هل هناك إدارة لأزمة السياحة الحالية ؟
شرفت بإقامة وإدارة حلقة نقاشية حول أزمة السياحة من خلال لقاء أعدته مؤسسة «كوادر» للدراسات والتنمية حضرها مجموعة من الخبراء والأكاديميين في مجال السياحة، مما دفعنى إلى الكتابة اليوم حول هذا الموضوع المهم.
فلا يختلف أحد على أن مصر تعيش منذ ثورة يناير 2011 أسوأ أزمة سياحية واجهتها، وجميعنا يعرف أن الوضع ازداد تأزمًا بعد ثورة الثلاثين من يونيو؛ بسبب ما شهدته مصر من أعمال إرهابية جاءت كرد فعل على عزل الإخوان وإبعادهم شعبيًا عن الحكم.
قد ينسى البعض قوة وضراوة الأحداث الإرهابية والتفجيرات التي كانت تحدث داخل المدن الكبرى وداخل العاصمة؛ ولكننى أذكركم وأذكر نفسي بها.. وعلى الرغم من انحسار الأعمال الإرهابية أو قل الحرب ضد الإرهاب في شمال سيناء فإن بعض العمليات الكبيرة على شاكلة تفجير الطائرة الروسية والطائرة المصرية التي كانت قادمة من فرنسا، بالإضافة إلى أزمة الباحث الإيطالي ريجينى كانت قادرة على التأثير بقوة فى السياحة المصرية.
وتواجه السياحة كنشاط حساس العديد من المعوقات التي تخلق أزمات سياحية منها الكوارث الطبيعية أو البشرية أو الاجتماعية السياسية ومنها العمليات الإرهابية والتمرد والشغب إلى غير ذلك، ولا ينكر أحد أن العالـم كله عانى ولا يزال بدرجات متفاوتة من آثار الإرهاب على الاقتصاد عامة وعلى السياحة خاصة، كما أن المعاناة متفاوتة من دولة إلى أخرى فإن الأساليب المستخدمة لمواجهة مثل هذه الأزمات متفاوتة أيضًا من دولة إلى أخرى، فهناك دول تتعامل مع الأزمة بشكل علمى وعملى وتجيد إدارتها للخروج منها بأسرع ما يمكن، وهناك دول أخرى تتعامل مع الأزمات بطرق عشوائية وبجهود متناثرة لا تجمعها خطة معينة أو إطارًا محددًا.. وأعتقد أن مصر من المنضمين للفريق الأخير، فمنذ حدوث الأزمة السياحية الأخيرة، لا سيما بعد تفجير الطائرة الروسية لم نر أو نسمع عن تشكيل فريق لإدارة الأزمة تشرف عليه وترعاه الوزارة المنوطة بالسياحة في مصر "وزارة السياحة".
إن أول ما يجب عمله لإدارة الأزمة هو تشكيل فريق لإدارتها وأن يكون مُشكلًا بعناية، ولا يجب أن يقتصر على المسئولين الحكوميين فحسب، وإنما لا بد أن يضم أصحاب المصلحة والمهنيين والأكاديميين، ويجب أن يقسم الفريق إلى مجموعات فرعية هي: مجموعة العلاقات العامة وتهتم بالمتابعات الإعلامية والتعامل مع وسائل الإعلام وأن يكون بها متحدث رسمي واحد عن فريق إدارة الأزمة ليتعامل بحساسية ومهنية مع وسائل الإعلام.
أما المجموعة الثانية فهى مجموعة التسويق، ولعل أكثر الأوقات حاجة إلى الجهود التسويقية هي فترات الأزمات، وتهتم هذه المجموعة بصورة مصر السياحية بالخارج ومتابعة حركة السياحة العالمية والإقليمية وما حدث في اتجاهاتها من تغيرات، ومحاولة صياغة حلول عملية وفعالة منها على سبيل المثال الإعلان عن تخفيضات أو تعديل للأسعار أو الدعاية لمناطق أخرى داخل مصر تكون بعيــدة عن المنطقة أو المناطق التي شهدت الحوادث الإرهابية، ومنها أيضًا التركيز على وضع مصر في برامج الرحلات الإقليمية.. ويضم الفريق أيضًا مجموعة جمع المعلومات، عن حجم الأزمة وتقييم حقيقي لإثارها ومتابعة موقف دول العالم من مصر، وكذلك تقدير الوقت المتوقع للخروج من الأزمة.
وأخيرًا الفريق الإعلامي، ودوره يتركز في مراقبة الإعلام العالمى والرد بالحقائق على أي ادعاءات أو تضخيم لبعض الأحداث في مصر، والتعامل مع وسائل الإعلام الغربية وتقديم النصح لوسائل الإعلام الداخلية بعدم التركيز على الوقائع والأحداث الإرهابية بالشكل الذي يعكس صورة مرعبة للخارج.
ولابد أيضًا من دراسة صياغة علاقات جديدة مع شركات التأمين العالمية ومع شركات الطيران الكبرى وشركات السياحة الكبرى، فالواقع أن شركات السياحة والتأمين والطيران يشكلون المثلث الذي يحدد الاتجاهات الرئيسية للسياحة الدولية.. وختامًا أُعيد التساؤل الذي بدأت به مقالى.. هل هناك إدارة لأزمة السياحة الحالية في مصر؟ هل من مُجيب؟