رئيس التحرير
عصام كامل

التفاهة عنوان النخبة !


يريد من يطلق عليهم ظلمًا وصف النخبة الناقدة، وهي في الحق ناقمة حاقدة، أن يسوقوا الشعب إلى مدرسة السماجة والسخافة والتفاهة التي تخرجوا فيها، منذ ثلاثة أيام، منذ انعقد المؤتمر الوطنى الأول للشباب، وهو ناجح بالمناسبة، ولا حديث للناقمين إلا ثلاجة الرئيس عبد الفتاح السيسي: كيف عاش الرجل على ثلاجة فارغة إلا من الماء؟ ولماذا إذا كان هو بلسانه قال إنه من أسرة غنية؟ وهل كان السبب خلافًا بين الضابط عبد الفتاح وأسرته، فصبر معتزا بكرامته؟


يعرف بسطاء الناس أن الرئيس يتحدث بعفوية، ومن قلبه، ودون تحفظ، ونعرف جميعا أنه يوقع نفسه في مطبات لغوية، وأحيانا اقتصادية، دون أن يقصد.. ورغم النقد والتلسين، يواصل الرئيس عفويته بثقة مطلقة؛ لأنها الطريق الأقصر والمستقيم إلى قلوب الناس.. أتذكر أن الرئيس السادات كانت عفويته "الفلاحى" أشد وأدعى للتنكيت والتبكيت، فهى عفوية لهجة ومفردات، ومع ذلك فإنه مضى في طريقه بالغًا جوهر القلوب من الشعب، وتضاعف الحب والاحترام له بعد نصر أكتوبر وبعد الاغتيال الدنيء من جماعات الإرهاب.

بالطبع، فإن مفردات الرئيس تبدو غالبًا باحثة عن حروفها، شاردة منه، وأحسب أن ذلك راجع إلى تحرى الرجل الدقة، والانضباط في إرسال رسالة محددة، لأنه لو أفرط وانطلق، ربما جرح وأصاب مشاعر أناس أو كشف ما لا يجوز.. مع ذلك فإنه أحيانًا يكشف ما يضر وما لا يجوز؛ لأن تكلفة الإخفاء عن الناس وإبعادهم عن المشاركة في الهم الوطنى أكثر فداحة من ضرر الكشف الجزئي.

حالة التربص والتصيد التي نعيشها حاليا، ليست وقفًا على حالة الرئيس فحسب، بل الفيروس منتشر بين شتى الطبقات والمهن، كله عنده تفسير مختلف، لقيم ومبادئ، استقرت آلاف السنين في الوجدان الوطنى، والحق أن مؤتمر الشباب في جوهره، هو محاولة لتذويب الخلافات، وإعادة بناء تحالف شعبى شبابى هائل، استند إليه الجيش في الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو والسادس والعشرين من يوليو !

هل مؤتمر الشباب في شرم الشيخ طليعة لتنظيم سياسي شبابي ؟ هل تستدعى الدولة خيوط فكرة منظمة الشباب، التي ربت وأخرجت كوادر سياسية صفوفًا إثر صفوف، خدمت الوطن من بعد النكسة في يونيو ١٩٦٧، حتى سنوات النصر وما بعد النصر؟

أيًا ما كان الشكل السياسي، منظمة أو حزبًا أو تنظيمًا، فإن الحقيقة المفرحة هي حالة الابتهاج التي مضت بها الدولة، وفي الرأس منها الرئيس، في استقبال النقد العميق، دون أن يضيق صدر مسئول أو تتجهم له ملامح !

لكن نقاش حالة الإعلام كشف عن سفور آلهة التحريض، صراصير موقف مهنى، في مواجهة كلمة شيخنا الكاتب الكبير الأستاذ مكرم محمد أحمد.. وقف بكل إرثه الوطنى والمهنى يقطع بأن الصحفي الذي يحرض ليس صحفيًا، وأن الصحفي ليس زعيمًا، ومن يرد ذلك فليترك الصحافة إلى السياسة.. هو مع الحرية المسئولة، لكن حرية الفوضى هي تفكيك للمجتمع !

من أدب الرئيس أن نبه آلهة الجهل مكتنزي الملايين إلى أنهم يضرون مصر دون قصد، في شتائمهم الدول الأخرى، أو في نسبة جرائم قتل إلى مصر، وهم مصريون !
أهم مصريون حقًا ؟!
من يبع أمه، فهو سفاح !
من يستعد الغير على وطنه فهو خائن !
كلا يا أيها الرئيس.. آلهة العمالة يضرون مصر عمدًا وقصدًا وقبضًا!
ومع عمق ما قيل ويقال، يذهلك أن التوافه يقتاتون، على ماء الثلاجة، يتقافزون كالقرود على فروع متداعية بشجرة الزقوم "فيس بوك وتويتر"... حقًا للتفاهة عنوان.
الجريدة الرسمية