هل الحكومة تدعو للتظاهر؟!
كلما شاهدت القنوات الفضائية المصرية أشعر بأن الدولة هي التي تدعو المواطنين للتظاهر، ساعات كثيرة يقضيها مقدمــو البرامج للحديث عن التظاهرات، ووصل الأمر إلى أن بعضهم يجري استفتاءً للمشاهدين على الشاشة عن رأيهم في دعوات التظاهر، بل وصل إلى ما هو أخطر من ذلك حيث زعم أحد المذيعين أن دعوة التظاهر تروجها الحكومة لإلهاء المواطنين عن أزمة ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات وقرض صندوق النقد الدولي..
لا أعتقد أن يكون هذا هو تفكير الحكومة وإلا سوف تكون مثل الذي يحضر العفريت ولا يعرف كيف يصرفه هذا من ناحية، أيضًا ما يحدث في وسائل الإعلام حاليًا لا يمكن أن يعود بالخير على البلد إطلاقًا، فكثرة الكلام (اللت والعجن) عن التظاهرات لن يأتي بأي استثمار أجنبي على الإطلاق بل جعل المصريين يهربون بأموالهم خارج البلاد، كما أن التناول الإعلامي الرهيب لحادثي استشهاد العميد عادل رجائي (عليه رحمة الله) ثم هروب بعض المساجين من سجن المستقبل بالإسماعيلية رغم جسامة وبشاعة الحادثين كان تناولا يضر بالبلد ضررًا شديدًا، حيث يعطى رسالة بأنه لا أمن ولا أمان وأن الإهمال والفساد والإرهاب أكبر من سلطة الدولة وهذا ليس صحيحًا لأن الدولة قوية، وحينما تريد فإنها تفعل وأكبر دليل على ذلك التنظيم الرائع أمس لمباراة نهائي أفريقيا في استاد برج العرب بالإسكندرية بحضور عشرات الآلاف من الجماهير، وكذلك تنظيم مؤتمر الشباب غدًا في شرم الشيخ بحضور مصر كلها..
الدولة قوية وقادرة ولكنها تحتاج إلى الرجل العاقل الكفء الذي يضبط الإيقاع في كل مجال ويوجه ويرشد ويعمل وينصح لمصلحة البلد بإخلاص وضمير وطني، إذا كانت الحكومة مرعوبة من دعوة للتظاهر أطلقها مخبول على "فيس بوك" فلتنتظر يوميًا عشرات المخبولين الذين يدعون إلى التظاهر كل ساعة، ويعيش البلد كله ومع المواطنــون في استنفار أمني وقلق دائم انتظارًا للبلاء قبل وقوعه مع هروب وعزوف للاستثمار والمستثمرين..
أفضل تعامل مع دعوات التظاهر هو تجاهلها تمامًا حتى لا نسهم بجهلنا في انتشارها..
أيضًا هناك شائعة منتشرة حول تعويم الجنيه ورفع الدعم عن الطاقة إذا كان شائعة فلماذا لا تكذبها الحكومة؟ حتى تقتل الفتنة في مهدها وتقضي على تجارة السوق السوداء للدولار، وإذا كانت حقيقة وهناك فعلا اتجاه لاتخاذ هذا القرار الصعب في هذا التوقيت الصعب، فهذا معناه أن الحكومة نفسها هي التي تدعو المواطنين للتظاهر ضدها!!
الجميع يعلم أننا في مشكلة اقتصادية كبيرة وأن هناك ضغوطًا من صندوق النقد الدولي على الحكومة لاتخاذ إجراءات قاسية من أجل الموافقة على القرض، ولكن هناك خبراء يرون أن القرض يمكن الاستغناء عنه بالاستثمار وتعظيم مواردنا، وأنا أقول إن المواطن هو الحل لأنه يظهر معدنه الأصيل وقت الأزمات والشدائد ولكنه فقط يحتاج للثقة والأمل، وقد أثبت ذلك في أوقات كثيرة كانت حالكة الظلام سواء في نكسة (عبدالناصر) يونيو أو انتصار(السادات) أكتوبر، مرورًا بثورتي يناير ويونيو وحتى تمويل قناة السويس، الخلاصة أعطوا للمواطنين الثقة والأمل والمصارحة، وسوف يستخرجون مليارات الدولارات من منازلهم وينقذوكم من صندوق النقد الدولي.
egypt1967@yahoo.com