كاليفورنيا تفاجئ العالم بجامعة بلا مدرسين «تقرير»
نشرت صحيفة "هافينجتون بوست" تقريرا مترجما عن BBC، جاء فيه عرض لأحدث طرق التعلم على مستوى العالم، والذي ذكرت فيه أنه في ولاية كاليفورنيا، افتتحت هذا الشهر جامعة دون أي معلمين، وسميت الجامعة "42"، حيث أخذ الاسم من الإجابة عن معنى الحياة من سلسلة الخيال العلمي "دليل المسافر المتجول للمجرة".
وستقوم تلك الجامعة الأمريكية، التي هي فرع من مؤسسة في فرنسا تحمل نفس الاسم، بتدريب نحو ألف طالب سنويًا على كتابة البرامج وتطوير البرمجيات، من خلال حملهم على مساعدة بعضهم البعض في إتمام المشاريع، ثم تقييم أعمال أقرانهم، بحسب ما جاء في BBC.
وأشار التقرير إلى أنه قد يبدو هذا وكأن أعمى يقود أعمى، ومن الصعب أن نتخيل أولياء الأمور في يوم مفتوح يبدون إعجابهم بجامعة لا تقدم أي ساعات اتصال، ولكن منذ أن بدأت "42" في باريس عام 2013 كان الإقبال كبيرًا على الالتحاق بها.
لا توجد رسوم دراسية
وأوضح التقرير أن الخريجين الجدد الآن يعملون في شركات كشركة آي بي إم، وأمازون، وتسلا، كما أنشأ بعضهم شركته الخاصة، وكان الملياردير الفرنسي زافييه نيل، هو من أسس "42" مما يعني أنه لا توجد رسوم دراسية، كما أن الإقامة مجانية، ويأتي نيل وشركاؤه في تأسيس الجامعة من عالم التكنولوجيا والشركات الناشئة، وهم يحاولون أن يفعلوا للتعليم ما فعله فيس بوك للتواصل، وما فعله Airbnb للإقامة، ويهدفون إلى تنفيذ ذلك عن طريق الجمع بين شكل من أشكال "التعلم من الأقران"، مع "التعلم القائم على المشروع". كلا الأسلوبين له مؤيدوه بين الباحثين في مجال التعليم، لكنهما عادة ما ينفذان بإشراف المعلم.
وأضاف التقرير أن الطلاب في "42" يمنحون حق اختيار المشاريع التي يمكن أن تسند إلى مهندس البرمجيات، ربما تصميم موقع على شبكة الإنترنت، أو لعبة كمبيوتر، ويُكمل الطلاب المشروع باستخدام الموارد المتاحة مجانًا على شبكة الإنترنت، ويطلبون المساعدة من زملائهم الطلاب، الذين يعملون معهم في غرفة كبيرة مفتوحة مليئة بأجهزة الكمبيوتر، وبعد ذلك يُختار طالبٌ آخر بشكل عشوائي لتقييم عملهم.
كما هو الحال في ألعاب الكمبيوتر التي يطلب من الطلاب تصميمها، ينتقل الطالب إلى المستوى الأعلى خلال الانتهاء من المشروع، ثم يتخرجون حين يصلون إلى المستوى 21، الذي عادة ما يستغرق من 3 إلى 5 سنوات. وفي النهاية يحصل الطالب على شهادة، ولكنها لا تعتبر درجة علمية رسمية.
روح المبادرة
يدّعي مؤسسو هذه الطريقة في التعلم أنها تتلافى أوجه القصور في نظام التعليم التقليدي، الذي يشجع الطلاب على أن يكونوا متلقين سلبيين للمعرفة، وتقول بريتاني بير، الرئيس التنفيذي للعمليات بجامعة "42" في ولاية كاليفورنيا، التي تخرجت في شقيقتها الباريسية: "ردود الفعل التي تصلنا من أصحاب العمل أن خريجينا هم أكثر قابلية للبحث عن المعلومات بأنفسهم، بدلًا من أن يسألوا رؤساءهم عما يجب القيام به".
التعلم من الدارسين
"التعلم من الأقران يزوِّد الطلاب بالثقة للبحث عن حلول بأنفسهم، في كثير من الأحيان بوسائل مبتكرة جدًا وبارعة"، وتقول بير إن خريجي "42" سيكونون قادرين على العمل مع الآخرين ومناقشة أفكارهم والدفاع عنها، وهي مهارة مهمة في "العالم الحقيقي"، وتضيف: "هذا مهم بشكل خاص في مجال برمجة الكمبيوتر، حيث يشتهر المشتغلون بهذا المجال بأنهم يفتقرون إلى بعض المهارات الشخصية".
وجاء بالتقرير أن فكرة التعلم من الأقران ليست جديدة، والعديد من الجامعات والمدارس تستخدمها بالفعل، لا سيما في المناهج التعاونية، مثل الهندسة، وقد قيل أن أرسطو استخدم "archons"، أو القيادات الطلابية للمساعدة في تعليم طلابه، ولكن الأبحاث أظهرت مؤخرًا أن التعلم من الأقران يمكنه أن يساعد الطلاب على فهم أي موضوع بصورة أفضل.
يقول خبير التعليم الأستاذ فيل ريس، إن الموضوعات الصعبة تكون أسهل عندما يشرحها شخص تعلمها منذ وقت قصير، ويقول البروفيسور دان بوتين، العميد المؤسس لمدرسة التعليم والسياسة الاجتماعية في كلية ميريماك في ولاية ماساشوستس، إن التعلم من الأقران والتعلم القائم على المشروع يجب أن يستخدم على نطاق أوسع في المدارس والجامعات، كما يضيف أنها "أدوات تعليمية أفضل بكثير" من المحاضرات، التي عادة لا تتحدى الطريقة التي يفكر بها الطلاب، لكنه يعتقد أن 42 قد جاوزت المدى عن طريق إلغاء المعلمين تمامًا. وتشير أبحاثه إلى أن التعلم من الأقران يكون أكثر فاعلية عندما يكون الطلاب تحت إشراف معلم خبير.
و يقول: "تكمن أهمية المعلم في توجيه الطلاب للتعامل مع القضايا المعقدة والغامضة والصعبة، التي عادة ما تكون خارج الوعي الذاتي للطلاب، أو أعلى من قدراتهم"، ويضيف بوتين: "المدرسون البارعون قادرون على توجيه الطلاب إلى ما أُسميه "لحظات الاكتشاف"، فيقول الأستاذ بوتين: "الهدف الأول للجامعة" هو تحدي معرفة الطالب وافتراضاته المسبقة عن العالم. يمكن لجامعة دون معلمين أن تسمح للطلاب بمجرد "تعزيز واجترار" آرائهم المسبقة.
وأوضح التقرير أن نموذج "42" يعتبر بديلًا عن "Moocs" (الدورات المفتوحة واسعة النطاق على الإنترنت)، التي تتيح لأعداد كبيرة من الطلاب أن يدرسوا أي مادة عبر الإنترنت بمقابل زهيد، فهو يوفر التعليم بأسعار معقولة مقارنة بالجامعات التقليدية، ولكنه يمنح الطلاب الفوائد الاجتماعية للحضور إلى المقر والتفاعل مع الآخرين كل يوم، ويأتي افتتاح 42 أيضًا بعد ظهور "أكاديميات البرمجة" في الولايات المتحدة، التي تقدم دورات مكثفة قصيرة لآلاف من الطلاب الراغبين في الاستفادة من ارتفاع الطلب على مطوري البرمجيات.
الطلاب لديهم دوافع ذاتية
تعترف بريتني بير، أن أساليب 42 لا تناسب جميع الطلاب. خلال فترة الاختيار التي تمتد لمدة شهر، تراجع بعض المتقدمين بسبب ضغوط العمل عن قرب مع المجموعة. فمن السهل أن نتصور رد فعل سيئًا لعلامة سيئة إذا أعطيت من قبل الطالب الذي يجلس بجوارك، وعلى حد قولها: "يناسب هذا الأسلوب الأفراد المنضبطين الذين لديهم دوافع ذاتية، والذين لا يخافون من وجود حرية للعمل على وتيرتهم الخاصة".
ويقول نيكولا ساديراك، مدير 42 في باريس، إن النموذج يعمل بشكل جيد خاصة مع الطلاب الذين قد أُحبطوا بسبب سلبيات نظام التعليم العادي، ويضيف: "نظام التعليم في فرنسا يخذل الكثير من الطلاب المتحمسين، الذين يشعرون بالإحباط جراء إملاء ما يجب عليهم القيام به وكيفية القيام بذلك".