رئيس التحرير
عصام كامل

كواليس أخطر أيام الحكومة..السيسي لـ«إسماعيل»: سيبك من شغل المكاتب واطلع اتكلم مع الناس.. صندوق النقد الدولى يفاجئ مصر بـ4 عقبات جديدة.. وتعليمات مشددة للوزراء خوفا من فخ البرلمان

 المهندس شريف إسماعيل
المهندس شريف إسماعيل

ينتمي المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة إلى المدرسة الكلاسيكية في الإدارة، يفضل الرجل متابعة أمور العباد من مكتبه الفخم في شارع "قصر العيني"، مكتفيا بالتقارير التي ترد إليه من الوزارات، من سوء حظه أنه جاء إلى الوزارة خليفة للمهندس إبراهيم محلب صاحب مدرسة النزول للشارع، ومتابعة ما يجري على أرض الواقع بنفسه، المقارنة بين محلب وإسماعيل لن تكون في صالح الأخير في كل الأحوال، ليس لأن محلب أو "البلدوزر" كما أطلق عليه السيسي، نجح في القضاء على أزمات مصر أو وضعها في مصاف الدول المتقدمة لكن الرجل بجولاته الميدانية وزياراته لمواقع العمل كسب ثقة المواطن البسيط ونجح في إيقاف تفاقم الأزمات، في الوقت الذي فشل فيه إسماعيل في مواجهة المشكلات واستسلم أمام أزمات كثيرة أرقت حياة المواطنين ومنها أزمة الأرز والسكر، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي عجز رئيس الحكومة الحالي عن وضع خطط للتعامل معه ووقف نزيف الخسائر اليومية بشكل جعل الجنيه المصري يهوي أمام الدولار الأمريكي الأمر الذي انعكس على أسعار السلع الإستراتيجية التي ارتفعت أسعارها في الأسواق بشكل مبالغ فيه.


وتمر حكومة إسماعيل مؤخرا بأخطر أيامها على خلفية الأزمات المتصاعدة التي ضربت الاقتصاد المصري في مقتل، مما جعلها في مرمى نيران مجلس النواب، الذي بدأ يفكر في الخلاص من هذه الحكومة التي باتت تشكل عبئا على الشارع المصري، بسبب الغلاء المتواصل في الأسعار وعدم تواجد السلع بالكميات المناسبة في الأسواق، إضافة إلى أن الحكومة تركت المواطن فريسة لمجموعة من التجار المحتكرين للسلع الرئيسية كالسكر والأرز.

تناول الرئيس عبد الفتاح السيسي الأداء الإعلامي في أكثر من خطاب، مشددا على حكومته عدم إخفاء الحقائق عن وسائل الإعلام، كما طالب وسائل الإعلام بتحري الدقة فيما ينشر من أخبار والرجوع للجهات المعنية للرد على ما يثار، بسبب خطورة تداول معلومات مغلوطة عن علاقة مصر بالدول الأخري.

وقالت مصادر حكومية مسئولة، إن سر نشاط المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، خلال الفترة الأخيرة يرجع إلى تعليمات رئاسية تلقاها من الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة تكثيف الاجتماعات والظهور باستمرار في كافة وسائل الإعلام للرد على ما يثار من شائعات تروجها وتستغلها جماعة الإخوان – المصنفة إرهابية - في الدعوة للتظاهر ضد النظام بما يعرف باحتجاجات 11/11.

وأضافت المصادر أن رئيس الوزراء حرص طوال الأسبوعين الماضيين على الإدلاء بتصريحات صحفية لمحرري مجلس الوزراء يوميا، إضافة إلى إجراء مقابلات لعدد من القنوات الفضائية ومداخلات مع كبار الإعلاميين من أجل الرد على ما يثار بشأن جلوس رئيس الوزراء في مكتبه دون التعامل مع المشكلات التي تؤرق الشارع المصري.

وأكدت المصادر أن رئيس الوزراء شدد على وزرائه خلال اجتماعات مجلس الوزراء وكذلك مجلس المحافظين بضرورة التواصل المستمر مع وسائل الإعلام، لاسيما في هذا الوقت الصعب، بعد أن أصبح رئيس الوزراء هو المادة الرئيسية لمعظم برامج التوك شو اليومية التي طالبت الرئيس عبد الفتاح السيسي بتغييره واتهمت إسماعيل بالإهمال وعدم القدرة على حل المشكلات الاقتصادية التي ضربت مصر مؤخرا.

وأوضحت المصادر أن ظهور رئيس الوزراء الأخير مع الإعلامية لميس الحديدي على قناة "سي بس سي" يعتبر الأول لفضائية خاصة منذ تعيينه رئيسا للوزراء بعد ظهور رئيس الوزراء في برنامج أنا المصري الذي يذاع على شاشة التليفزيون والمصري، وقبل رئيس الوزراء الدعوة للظهور من أجل إرضاء الإعلام والفضائيات التي قدمت عشرات الطلبات لمجلس الوزراء لإجراء مقابلات تليفزيونية.

مصادر أخرى بمجلس الوزراء قالت إن الحكومة تتعامل مع وسائل الإعلام باعتبارها شريكا أساسيا مع الحكومة وحلقة تواصل مع المواطنين، مشيرة إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار كثف من إصدار نشراته الدورية التي باتت تصدر بشكل أسبوعي للرد على ما يثار بوسائل الإعلام من مواقع إلكترونية ومواقع تواصل اجتماعي عن طريق التواصل مع كافة الوزارات والهيئات والمحافظات لتوضيح الحقائق للجمهور.

قرض الموت
يبدو أن قرض صندوق النقد الدولي سيؤدي إلى موجة غضب عارمة ضد حكومة شريف إسماعيل، ورغم تأكيد الحكومة في أكثر من مناسبة على أن مصر لن تقبل بشروط من شأنها الإضرار بالمواطن المصري أو العاملين بالدولة، إلا أن مصادر حكومية أكدت أن شروط صندوق النقد للحكومة أشبه بمهمة مستحيلة.

وقالت مصادر حكومية مسئولة إن الصندوق وضع 4 شروط تتحفظ عليها الحكومة تتعلق بإجراءات صارمة تشمل رفع الدعم كليا فيما يتعلق بالمواد البترولية "المحروقات"، وتكلفة وسائل المواصلات، فيما يتعلق بتذاكر المترو والقطارات، كما يتمسك الصندوق بزيادة سعر تذكرة المترو والقطارات.

وكانت تصريحات رئيس الوزراء بالسير في إجراءات تعويم الجنيه، سببا في زيادة سعر الدولار، ووفقا للمصادر فإن صدور مثل هذه التصريحات في هذا التوقيت جاءت كبالونة اختبار لتجار الدولار والعملة الصعبة الذين يخزنون العملة الصعبة لبيعها بسعر مرتفع.

وأوضحت المصادر أنه على الرغم من تصريحات رئيس الوزراء بشأن اتخاذ سياسة تعويم الجنيه كأحد اشتراطات صندوق النقد الدولي إلا أنه لم يتم الإعلان عن موعد الإعلان عن تعويم الجنيه، لعدم الإضرار بالسياسة النقدية المصرية حتى لا يستفيد من هذه التصريحات تجار العملة الصعبة.

وأكدت المصادر أن صندوق النقد الدولي لن يعطي مصر دولارا واحدا قبل تنفيذ الاشتراطات الكاملة التي ستدفع مجلس إدارة الصندوق للموافقة على إرسال الدفعة الأولى من القرض، إضافة إلى ضبط الجهاز الإداري للدولة من خلال تقليص أعداد العاملين بالدولة.

وقالت المصادر إن الدولة ستوقف التعامل مع العمالة المؤقتة والعاملين بالعقود السنوية للتخلص من الزيادة الرهيبة في الجهاز الإداري للدولة، لاسيما وأن معظم الهيئات والشركات الحكومية تخسر بسبب الإنفاق الهائل على المرتبات بما يبتلع هوامش الربح التي قد تحققها هذه الشركات.

وأضافت المصادر أن الشرط الرابع لصندوق النقد الدولي للحصول على القرض توفير مصر 6 مليارات دولار، وفي هذا الإطار قال رئيس الوزراء إن البنك المركزي وفر 80 % من قيمة الـ6 مليارات دولار، إلا أن المصادر تخوفت أن يكون تم تدبير المبلغ من الاحتياطي النقدي بعد أن تخطي الـ20 مليار دولار بتوقيع عقود الجيل الرابع من الاتصالات. 

وأشارت المصادر إلى أن تعويم الجنيه سيتسبب في ارتفاع نسبة التضخم لفترة طويلة وربما يصل معدل التضخم إلى 25% وهي أعلي نسبة تضخم شهدتها مصر طوال الـ10 سنوات الأخيرة.

حكومة ضد الغلابة
تسير حكومة شريف إسماعيل على الشوك منذ اليوم الأول على تعيينها، خلفا لحكومة البلدوزر المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق، فالمشكلات والأزمات تحاصر الحكومة من كل مكان، والتحديات كثيرة، لكن السياسات الخاطئة لوزراء هذه الحكومة فاقمت من الأزمات وأوصلت البلاد إلى مفترق طرق، فالقرارات المؤلمة التي تعلن عنها الحكومة، وستستمر في الإعلان عن الكثير منها، باتت هي الحل الوحيد أمام هذه الحكومة "قليلة الحيلة" والعاجزة عن مواجهة المشكلات إلا عن طريق إلقائها على كأهل المواطن البسيط.
 
فيما يتعلق بقرار الحكومة بتشكيل لجنة لتحديد هامش ربح للسلع، نفت مصادر حكومية نية المهندس شريف إسماعيل في فرض تسعيرة جبرية، مؤكدة أن عصر فرض التسعيرة الجبرية انتهى لاسيما وأنه يؤدي إلى رواج السوق السوداء للسلع بما يؤثر سلبا على التصنيف الائتماني الدولي لمصر.

لكن مصادر أخرى قالت إن على لجنة تحديد هامش ربح السلع التي شكلتها الحكومة أن يكون قراراتها استرشادية وليست إجبارية، لأن الإجبار يعني عودة التسعيرة الجبرية مرة أخرى لكن بمسمي مختلف مما يؤدي إلى نفور المستثمرين وعزوفهم عن السوق المصري، بما سيؤثر على فرص الاستثمار في وقت الحكومة أحوج ما يكون لزيادة فرص الاستثمار في السوق المصري في ظل ترقب المستثمرين لصدور قانون الاستثمار الجديد الذي بدأت الحكومة في مناقشته باجتماع مجلس الأخير الخميس الماضي والمنتظر إحالته لمجلس النواب منتصف الشهر المقبل.

وأوضحت المصادر أن السياسات الخاطئة التي ينتهجها وزراء حكومة شريف إسماعيل كانت سببا في زيادة الأزمات التي تعاني منها هذه الحكومة ومنها تسبب وزير الزراعة الدكتور عصام فايد في أزمة دبلوماسية مع روسيا أكبر حليف إستراتيجي لمصر في الوقت الحالي، بعد قراره برفض استلام شحنات القمح الروسي المصابة بفطر الإرجوت، رغم أن الاتفاقيات الدولية تسمح باستيراد القمح المصاب حتى نسبة 0.05 %، وهو ما أدي إلى تدخل مجلس الوزراء لتصحيح المسار بعد تأثر الصادرات المصرية إلى روسيا.

كما أن إهمال وزارة التموين ووزيرها الجديد اللواء محمد على مصيلحي تسبب في تفاقم أزمة نقص السكر لاسيما وأن الوزارة لم تقدر الأزمة بالشكل الصحيح، وتركت الأسواق بلا رقابة، بما مكن التجار من تخزين كميات هائلة من السكر، تسببت في شعور المواطن بوجود أزمة ومن ثم اضطر إلى تخزين كميات تكفيه ربما لشهور، وهو ما صنع العجز، إلا أن تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة في الأزمة وتدخل القوات المسلحة سيساهم في حل الأزمة في خلال أيام قليلة.

وأكدت المصادر أن سياسة وزارة الصحة ووزيرها أحمد عماد الدين كانت سببا أيضا في ظهور أزمة ألبان الأطفال لولا تدخل القوات المسلحة وتوفيرها للكميات المطلوبة بالأسعار المناسبة، وأرجعت المصادر السبب في هذه الأزمات لعمل الوزارات في جزر منعزلة عن المواطن وهو ما يؤدي إلى مفاجأة المواطنين بالقرارات الصعبة وعدم تمهيد الحكومة لهم قبل صدور مثل هذه القرارات.

كما أوضحت المصادر عدم التناغم الحكومي في أزمة وزارة الاستثمار مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس التي يرأسها أحمد درويش وزير التنمية الإدارية السابق، بسبب طلب الوزارة حضور اجتماعات الهيئة، مما اعتبروه تدخلا في السلطات لولا تدخل المهندس شريف إسماعيل لحل الأزمة.

البرلمان والحكومة "دونت ميكس"
علاقة حكومة المهندس شريف إسماعيل ومجلس النواب برئاسة الدكتور على عبد العال، قائمة على المصلحة المتبادلة، فالهجوم على الحكومة من جانب البرلمان يعني أن الحكومة لم تلتزم بتنفيذ طلبات النواب التي تمتلئ بها مكاتب المسئولين في مجلس الوزراء لاسيما مكتب تامر عوف مستشار رئيس الوزراء للاتصال السياسي وحلقة الوصل بين الحكومة وأعضاء مجلس النواب.

مصادر حكومية كشفت لـ"فيتو" توجه مجلس الوزراء بضرورة الموافقة على تنفيذ المشروعات والتوصيات التي تقدم بها أعضاء مجلس النواب للحكومة حتى يضمن شريف إسماعيل ورجاله استمرار الثقة التي منحها لهم البرلمان.. ومن أجل راحة أعضاء البرلمان خصصت الحكومة بوابة لدخولهم ومكتبا مجهزا لاستقبالهم، إضافة إلى المقابلات التي تتم بينهم وبين رئيس الوزراء بالتنسيق مع مستشاره للاتصال السياسي تامر عوف.

وقالت مصادر حكومية مطلعة إن رئيس الوزراء أكد على المحافظين والوزراء بحسن استقبال نواب البرلمان في مكاتبهم لاسيما بعد أزمة نواب محافظة الشرقية الذين يصل عددهم لـ30 عضوا مع اللواء خالد سعيد محافظ الشرقية، الذي رفض استقبالهم في مكتبه وأساء معاملتهم باصطحاب منافسيهم في الانتخابات في الجولات الميدانية.

وعلمت "فيتو" أن رئيس الوزراء حذر محافظ الشرقية من سياسته الخاطئة في معاملة النواب قائلا له "مجلس النواب طلب إقالتك يا سيادة المحافظ، حاول تستوعب النواب، وتقعد معاهم وتصفوا المشكلات"، يأتي ذلك بعد أن طلب نواب الشرقية التصويت على سحب الثقة من المحافظ بالجلسة العامة للبرلمان واتفقوا مع 400 نائب على التصويت بسحب الثقة، لأنهم يعتبرون أن الاعتداء على نواب الشرقية بمثابة اعتداء على نواب البرلمان بالكامل.

وصدرت تعليمات مشددة من رئيس الوزراء للمحافظين والوزراء بالتعامل بفاعلية مع توصيات ومقترحات النواب كون مجلس النواب شريكا أساسيا للحكومة في الإدارة، وحتى تكون الحكومة في منأي عن مدافع نيران البرلمان، في ظل عدم الرضا الشعبي عن أداء حكومة شريف إسماعيل.

فنكوش ترشيد الإنفاق
«يجب أن تكون الحكومة مثالا يحتذي به في الترشيد».. كانت هذه هي التعليمات الصادرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي للمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء والتي بصفته رئيسا للحكومة نقلها لكافة الوزارت والهيئات.

وامتثالا لتكليفات الرئيس حرصت اللجنة الوزارية الاقتصادية على دراسة كيفية تنفيذ التكليف وانتهت بإعلان خفض التمثيل الدبلوماسي للوزارت بنسبة 50 % والاكتفاء بكوادر وزارة الخارجية في السفر، كما قررت أيضا خفض السفر بالنسبة للوزارات بنسبة 25 %.

وعلمت فيتو من مصادر حكومية مسئولة أنه تقرر عدم سفر الوزراء على مقاعد الدرجة الاقتصادية، بعد أن هددت وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة غادة والي بإلغاء سفرها للخارج لعدم وجود مقعد لها بالدرجة الاقتصادية، توفيرا للإنفاق الحكومي، كما تفكر الحكومة أيضا في تخفيض المسئولين المرافقين للوزراء في السفر إلى الخارج.

كما أكدت المصادر أنه تقرر أيضا استخدام سيارات الوزراء بنزين 92 بدلا من 95، لاسيما بسبب رفع الدعم كليا عن بنزين 95 وارتفاع سعره، كما تقرر أن يكون موكب كل وزير مكونا من سيارة الوزير وسيارة للحراسة فقط، والاستغناء عن السيارة الإضافية للحراسة.

وأوضحت المصادر أن التعليمات الصادرة في شأن الترشيد تتضمن تفضيل المنتج المحلي وعدم الاعتماد على المنتجات المستوردة التي يوجد لها بديل محلي، توفيرا للعملة الصعبة.

وقالت المصادر الحكومية إن خطة الحكومة المرحلة المقبلة تعتمد على إنهاء التعاقد مع عدد كبير من المستشارين في الوزارات، بحيث لا يزيد عدد المستشارين لكل وزير عن اثنين فقط، ولا يزيد مرتباتهم عن 25 ألف جنيه، لاسيما وأن عددا من المستشارين بالوزارات يتقاضي الواحد منهم 100 ألف جنيه شهريا، مما يمثل عبئا حقيقيا على الموازنة العامة للدولة التي تشهد زيادة هائلة في نسبة العجز بها.
 
وعلي الرغم من تقشف مجلس الوزراء والالتزام بتعليمات الترشيد، أكدت مصادر حكومية أن عددا كبيرا من الوزارات لا تلتزم بالتعليمات كوزارة الموارد المائية والري والاستثمار والسياحة التي رصدت التقارير ارتفاع الإنفاق الحكومي في هذه الوزارات.

عجز الموازنة يضرب "مشروعات السيسي"
تعاني الحكومات المتعاقبة على إدارة مصر منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتى الآن، من ارتفاع العجز في الموازنة العامة للدولة، وقلة مصادر تمويل الخزانة العامة للدولة، بما ساهم في اتباع سياسة الاقتراض من الخارج وهو ما أدي إلى زيادة نسبة الدين الخارجي لنسبة 100 % تقريبا من الناتج المحلي بما شكل خطرا حقيقيا على مستقبل مصر، ودفع حكومة شريف إسماعيل لاتخاذ قرارات مؤلمة للحصول على قرض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

مصادر بوزارة المالية أكدت أن العجز في موازنة الدولة أثر سلبا على المشروعات الكبرى التي يتبناها الرئيس السيسي والجاري تنفيذها، بسبب عدم وجود تمويل لاستكمالها، وهو ما أدي إلى توقف هذه المشروعات تماما، ورغم إعلان الحكومة الانتهاء من جميع المشروعات المتوقفة والجاري تنفيذها بنهاية عام 2018 إلا أن التمويل يقف عائقا أمام اية التزامات حكومية.

ولتقليص العجز في الموازنة العامة للدولة اضطرت الحكومة إلى تحريك أسعار كثير من السلع لاسيما السلع المستوردة من الخارج، فيما يتعلق بالسلع الخدمية والمستلزمات السلعية، وهو ما أدي إلى تدهور القوة الشرائية للنقود مع ازدياد حدة الضغوط التضخمية وارتفاع الأسعار، مع وجود مخصصات الدعم السلعي، وارتفاع تكلفة الاستثمارات نتيجة الفساد الإداري من جهة وعدم تطبيق مبادئ الإدارة الحديثة في تنفيذ هذه المشروعات.

وقالت مصادر مقربة من حكومة شريف إسماعيل أن هناك اتجاه لتبني سياسة الضرائب التصاعدية لوقف الزيادة المستمرة في الفجوة التمويلية والتعامل مع عجز الموازنة العامة للدولة من خلال فرض ضرائب عالية على أصحاب الدخل المرتفع وضرائب متدنية على أصحاب الدخل المنخفض، حيث تتغير الضريبة من منخفضة إلى مرتفعة تبعًا لدخل الفرد.

وأشارت المصادر إلى أن الحكومة تسعي إلى إيجاد آليات مناسبة للعامل مع ارتفاع أسعار البترول عالميا والذي بات يشكل أزمة حقيقية للموازنة العامة للدولة إضافة إلى الأزمات الأخري التي تمثل جميعها خطرا صعبا على الأوضاع الاقتصادية للبلاد.

فالحكومة التي خفضت مخصصات الطاقة في الموازنة العامة الأخيرة للدولة من 61 مليار إلى 35 مليار بسبب انخفاض أسعار النفط عالميا، فسعر البرميل حاليا يزيد عن 50 دولارا وهو في تصاعد مستمر، بينما خصصت الحكومة المبالغ المستحقة لشراء البترول عند 45 دولارا للبرميل، وهو ما يعني أن الحكومة ستجد نفسها مطالبة بتوفير 26 مليار جنيه لدفع فروق الأسعار في المواد البترولية مما يعني صرف المبالغ من البنك المركزي مما يمثل عبئا على الاحتياطي النقدي للبلاد.

وتوقعت المصادر ارتفاع نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة ليصل إلى 11 % بزيادة 1.2 % عن نسبة العجز الحالي بسبب فروق أسعار البترول في الموازنة العامة للدولة، حيث إن كل دولار إضافي في أسعار المنتجات البترولية، يعنى ارتفاع دعم الطاقة في مصر بنحو 1.9 مليار جنيه، وزيادة العوائد بنحو 0.4 مليار جنيه، أي خلق صافى عجز في الموازنة بقيمة 1.5 مليار جنيه، كما يمثل كل تراجع بقيمة 0.10 جنيه في سعر الصرف الجنيه أمام الدولار، رفع دعم الطاقة في مصر بنحو 0.8 مليار جنيه، وتخفض العوائد بنحو 0.3 مليار جنيه؛ ما يعنى زيادة صافى العجز بمقدار 1.1 مليار جنيه.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية