شعوب وأنظمة
في التنظيمات الفاشية يتم إعلاء قيمة التنظيم على قيمة الفرد، الفرد لا قيمة له، هو لا شيء، أما التنظيم فهو كل شيء، لذلك يقولون للفرد "التنظيم بك أو بغيرك، أما أنت فلا شيء بدون التنظيم".. ونظرا لتسيد هذا المفهوم، فإن تلك التنظيمات لا تهتم بالفروق الفردية بين الأفراد، إذ كل ما تبتغيه الجماعة من الفرد هو الطاعة والجندية، فيتحول الأفراد إلى ما يشبه الآلات التي تتحرك إذا ما ضغط أحدهم على الزر الخاص بها، ولكن في دنيا الناس الأمر يسير على غير ذلك، فالمهم هو الفرد لأنه هو الذي سيقدم لمجتمعه، وقد أكد الله هذا الاختلاف بقوله "ورفع بعضكم فوق بعض درجات"، بل إن سيدنا إبراهيم عليه السلام كان يعدل أمة كاملة، ألم يقل الله تعالى فيه "إن إبراهيم كان أمة"، وهكذا نجد أن الله جعل الناس درجات ولا معقب لحكم الله.
وفي التاريخ تجده وقد امتلأ بالعباقرة والخاملين، بالقادة والجنود، بمن ردد الزمان ذكرهم، ومن ضاعوا في أدراج النسيان، فهناك في فرنسا كان نابليون القائد الفذ، وفي روسيا كان لينين وستالين، وفي بريطانيا تشرشل، وفي مصر سعد زغلول وجمال عبد الناصر، وفي بلاد الحجاز كان الملك عبد العزيز آل سعود، وفي الإمارات كان الشيخ زايد رحمه الله، كل هؤلاء كانوا قادة وزعماء تحينوا اللحظة التاريخية، وقادوا أممهم ورفعوا قدرها بين الدول، وفي أيامنا هذه رجال انتخبتهم الأقدار ليكونوا قادة للأمة في فترة فارقة في تاريخ بلادنا، وقد راودتني نفسي أن أغمط حقهم، أو قل غلبني الحياء أن أذكرهم، فأنا أعلم أن الحديث عنهم لن يزيدهم، فآثرت أن أتحدث عن المواقف والمهمات التي حملوها حين ألمت بالأمة الملمات..
فهل ينسى أحد الموقف الذي اتخذه الرئيس السيسي عندما ثار الشعب على حكم الإخوان، كان بإمكانه أن يقف مع الإخوان، ولكنه وقف مع مصر بشعبها وتاريخها، انحاز لإرادة الجماهير رغم خطورة موقفه، ورغم ما تعرض له من الإساءات من غلمان الإخوان، بل إن حياته نفسها تتعرض لأخطار من مؤامراتهم، لذلك وضعه الشعب المصري في مكانة عالية لم يصل إليها رئيس من قبل، وهو إلى الآن يسير بالبلاد في طريق التنمية، تحت شعار"لا تراجع لا استسلام" وهناك أيضا الرئيس السابق عدلي منصور الرئيس الحكيم الذي قاد البلاد في أخطر فترة عبر تاريخها كله، وكانت ابتسامته الهادئة تبعث الثقة في نفوس الناس، وبعد أن انتهت مهمته عاد من جديد إلى صفوف الشعب مصريا خالصا.