحكم. واعتبر أصغر رئيس جمهورية شهده لبنان منذ الاستقلال، واستبشر معظم اللبنانيين من معظم الطوائف خيرا بوصوله إلى الرئاسة، بسبب العزم الذي أظهره لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق المشاريع الاقتصادية وإعادة إعمار لبنان. رفع لواء استعادة استقلال لبنان ومغادرة الجيوش المحتلة تحت شعار "10452 كلم مربع".

8- أمين الجميل

عقب اغتيال شقيقه بشير الجميل، انتخب أمين الجميل رئيسا للجمهورية. وشكل عهده المنصة الأساسية لمواجهات كبيرة عقب الاحتلال الإسرائيلي للبنان. ارتبط عهده بـ"حرب الجبل" بين "القوات اللبنانية" من جهة، والحزب التقدمي الاشتراكي والمنظمات الفلسطينية من جهة ثانية، والتي خسرها المسيحيون بعد تعذر إرسال الجيش إلى الجبل لضبط الوضع. كما شهد عهده تفجير مقر "المارينز" وتفجير مقر المظليين الفرنسيين في بيروت في سبتمبر 1983، وسلم الحكم إلى حكومة عسكرية بقيادة العماد ميشال عون مهمتها انتخاب رئيس للجمهورية.



9- رينه معوض


انتخب رينه معوض رئيسا للجمهورية اللبنانية في 5 نوفمبر من العام 1989. هو الرئيس الأول لجمهورية اتفاق الطائف، وكلف الرئيس سليم الحص تشكيل الحكومة الأولى.

حاول التفاوض مع رئيس الحكومة الانتقالية العماد ميشال عون لإنهاء الأزمة اللبنانية، الا أنه لم يتمكن من قطف ثمار ذلك، فاغتيل صباح عيد الاستقلال في 22 ديسمبر من العام نفسه، ليكون الرئيس الثاني بعد بشير الجميل يُغتال بعد انتخابه بفترة قصيرة.



10- الياس الهراوي


انتخب الياس الهراوي رئيسا للجمهورية في 24 ديسمبر من العام 1989، اعتمد على الجيش السوري لعزل رئيس الحكومة الانتقالية العماد ميشال عون، ونجح بذلك في 13 يناير 1990. كما شهد عهده أيضا إقصاء قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع بعد سجنه في ملفات قضائية شملها العفو العام الذي أصدره بعد انتهاء الحرب اللبنانية.

عهده تميز التدخل السوري المباشر في إدارة الوضع اللبناني على جميع المستويات خصوصا بعد توقيع معاهدة "الاخوة والتعاون والتنسيق" بين البلدين. 



11-إميل لحود

انتخب إميل لحود رئيسا للجمهورية في 15 نوفمير 1998، بغالبية مطلقة في مجلس النواب بعد تعديل الدستور وإضافة فقرة تسمح بانتخاب كبار الموظفين لرئاسة الجمهورية وبصورة استثنائية. 

في بداية عهده قتل 4 قضاة داخل مبنى قصر العدل في صيدا، ولاحقًا انسحب الجيش الإسرائيلي من الجنوب والبقاع عام 2000. شهد عهده خلافات حادة بينه وبين الرئيس رفيق الحريري الذي اغتيل في 14 فبرابر 2005 خلال الولاية الممددة للحود ووجهت المعارضة أصابع الاتهام الأولى إلى لحود والنظام السوري. وفي عهده، أدّت الضغوط الدولية التي مورست بعد اغتيال الحريري وتظاهرة 14 مارس إلى انسحاب الجيش السوري في 26 أبريل 2005 من لبنان بعد اعوام من الاحتلال السوري. وعلى رغم محاولة المعارضة إسقاطه في الشارع إلا أنه ظل في منصبه حتى نهاية عهده.

12- ميشال سليمان

انتخب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية في 25 مايو 2008 بغالبية 118 صوتا من أصل 128. شهد عهده انفجار تداعيات التورط في الحرب السورية وأبرز ما ميزه إعلان بعبدا لتحييد لبنان عن هذه الحرب ولكنه لم ينفذ. لم يسلم الرئاسة إلى رئيس منتخب بسبب الخلافات السياسية، التي أدخلت البلاد في فراغ رئاسي طويل دام سنتين ونصف سنة تقريبا.



13- ميشال عون


انتخب العماد ميشال عون رئيسا للبنان يوم 31 أكتوبر من العام 2016، ليدخل قصر بعبدا حاملا الرقم 13 في قائمة رؤوساء الجمهورية اللبنانية، وتولى عون رئاسة الدولة بصفقة سياسية مع رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.

واعتبر انتخابه انتصارا لحزب الله وإيران، على حساب السعودية التي انسحبت طواعية من الملف اللبنانى وتركت الساحة خالية لطهران تدير دفة السياسة في بيروت.

ولد ميشال عون وترعرع في عائلة مارونية متوسطة الحال في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. أنهى دراسته الثانوية في مدرسة "الفرير أو الأخوة" عام 1955، مدرسة اعتاد ارتيادها أبناء الطبقة البرجوازية في بيروت، وتميّز بمستواه العالي في اللغة العربية. انضم إلى الأكاديمية العسكرية كضابط متمرن وتخرج فيها بعد ثلاث سنوات كضابط مدفعية في الجيش اللبناني.

تسلق "الجنرال"، وهو اللقب الذي يطلقه عليه مؤيدوه والمؤمنون بحركته السياسية، سلّم الطبقات الاجتماعية عندما كرس حياته المهنية للسلك العسكري. خلال تدرجه في المؤسسة العسكرية، أبهر عون مدربيه... تخصص في سلاح المدفعية، وتم إرساله ضمن بعثات خارجية، خاصة إلى فرنسا والولايات المتحدة، لاستكمال تدريبه.

بعد تدرجه في السلك العسكري وخدمته في العديد من المناطق اللبنانية، ومع اشتداد وتيرة الحرب الأهلية اللبنانية، عين ميشال عون عام 1983 قائدا للواء الثامن في الجيش اللبناني. وقام مع مجموعته بصد هجوم ميليشيا الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وميليشيات أخرى موالية للنظام السوري في منطقة سوق الغرب المطلة على كامل بيروت الجنوبية، والتي إن سقطت كانت ستهدد وجود الدولة اللبنانية.

إنجاز عسكري باهر مكنه وعن عمر 49 عاما من أن يُعيَّن قائدا للجيش اللبناني، ليصبح بذلك أصغر ضابط يتولى هذا المنصب في تاريخ الجمهورية اللبنانية. ظروف الحرب الصعبة المرافقة لتوليه هذا المنصب دفعته إلى تعزيز ما تبقى من مواقع للجيش اللبناني في المناطق المحايدة. 
الجريدة الرسمية