رئيس التحرير
عصام كامل

الشيعة فى عيون قبطية.. تكشفها وثائق دير سانت كاترين.. الفائز والعاضد تعهدا بحماية الرهبان ..والعزيز بالله عين عيسى بن ناسطورس وزيرا له

فيتو

أكدت الدراسة العلمية للدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء أن الإسلام جاء بالتسامح والسلام لكل البشر وتضمنت آيات القرآن الكريم هذه الدعوة ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
- الاعتراف بكل الأديان والرسالات السماوية السابقة 
يقول تعالى : " والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون" سورة البقرة آية 4 
" أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " سورة البقرة آية 285 
- عدم إكراه أى شخص على ترك دينه 
يقول تعالى : "ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " سورة يونس 99
- مجادلة أهل الكتاب بالحسنى 
يقول تعالى : "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن أن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين " سورة النحل 125 
" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون " سورة العنكبوت 46 
- مجاهدة المشركين حتى لا يعتدوا على أهل الملل المختلفة فيهدموا أماكن عبادتهم 
" الذين أخرجوا من ديارهم بغبر حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره أن الله لقوى عزيز" سورة الحج 40 والصوامع جمع صومعة وهى قلاية الراهب والبيع جمع بيعة وهى كنيسة النصارى والصلوات هى كنائس اليهود 
ريحان يؤكد أن الوثائق الإسلامية المحفوظة بمكتبة دير سانت كاترين ثانى مكتبة عالمية بعد الفاتيكان تتضمن دعوة للسلام بين البشر وهى مجموعة من الوثائق العربية الصادرة من ديوان الإنشاء بمصر فى عهد الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين إلى الدير ورئيسه ورهبانه تؤكد حرص المسلمين على تطبيق تعاليم الإسلام ومنها من وثائق العصر الفاطمى 
وثيقة الخليفة الفائز 
منشور الخليفة الفائز (أبو القاسم عيسى) المؤرخ 551 هـ الموافق 1156م، طوله 488سم، عرضه 21سم، ويتضمن رعاية شئون رهبان دير كاترين وتأمين سلامتهم وأرواحهم وأموالهم ورد عدوان المعتدين وشمولهم بحسن الرعاية والعدل وتسهيل مطالبهم ومما جاء فيه (يحتوى على نطاق مملكتنا من أهل الذمة واعتمادهم بما نسبغ عليه ملابس الحنو والرحمة ليتساوى فى عدلنا الصغير والكبير ونشملهم من حسن مطرنا ما يسهل عليهم من المطالب) 

وثيقة الخليفة العاضد لدين الله 
منشور مؤرخ فى جمادى الآخرة 564هـ الموافق مارس 1169م يبلغ طوله عشرة أمتار يتضمن رعاية الرهبان واحترام عاداتهم وإعانتهم على إصلاح أمورهم فى أى مكان جاء فيه عن الرهبان ( رعاية جانبهم وتسهيل مطالبهم وحملهم على عاداتهم وانالتهم من الاحتفاء بهم غاية إدارتهم وأعانتهم على ما يعود بإصلاح أمورهم ويوجب انبساط آمالهم وشرح صدورهم ورعايتهم حيث كانوا من البلاد)

وبعيدا عن وثائق دير سانت كاترين فإن التاريخ يذكر أن الحكام الفاطميين أحسنوا كثير إلى الأقباط وعلى رأسهم العزيز بالله الذى تولى حكم الخلافة إثر تنازل والده المعز عنها عام 976، تشهد أقوال المؤرخين عن تسامحه فى معاملة الأقباط، وتقريبهم إليه فى الوظائف، كذلك اهتمامه بعمارة الكنائس وحراسة العمال القائمين من هوجات الغوغاء من المسلمين عليهم. عمل العزيز على إلغاء الفوارق الاجتماعية بين المسلمين والذميين، بل إنه دعا إلى المساواة بين كل المصريين دون النظر للدين.
تزوج العزيز من امرأة مسيحية ملكانية، وظلت زوجته وكذلك ابنته منها حريصتين على رعاية المسيحيين وخاصة الخلقدونيين، لذا عين العزيز تحت إلحاح زوجته نسيبيه أرسين وأرستيد بطريركين ملكانيين أحدهما للإسكندرية والآخر لأنطاكية.
بلغت الخلافة الفاطمية فى عهد العزيز أوج عظمتها، سواء على المستوى العسكرى من خلال الحروب والانتصارات التى أحرزها على البيزنطيين، سواء على المستوى الإدارى من خلال تنظيمه للأمور الإدارية وبيت المال من خلال تحديد مرتبات ثابتة للموظفين والقضاء على الرشوة.
ينتقده المسلمون كثيرا لاعتماده على أهل الذمة فى الوظائف العليا، كذلك اعتماده على من تراهم العامة مسلمين اسما، كيعقوب بن كلس، الذى كان يهوديا واعتنق الإسلام طمعا فى الوزارة، فعينه المعز مستشارا له وأمينا على بيت المال ثم عينه العزيز وزيرا له. بعد موت يعقوب بن كلس اختار العزيز عيسى بن نسطورس، المسيحي، ليكون وزيرا له. كذلك شرع للمرة الأولى بعدم تنفيذ حد الردة القاضى بمعاقبة من يترك الإسلام ويعتنق المسيحية بالموت. أمر العزيز بنقل كرسى البطريرك الغير خلقدونى من الإسكندرية إلى القاهرة ليكون قريبا منه، وأجله كثيرا وفوض له أمر ترميم وبناء الكنائس ، وحين اعترض الغوغاء من المسلمين العمل عين جنودا لحراسة العمل والعمال (مثل أثناء العمل فى كنيسة القديس مكاريوس بالفسطاط)، كذلك معاقبته للعامة المهاجمة للروم والمسيحيين فى الإسكندرية بعض حرق بعض الأسطول المعد لمحاربة البيزنطيين، ووصل عقابه إلى إعدام بعضهم.
لا شك أن علاقة الخليفة بالمسيحيين تركت أثرًا سلبيا فى نفوس المسلمين، وإن كانوا لم يقوموا بأعمال انتقامية ضدهم فى عهده فذلك لخوفهم فقط من عقاب الخليفة، ولكن تأصل الكره داخلهم نحو أهل الذمة بوجه عام ونحو الأقباط بوجه خاص، ووجد هذا الكره متنفسه بشكل كبير وقت حكم الحاكم بأمر الله.

الجريدة الرسمية