المهنة «ناشط متشائم»
خلال أحداث 25 يناير ظهرت مصطلحات كثيرة لم نكن نسمع عنها من قبل من بينها ناشط سياسي ومع الأيام أصبح هذا المسمى يطلق على كل من لا يجد عملا، ويظهر على شاشات التليفزيون متحدثا في السياسة والاقتصاد، وحاليا ظهرت مهن جديدة من عينة المهن التي طفحت على السطح خلال 25 يناير، حيث تم استحداث مهنة جديدة هي "ناشط متشائم" فهناك عدد كبير من المواطنين أصبحت كل مهمتهم أن يكونوا متشائمين وكارهين وناقمين ومحبطين ليس لنفسهم فقط بل لكل المحيطين بهم.
يعمل "الناشط المتشائم" بكل جهد وإخلاص وتفان لنشر تشاؤمه وإحباطه وكرهه وسلبياته للجميع، فالسيد المتشائم يرى أنه لا أمل في أي شيء وكل شيء، وأن الجميع يتآمر على الوطن، وأنه وحده الذي يعرف أكثر من الرئيس والوزراء والمتخصصين والخبراء، وأنه وحده يملك ختم الوطنية، وأن البلاد تسير بسرعة الصاروخ للخلف، وأنه وحده الذي اكتشف هذه المعجزة، وأنه لا أمل في الإصلاح، وأن محاولات تصحيح الأوضاع مضيعة للوقت، وأن محاولة الوقوف من جديد ضحك على المواطنين وأن اللحاق بالآخرين استهانة بعقول الفقراء، وأن الحديث عن المستقبل سخرية من البسطاء، وأن الرئيس هو المسئول عن كل شيء، وأنه استلم البلد وبها مئات الشروخ وعشرات الأزمات ولكن عليه إعادتها لنا تشطيب مفتاح في أرقى كمبوند تحيط بها الخضرة من كل جانب وتتوسطها حمامات السباحة "طب ازاي" منعرفش هذه ليست مسئوليتنا.
أليس هو من وعدنا باللبن والعسل، أليس هو من وعدنا بالخير، وهو من قال لنا "هتشوفوا العجب" يا مصريين ألم يقل لنا اصبروا وستجدون ما يسركم.. الرئيس يتحمل النتيجة كاملة، الكبار لا يرجعون في كلامهم، الرؤساء لا ينكصون وعودهم، "انا هاهنا قاعدون " امام مباريات "البارسا" والأهلي والبطولة الأفريقية على المقاهى حتى نجد البلد التي وعدنا بها الرئيس هكذا بسهولة بدون عمل بدون أي شيء.
نعم.. لن نعمل فقد منحنا الرئيس أصواتنا من أجل أن يعمل هو وحده، من أجل أن يفكر هو وحده، من أجل أن يواجه هو وحده، من أجل أن ينتج هو وحده، طيب يا عم الناشط "المتشائم" هل الرئيس هو الذي طفش السياحة؟، هل الرئيس هو الذي أجبر المستثمرين على تجميد أعمالهم؟، هل الرئيس هو الذي طلب من المصريين المتاجرة في الدولار للإضرار باقتصاد بلدهم عن طيب خاطر؟، هل الرئيس هو الذي شدد على المصريين أن يشغلوا أوقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعى؟.
السيد "المتشائم" أقول لك: إذا كنت تعتقد أن الرئيس وحده هو الذي سيحل كل المشكلات فقد أخطأت، وإذا كنت تتصور أن الرئيس سيعطيك اللبن والعسل فقد اشتريت التروماي، وإذا صدقت أنك سترى العجب فيبدو أنك ما زلت صغيرا.. فالرئيس لن يفعل هذا بمفرده فمشاكلنا ستحل بمشاركة في حلها.. وستشرب اللبن والعسل عندما تنتج.. وسترى العجب عندما تعرف أن هذه بلدنا وليست بلد الرئيس وحده، وأن إصلاحها مسئوليتنا جميعا ويد الشعب قبل يد الرئيس وبدون هذا مفيش أمل فعلا.