رئيس التحرير
عصام كامل

صادرات الأسلحة تضع ألمانيا طرفا في حرب اليمن

فيتو

صادرات الأسلحة الألمانية ارتفعت مجددا، وهي تشمل دولا مثل السعودية، وبما أن حكومة الرياض تخوض حربا في اليمن، فإن ألمانيا بصادراتها من الأسلحة أصبحت طرفا في تلك الحرب، كما يعتقد ماتياس فون هاين في تعليقه التالي: "الحكومة الألمانية تنهج سياسة تصدير أسلحة منضبطة ومسئولة"، هذا هو الاستحقاق المعلن عنه في كلام بديع على الموقع الإلكتروني لوزارة الاقتصاد الألمانية.


ومنذ الكشف عن مضمون تقرير صادرات الأسلحة الأخير بات واضحا أن ألمانيا لا تفي بهذا الاستحقاق، ليس فقط أن خمسة من بين أهم موردي العتاد الحربي من صنع ألماني يوجدون في مناطق توتر، بل المثير هنا أيضا هو أنه مع بلوغ مبيعات الأسلحة للسعودية ثلاثة أضعاف بقيمة بلغت نحو 500 مليون يورو، باتت ألمانيا على الأقل بصفة غير مباشرة طرفا في الحرب باليمن، علما أن تلك الصادرات بلغت 170 مليون يورو في النصف الأول من عام 2015.

وللتذكير نقول بأن أغنى دولة في العالم العربي تقصف منذ سنة ونصف السنة أفقر بلد في المنطقة وتدمره، وإحدى انعكاسات التدخل في النزاع اليمني الداخلي هو أنه يودي بحياة آلاف الضحايا المدنيين، ففي مطلع أكتوبر مثلا قُتل خلال قصف جوي سعودي على مجلس عزاء في العاصمة صنعاء 140 شخصا. 

كما استُهدفت مستشفيات في كثير من المرات الأمر الذي أجبر منظمة الإغاثة "أطباء بلا حدود" على سحب موظفيها من البلاد.

وتفيد بيانات الأمم المتحدة أن ثلاثة ملايين من الناس في البلاد لجؤوا إلى الهرب، كما أنه بالنسبة إلى أكثر من نصف مجموع 25 مليون يمني لم يعد تزويدهم بالغذاء مضمونا، والهجمات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية لم تساهم في وقف النزاع، المستفيد إلى حد الآن هما تنظيم القاعدة والجناح اليمني لما يُسمى بـ "الدولة الإسلامية".

العربية السعودية "عامل استقرار"؟
ويكشف تقرير صادرات الأسلحة أن السعودية أصبحت في الأثناء ثالث أكبر زبون لاقتناء الأسلحة من ألمانيا، وتلك الصادرات تشكلت بتسعين في المائة من حجمها من أجهزة لسلاح الجو: قطع غيار لمقاتلات وطائرات هليكوبتر وطائرات وتجهيزات التزود بالوقود جوا، ومن بإمكانه في برلين التأكيد بصفة ملزمة أن تلك الأسلحة لا تُستخدم في اليمن؟.

ويتم تعليل صادرات الأسلحة الألمانية بالإشارة إلى أن السعودية تُعد "عامل استقرار" في الشرق الأوسط، وبالنظر إلى تصدير الإسلام الوهابي وتمويل قوى جهادية يمكن تفنيد هذا الطرح أيضا فيما يتجاوز حدود اليمن.

ويبدو مثيرا للسخرية فيما يتصل بالسعودية الإعلان في تقرير صادرات الأسلحة أن "احترام حقوق الإنسان في البلد المستورد تلقى مراعاة خاصة" فمجلة „Economist" تصنف السعودية بين الدول العشر الأكثر استبدادا في العالم.

ومنظمة العفو الدولية تنتقد مملكة شيوخ النفط بتقييد سافر لحرية الرأي والتجمع. ولذكر مثال فقط، فإن الفائز بـ "جائزة حرية التعبير" الممنوحة من قبل دويتشه فيله، المدون رائف بدوي الذي قد يواجه حاليا جلدا إضافيا.

جزء ضئيل من الصادرات تم رفضه
الحصيلة المحزنة لتقرير صادرات الأسلحة لا تتحسن من خلال الإشارة الفخورة إلى أنه تم رفض 34 طلبا لصادرات أسلحة بقيمة 9.6 مليون يورو، فالصادرات إلى السعودية وحدها تجاوزت هذه القيمة بنحو خمسين مرة، وفي ارتباط مع المبلغ الإجمالي لأربعة مليارات يورو خلال الأشهر الستة الأولى، فإنه لم يتم رفض سوى 0.25 في المائة من قيمة مجموع الصادرات، وكيف توصل مؤلفو التقرير للاستنتاج أن الحكومة الألمانية "قيدت بشكل واضح سياسة صادرات الأسلحة مقارنة مع ولايات الحكم السابقة"، فهذا يبقى سرهم.
الجريدة الرسمية