رئيس التحرير
عصام كامل

مؤتمر الشباب.. وعبقرية الأم المصرية!


في جميع الاحتفالات التي نقيمها في ذكرى انتصارات 6 أكتوبر المجيدة، وخاصة الإعلام، يهتم ونهتم بالأبطال الذين استشهدوا، أو الذين لايزالون على قيد الحياة ولهم بطولات، وأحيانا نشير إلى أم الشهيد الفلانى، أو زوجة البطل العلانى، ولكن الحقيقة هناك بطولات من الأم المصرية قد تفوق الخيال، وتتجاوز بطولات الشهداء وأبطال المعارك.


أولا.. نذكر هنا معنى حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال لأصحابه: إياكم وذل القبر..إياكم وذل القبر! وعندما سألوه ما ذل القبر؟ قال: موت الأبناء! وكان قصد سيدنا رسول الله أن أصعب موقف للإنسان موت إبنائه في حياته!.

وبالرغم من هذا تعالوا نتعرف على بعض من بطولات الأم المصرية في إيمانها القوى بانتمائها لتراب الوطن.
في عام 1956 كان الشاب حمدى بخيت طالبا في كلية طب الأسنان، وجاء خبر استشهاد شقيقه الضابط الشاب في حرب العدوان الثلاثى على مصر، فما كان من والدته إلا أنها أخرجته من طب الأسنان وقدمت أوراقه إلى الكلية الحربية، ليكون ضابطا في جيش بلاده، امتدادا لأخيه ويثأر له ولبلده، وحاليا ربنا يعطيه الصحة والعافية اللواء حمدى بخيت!

ويروى اللواء أحمد رجائى أحد ابطال الصاعقة المصرية الأفذاذ، أنه كان متفوقا، وحصل على مجموع يحقق له حلمه بالالتحاق بكلية الهندسة، وعندما أبلغ والدته برغبته في تحقيق حلمه، فقالت: أمال مين اللى هيطلع اليهود من فلسطين ويبعدهم عن مصر! وأصبح هو وشقيقه أشرف رجائى بعد ذلك من أبطال القوات المسلحة في كل حروبه حتى انتصار 6 من أكتوبر 73 !

ويروى العميد مجدى عثمان عباس عن السيدة عصمت ماهر رشدى، كانت زوجة اللواء عباس فهمى، وأصرت على إلحاق أبنائها الكبير والثانى للكلية الحربية من أجل تحرير الأرض، وكانت الفاجأة عندما استشهد ابنها الأوسط وعلمت وهى في مرض الموت أوصت أن يلتحق الابن الأصغر أيضا لإحدى الكليات العسكرية بالرغم من استشهاد ابنها الأوسط وأكيد حزنها الكبير عليه!

وأيضا السيدة نهلة أحمد حسن التي ألحقت ابنها الوحيد أحمد حسن -تشابه مع اسم الأم- في إحدى الكلية الحربية لينضم إلى جيش مصر في حرب الاستنزاف ويحقق بطولات فيها وفى انتصار حرب أكتوبر المجيد !

ويذكر د.نبيل الطوخى أستاذ التاريخ أنه عندما حصل على لينساس الآداب وعاد مسرعا ليبلغ والدته أنه أنهى دراسته، وطلب منها أن تدعو له بألا يدخل الجيش حتى يتفرغ للدراسات العليا! فقالت في حسم: مايدخلش الجيش إلا الرجالة! يقول عن هذا الموقف د.نبيل أنه شعر بالخجل من نفسه، وأن كلمات والدته كانت بمثابة نقلة في تكوينه الإنسانى وانتمائه لتراب وطنه.

مؤكد هناك الكثير والكثير من هذه النماذج ولعلها تكون قدوة للأم المعاصرة، قدوة للشباب، قدوة للأجيال التي لا تشعر بقيمة تراب الوطن..

صديقى القارىء.. لابد أن نشير هنا إلى أهم ملمح مشترك بين جميع هؤلاء الأمهات، إنهن لم يلتحقن بالمدارس أو الجامعات، ولم يكن يعرفن القراءة والكتابة، ولم يكن لهن مصدر غير الراديو للتعرف على أحداث الدنيا، هن بطلات فوق العادة، بفطرتهن يدركن معنى الانتماء للوطن، بفطرتهن قدمن للوطن أبطالا أفذاذا نفخر بهم جميعا.. وشهداء ضحوا بحياتهم من أجل الوطن ليحيا.. من أجلنا.. وأولادنا وأحفادنا..هن البطولة ذاتها.. هن بطلات فوق العادة، قدمن فلذات أكبادهن باختيارهن لفداء الوطن.. وتحملن كل العذابات بكل رضى.. أما الأم التي أصبحت وزيرة وعميدة، ومديرة، ومهندسة، وطبيبة، يا ترى ماذا قدمن لمصر من خلال الأبناء؟

ما أحوجنا اليوم إلى فطرة الأم المصرية التي بسببها عبرنا المستحيل في السادس من أكتوبر 1973.. تحية للأم المصرية التي لم تعرف "مجرد فك الخط".

ملاحظة أخيرة..

بمناسبة مؤتمر الشباب في شرم الشيخ، لم أتابعه ولكن تابعت ما كتب عنه، وخاصة من معارضى سياسات الحكومة الحالية وطبعا السيسي، والحقيقة بدا أنه هناك إيجابيات غير متوقعة، ولكن لي ثلاث ملاحظات الأولى شكلية ولكنها مهمة، لماذا نقول أنه المؤتمر القومى الأول للشباب بالرغم أن د.صفى الدين خربوش رئيس المجلس القومى للشباب أقام مؤتمرين والاثنين كانا تحت رعاية رئيس الجمهورية أيضا، وأقيما في الأسنكدرية!

الملاحظة الثانية وهى الأهم كنت أتمنى أن يبدأ المؤتمر بتقديم تقييم علمى بكل التجارب السابقة، على الأقل نشعر لحظتها أننا لا نبدأ دائما من الصفر!

الملاحظة الأخيرة لماذا كان هناك السيد وزير الشباب؟ لا دور له ولا معنى لوجوده، والغريب حدث موقفان مخجلان له، الأول قرار السيسي بتشكيل إنشاء "مركز وطني للشباب" لتدريب وتأهيل الشباب الذين بصدد المشاركة في العمل السياسي لعمل كوادر شبابية قادرة على ممارسة العمل العام! وهذا يعنى فشل وزارة الشباب ووزيرها لا يعرف دوره، الشيء المخجل أنه وقف يطالب الدولة والحكومة، ونسى أن المطلوب منه هو ما يطالب به غيره! أما وزير الثقافة مشكورا هو الآخر تنازل عن دور الوزارة وأسنده للجيش والأزهر!.
الجريدة الرسمية