رئيس التحرير
عصام كامل

الترويج للهزيمة في زمن النصر!!


في معمعة الدوامات الإعلامية التي تدير حملات الإثارة صحفيًّا وفضائيًّا وافتراضيًّا يصعب متابعة كل المزايدات التي تصل إلى حد الخطية، والتي لم تستثن منها حرب أكتوبر المجيدة – عندما هاجم بعض الكتاب ومرتزقة الفضائيات في تكرارية مملة متسائلين: هل حرب أكتوبر هزيمة أم نصر؟ بعد أربعة عقود تغيرت فيها مفاهيم الإستراتيجية على إثر نتائجها، لكنهم في تخبط اللاوعي عرضوا سلسلة من الأحداث خلال أربعة عقود وصناعة خيوط للربط بينها، وصولًا لهدف واحد هو أننا في زمن الهزيمة، هذا بالرغم من اعتراف جميع مراكز البحوث والدراسات الدولية والإسرائيلية منها بنصر أكتوبر العظيم المصري العربي، لكنها المبارزات مع طواحين الهواء محاولة للعودة بنا إلى الديماغوجية والمزايدة بين الناصرية والساداتية والمباركية؛ وصولًا إلى السيساوية.


وفي هذا السياق وربطًا بما هو آت، فإن الهزيمة كانت عربيًّا ومعنويًّا مع النكبة وضياع فلسطين عام 1948م، أما نكسة 1967 فكانت هزيمة للمشروع القومي العربي، وللتاريخ، في الأولى لعبت بريطانيا والثانية أدت الولايات المتحدة دورا صب في تحقيق المشروع الصهيوني القديم الجديد، تلك هزائم عربية شاركنا فيها باختيارنا الخاطئ للحليف ولم ندرك ابعاد المخطط العالمي لهزيمة العرب.

أما الحديث عن هزيمة راهنة لمصرنا دون تسمية للمنتصر بهدف تشويه التاريخ، فإني أرى وجهة نظر مغايرة تمامًا لما طرحه المتناحرون إعلاميًّا، فمصر شعبًا وجيشًا في أوج انتصاراتها بعد هزيمة مخطط دولي اعترفت السيدة هيلاري الرئيس المرتقب للولايات المتحدة بتواطؤ موقع رسمي مع الرئيس الخائن مرسي..

لقد تحمل الجيش منفردًا كل أخطاء سنوات ما بعد 25 يناير ولم يتقاعس عن دوره أو تحمله مسئولية إنقاذ وطن من الضياع ولم يكتشف هذه الحقيقة إلا من أدرك أبعاد الصراع الدولي، وعلى رأسهم بعض دول الخليج مثل: المملكة العربية السعودية.، وغاب عن دعاة الهزيمة أن العام القادم يمر 50 سنة على نكسة 1967 واحتلال الأرض وأربعين عامًا على استرداد مصر أراضيها بعد معركة سلام أشد ضراوة من الحرب الم يكن هذا نصرا، فإن تكرار الحديث عن هزيمة معاصرة هو نفس نغمة حديث الهزيمة التي يتشدق بها البعض في حملة ضارية لإرباك الدولة شعبًا وحكومة لعرقلة مسيرة التنمية الشاملة ظنًا وتربصا منهم أن دولة مصر تسقط لغلاء المعيشة، وتلك وجهة نظر أحادية أقرؤها بين سطور وفقرات البرامج الفضائية تعبيرًا عن رؤية الأوصياء وعلى رأسهم حاشية البرادعي وأقطاب الإخوان الإرهابية، وأعتقد أن هذه الجوقة مجتمعة هي التي منيت بالهزيمة في 3 يوليو يوم استعادة الثورة لمالكيها الحقيقيين وهم الشعب وفي طليعاتهم الشباب لما قدمه من تضحيات منذ 25 يناير، 2011م وحتى اللحظة.

إن محاولات استعارة التاريخ وتوظيفه لأهداف سقطت ومحاولة تشويه رموزه إنما تأتي ضمن سلسلة حلقات مدبرة ضد استقرار الوطن، فشعب مصر هو الحاكم والحكم ولن يقبل بأوصياء أو أدعياء، ويرفض تزييف الواقع الذي نعيشه مقارنة بدول تسونامي خريف العربي بالرغم من الأزمة الاقتصادية الطاحنة والحصار الدولي على مصر.

وهذا غير محاولات تطوير سيناريوهات الفوضى الخلاقة من خلال الزج بمصر في معارك افتراضية مع دول عربية صديقة وقفت بجانبنا في كل محنة تعرضنا لها، والدعوة صريحة وهى مغرضة لإثارة الجماهير تحت زعم أن هنا ثورة للجياع وكأن الحديث عن دولة فاشلة أو مناطق ضربتها الطبيعة بضراوتها الكارثية، في نفس الوقت التي تؤكد فيه التقارير الدولية أن مصر قبل عام 2020م سوف تحقق معدلات تنمية عالية بمشيئة الله.

يعد نصر 3 يوليو محصلة لرفض شعبي لنظام فاشي فاشل استولى على السلطات بآليات ودعاوى دينية باطلة مقتحمًا المشهد ونجحت الثورة داخليًا في إيقاف مسلسل أخونة مؤسسات الدولة، وإيقاف مشروع ميلشيات الإخوان بديلًا عن جيش مصر العريق، وإعادة هيبة القانون المحاصر داخل محاكمه، وتحرير الإعلام من سطوة الفكر المتطرف والأخير بالرغم من تحريره ولم يتعلم رموزه الدرس خاصة نجوم " التوك شو" الذين ما زالوا يدينون بالولاء لمن يدفع لتنفيذ أجندة الفوضى تحت زعم الحرية وحماية مدنية الدولة.

إن فكرة الهجوم على نظام حاكم لإسقاطه وتحميل النظام مسئولية فساد مجتمعي وهو الأكثر يعني محاولة تفكيك القوى الاجتماعية المؤيدة للنظام من قبل دعاة الهزيمة والمتربصين به، وتوجيه دفة الأمور إلى عدم الاستقرار، وكأنهم في غيبوبة عن أهم إنجازات النظام وأخرها المؤتمر الوطني الأول للشباب في مدينة السلام ( شرم الشيخ ) والدفع بهم في مقدمة الصفوف بعد تأهيلهم.

إن مفهومي النصر والهزيمة ليس في حاجة لإعادة تعريف أو شرح؛ لأن الواقع أبلغ رد على محاولة استخدام رزاز حبر الأقلام والأصوات الحنجورية لتشويه متعمد للتاريخ لمجرد الصيد في الماء العكر.

إن النصر الحقيقي قد كان بكسر التبعية الخارجية بالثورة الشعبية التي لم تتدخل فيه قوى دولية أو تدعمها سفارة أجنبية، وكان القرار مستقلًا في 3 يوليو بالالتفاف من كل القوى والاتجاهات والتيارات الوطنية المخلصة لهذا الوطن حول خريطة المستقبل التي تمت بسلام وما تلاها من إنجازات من خلا بناء هيكلة مؤسسات الدول بصورة ديموقراطية، ويكفي أن نستشهد بأول قرار إستراتيجي لمؤسسة الرئاسة ويعد فوز الرئيس السيسي دليلًا غير وحيد على استقرار القرار المصري بتعدد وتنويع مصادر السلاح.

وأي منصف يرى أننا في زمن النصر وليس الهزيمة لإسقاط المخطط الإخواني وإستراتيجية الفوضى الأمريكية كما سقط معها كل مؤيديها وداعميها من تركيا وبعض العواصم العربية المغرر بهم.

وسوف تثبت لنا الأيام المقبلة وعي شعب مصر العظيم في مواجهة كل حملات التشكيك في الإنجازات وأن يوم 11/11 هو جولة من جولات الفشل وسقوط نهائي للفوضى الإخوانية بنكهة تركية أمريكية.
الجريدة الرسمية