الحرب على الإرهاب
دوائر المعارف تقدم تعريفا للإرهاب بأنه أي عمل يهدف إلى ترويع فرد أو جماعة أو دولة بغية تحقيق أهداف لا تجيزها القوانين المحلية أو الدولية، وتقسم الإرهاب إلى فردي، وجماعي غير منظم، وإرهاب دولي.
وعلى مدى أسبوع مضى، ناقش مؤتمر منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية في الرباط، الإرهاب الذي تعاني منه عشرات الدول، بل تكاد الدول التي لا تقاسي ويلاته تتقلص إلى ما لا يزيد عن أصابع اليد.
من مصر إلى نيبال، مرورا ببنجلاديش، وفيتنام، وروسيا، وكازاخستان، والعراق وسوريا، والسودان، وغيرها سالت دماء الأبرياء، ولا يزال الإرهابيون يمارسون هوايتهم القذرة في حصد الرءوس، وإزهاق الأرواح.
من أكثر ما اهتم الحضور بالإنصات إليه، ما قاله الدكتور محمود الشريف، وزير التنمية المحلية الأسبق، رئيس الوفد المصري، من أنه يوم مات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، قال الرئيس الأمريكي آنذاك، ريتشارد بيكسون: "لقد كان ناصر زعيما عظيما، لكننا لن نسمح بقيام ناصر آخر".. وبعدها بسنوات قالت "كونداليزا رايس": "لابد أن نعمل على بناء شرق أوسط جديد"، وشرحت ما تعنيه بأنه سيكون عبارة عن دولة كبرى هي إسرائيل، تحيط بها مجموعة من الدول الصغيرة، أو كما شرح رئيس الموساد، كيف تتحول 5 دول إلى 15 دويلة.. والبدء بتفتيت الجيوش أولا ليسهل تفتيت الدول.. لكن هذا لم يفلح في مصر؛ لأن الشعب المصري ملتحم مع جيشه منذ آلاف السنين.
وأيضا ما ذكره رئيس وفد بنجلاديش، الذي وصف بلاده بأنها بلاد الحب والصداقة والموسيقى، وتشتهر بالشاي، وظلت كذلك إلى أن ضربها الإرهاب الأسود، وراح ضحيته في أولى الحوادث الدموية 20 شخصا، منهم 17 يابانيا، ومع هذا فهو يعترف بأن القوة وحدها لا توقف الإرهاب، بل لا بد من الفكر والحرية، والانفتاح على العالم المتمدن.
حتى بريطانيا، المفترض أنها إحدى أهم الدول والقوى الاقتصادية الكبرى في العالم، شكا وفدها من ويلات الإرهاب، ومن نشاط الحركات المتطرفة في أوروبا، مطالبا بضرورة العمل على حصار الفقر لأنه يمثل أحد أخطر أسباب الإرهاب والتطرف.
وكان رئيس المنظمة الدكتور حلمي الحديدي محقا بتمسكه بضرورة أن تكون الحرب على الإرهاب شاملة، لا انتقائية، فلا يصح أن تتسم تلك الحرب بتوجيه الضربات إلى تنظيم واحد، مع تجاهل خطر التنظيمات الأخرى، مثلما اختارت دول كبرى عالميا وإقليميا محاربة "داعش"، بينما غضت الطرف عن تنظيمات أخرى، مثل تنظيم "بوكو حرام"، بل ودعمت تنظيمات أخرى تمارس العنف كما تفعل مع جماعة الإخوان في مصر، واليمن، وليبيا، وتنظيمها الدزلي، الذي اختار مقرا له في تركيا، وتموله قطر، وكما تفعل مع تنظيم "النصرة" في سوريا.
الخلاصة أن الفقر والجهل وغياب العدالة الاجتماعية وانسداد فرص الصعود، والقيود على حرية الرأي والتعبير، هي أخطر أسباب انتشار الإرهاب، واستشراء التطرف، والتشدد، خاصة في الدول النامية، لكنه طال الدول الغنية، فصارت تكتوي بنيرانه، علها تفيق، وتتوقف عن مطامعها في العالم الثالث.
وبشكل عام جاء المؤتمر لينبه إلى أسباب الإرهاب، ويكشف النقاب عن تجارب الدول في محاربته، ويسجل العديد من الاقتراحات، والمطالب لإنجاح تلك الحرب، ومن بينها المقترح الروسي بإنشاء بنك للمعلومات لتستفيد منه القوى الجادة في مواجهة التطرف والعنف.