مصر ما بين دولة السيسى ودولة الجماعة 24
يقع القرار السياسى فى القلب من العملية السياسية، وهو الذى ينظر إليه السُذج فى إطار المعلومات المُتاحة لهم ومشاعرهم فقط وليس "كل" المعلومات المُتاحة لصُنعه بالفعل فى إطار الرؤية الوطنية المُجردة.
إن السُذج يرون الشجرة وليس الغابة، ويتكلم الكثيرون منهم منتقدًا من كانوا يحكمون مصر فى الماضى، فيتناولون القرارات بمعزل عن السياق ووظيفة كل طرف، ليكون التحليل النهائى عبارة عن عبث مُجزأ ومُفتت للحدث، وليس حُكمًا إجماليًّا يشمل تركيب الجُزيئات المختلفة فى بعضها البعض، فى إطار ما يُنكر الرؤية الذاتية، ويتخطاها إلى رؤية وطنية!!
فمشكلة تقييم التاريخ، من قبل الكثير جدًا من النخبة أو من دونهم، هى دخول العاطفة طرفًا فى التحليل، وليس رؤية الحدث بمعزل عن شخصية المُحلل. لقد كانت تلك مُشكلة رهيبة فى كتابة تاريخ مصر، ولا تزال فى تحليل الأحداث الجارية!!
وهنا، أطرح مثال الانتخابات الرئاسية. حيث يقول الكثيرون، إن المجلس العسكرى سلم السلطة لمرسى، بينما كان الفائز الحقيقى هو شفيق، وهذا صحيح بالفعل!!
ولكن ما يعقُب تلك الرؤية يدل على أن من يتكلم يُحلل من وحى آلامه، ولا يحسب ما كان يمكنه أن يحدث من كوارث على مصر لو أن شفيق أصبح هو الرئيس بالفعل؟! إنهم نسوا ما حدث فى ليبيا أو ما يحدث فى سوريا، ويجنبوا تلك التجارب من الصورة كليًا، وكأنها غير متواجدة!!
فلنتصور أنه تم إعلان الفريق شفيق رئيسًا للجمهورية، ماذا كان يُمكن أن يحدث؟!
لقد كان المتأسلمون مُجهزون لمواجهة المصريين، الذين لا يعنوهم فى أى شىء، وقد أعلن عن ذلك مرسى وأبوالفتوح والشاطر وغيرهم، وأنهم "حيولعوا فى البلد لو لم يفوزوا فى الانتخابات"!!
لقد كان لديهم من "البجاحة المُفرطة"، أن يعلنوا عن تهديد صريح لمصر وكل المصريين، ومر التهديد مرور الكرام لمن لا يعرف قدر ما تعنيه المسئولية. ولكن التهديد لم يمر هكذا بالنسبة للمجلس العسكرى، ومن فيه من وطنيين مُخلصين، أنكروا ذاتهم لصالح مصر!!
لو أن هؤلاء المتأسلمين اعتدوا على البلاد، لكانت ستقوم بها حرب مثل تلك التى فى سوريا أو ما حدث فى ليبيا ولتدخل الخارج فيها، ولكان الجميع نسى الانتخابات وألقى باللائمة على المجلس مرة أُخرى وكما اعتادوا دونما فهم لما وراء الأحداث وبترديد عن غيرهم كالببغاءات!!
لقد كان أفضل القرارات، تسليم الإخوان السلطة، والبقاء فى موضع المراقب، والذى لم يتنازل عنه الجيش حتى هذه اللحظة، ولن يتنازل أبدًا حيال من يريدون أن يسلموا البلاد لإسرائيل من خونة!!
لقد كانت عملية إعلان النتيجة الحقيقية للانتخابات فخا، ولو كان المجلس العسكرى نفذ ما يُراد منه، لما تركه "العاطفيون"، الذين لا يرون أى شىء جيد فيما فعله المجلس العسكرى، لأنهم لا يحللون إلا المرئى لهم، بينما لا يملكون عيونًا سياسية أو معلومات صلبة من الأصل!!
ستعود مصر، من بين فكى الإرهابيين، لأن "دولة المؤسسات" فى المواجهة بقيادة السيسى، ومن معه من رجال يعشقون هذا التراب، وسيترك مرسى منصبه، ليس فى إطار اعتداء على القانون، ولكن فى اتساق تام مع الحق وسيادة القانون والشرعية!!
لقد فعل الإخوان فى أنفسهم – مشكورين - ما لم يستطع فعله فيهم، كل من حكم مصر، منذ نشأة الجماعة!!
القرار السياسى، لا يحلل بالعواطف، ولكن بالتجرد، إلا من عشق مصر!!
فالوطن ليس وجهة نظر.. ولن تسقط مصر لأنها فى حفظ الله وشعب يحبها بحق!!
فتحية لرجال القوات المُسلحة المصرية فوق رؤوس كل الخونة!!.
وللحديث بقية..
والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أولًا دولة مدنية