رئيس التحرير
عصام كامل

الفنان التشكيلي أمير وهيب: لم أتأثر بفنانين من مصر والاحتراف بالخارج أهم أحلامي

فيتو

  • الفن التشكيلى آخر الفنون التي تجذب الناس 
  • قلة الوعي الفني سبب تراجع الفن التشكيلي في الوطن العربي 
  • صلاح عناني إبراهيم الدسوقي وفريد فاضل مجتهدون 
عندما ننظر إلى لوحات الفنان المصري العالمي أمير وهيب، نجده يحاول جاهدًا أن يرسم ملامح مصر وشخصيتها وروحها وشوارعها بفرشاته مضيفا إليها الطابع المعماري الذي يعشقه ويعرف كيف يضيف على المعمار جماليته الخاصة، فالمعمار عالم كبير ولا يستطع فنان أن يغامر بفرشاته وألوانه إلا عندما يكون متعايشا داخل تفاصيله.

تخرّج "وهيب" في كلية الفنون الجميلة، قسم عمارة داخلية عام 1993، وتأثرت أعماله بالحيّز المعماري الذي يشغله الإنسان، فغلب على معظم لوحاته وجود باب أو شباك، أو أشكال معمارية ثابتة.

ويرى وهيب أن الإرث الفنى الذي خلفته مصر منذ عهد الفراعنة مرورًا بالعصر القبطي، والعهد الإسلامي، هو الفن المعماري الذي تختلف ملامحه ومفرداته وفقا لكل عصر.

وقد شارك "وهيب" في أكثر من 20 معرضًا جماعيًا، وأقام 9 معارض فردية، منها 4 خارج مصر، ثلاثة منها في نيويورك وروما وروسيا وهونج كونج، وغيرها.

ونال "وهيب" جائزة التميز في التصاميم الحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية، وكان أول عربي ينال هذه الجائزة، وله العديد من المقتنيات في مصر وخارجها، أهمها في متحف الفن الحديث في الأوبرا، وفي مدن أمريكية وأوروبية وأفريقية.

وقد أجرت فيتو معه هذا الحوار:

*حدثنا عن المعرض الأول الذي يعد بداية انطلاقك ؟
كانت بدايتي بعد تخرجي من كلية فنون جميلة قسم العمارة، وكنت شديد الحماس لإنتاج الكثير من الأعمال واللوحات، وتعرفت في هذه الفترة على مجموعة من الفنانين نشأ بيننا علاقات صداقة انتهت بانطلاق بدايتي الحقيقية وأول معرض لي والذي يحمل عنوان "مشاهد قبطية" في عام 1996 وحضر فيه البابا شنودة وشيخ الأزهر وقاموا بافتتاحه وكان مشاركة بيني وبين فنانين مسلمين ومسيحيين وحقق صدى كبيرا، وتبعه معرض آخر عام 1997 وكان أيضا من المعارض الجماعية التي أتاحت لي الفرصة على عمل معرض خاص بي والذي افتتحه الدكتور أحمد نوار عام 1998 بقاعة دروب وكان نفس نوعية رسمي الواقعي ولكن كبداية أي فنان قبل مرحلة الاحتراف هي أن لوحاتي كان بها تفاصيل كثيرة بلا داعٍ، كالكاتب الذي يكتب لأول مرة ويريد أن يقول كل شيء ولكن مع الوقت أصبحت لوحاتي أكثر بساطة وتركيز أكبر.

* ما سبب اختيارك لفن المعمار خصيصا ؟
العمارة هي أهم شيء توصل إليه الإنسان عندما قرر أن يبني ويصمم عمائر فلن يفكر في شيء من وجهة نظري أهم من ذلك، فالمعمار أهم الاختراعات قد يكون أهم من الطائرة والصاروخ وصعودنا القمر، لأن العمارة في مفهومها الشامل تعني كل شيء حول الإنسان ويشمل ذلك الكنائس والجوامع والجامعات والمستشفيات والطرق والنوادي، وبالتالي نحن نتحرك في أجواء معمارية بحتة، حتى الطرقات والشوارع التي حولنا هي نتاج المعمار، وحضارة المصريين القدماء مبنية على العمارة، فهي شأن كبير بالنسبة لي وأكثر ما لفت انتباهي في الأشياء من حولي، بالإضافة إلى أنها أكثر شيء يمكن أن نستطيع أن نبدع فيه، ويظهر ذلك في الفرق بين معمار القصور والمباني القديمة في وسط القاهرة ومانراه في المناطق الأخرى من الشكل المتواجد الباهت للمعمار الذي نراه في المباني الجديدة. 

*ما سبب تراجع الفن التشكيلي في الوطن العربي ؟
يوجد أسباب كثيرة أولها أن المنتج ذاته الذي ينتجه الفنانون قد لا يكون له جمهور، وللجمهور عذره فقد يدخل معرضا يجد به رسومات من النوعية السيريالية فقد لا يفهمها فبالتالي يحكم عليها بأنها فن سيئ وهنا يظهر أحد الأسباب الأخرى لتراجع الفن التشكيلي وهو انعدام التعليم الفني الذي من المفترض أن يبدأ من المدارس والجامعات والذي ينمي الجوانب الفنية لدى الصغار والشباب، بالإضافة إلى إشاعة بعض المتطرفين في الدين للطبقات المتوسطة تعليميا، بأن ذلك الفن حرام ويعتمدون على أن الناس البسطاء سيصدقوهم وهذا يؤدي عزوف الكثير من الجماهير عن التفاعل مع الفنون التشكيلية.

*لماذا ابتعدت عن مصر وقررت أن تعمل بالخارج ؟
منذ أن تخرجت من فنون جميلة وأنا مخطط للعمل في بنهادم نيويورك وكان حلمي منذ أن تخرجت من كلية فنون جميلة وبدأت في التخطيط له وبذلت الكثير من المجهود والنقود لكي أصل إلى هذا الاحتراف إلى أن حققت ما حلمت به وسافرت إلى هناك، ففي نيويورك حركة البورصة والبيع والشراء والحركة الفنية بشكل عام جيدة جدا فهي سوق عالمية للوحات التشكيلية وكل المعاملات تتم هناك على نطاق أكثر وأكبر.

* ما المختلف الذي رأيته عندما سافرت إلى نيويورك ؟
ينقصنا شيء مهم جدا ولطالما رأيته في المعارض العالمية وهو الإعداد الجيد لأي شيء، وهذا الأمر لا يقتصر فقط على المعارض الفنية بل كل الأعمال التي نقوم بها إذا تم الإعداد جيدا لها ستحقق الأهداف المرجوة، مصر غير معدة لأن تقوم بمثل هذا العمل في الوقت الحالي بسبب الأحداث التي تمر بها مصر والاضطراب الذي تعاني منه، بالإضافة إلى وجود عامل التذوق الفني بشكل عادي ويومي وبطريقة معتادة، فبالتالي لديهم خبرة أكثر وتنوع وقدرة على استقبال الأعمال الفنية فلا تصنف الفنون التشكيلية رفاهية أو لفئة معينة من الناس، فنحن نحتاج بشكل جدي إلى مدارس لتعليم الفن التشكيلي في مصر، لكي ينشأ جيل متذوق لكل الفنون من حوله.

*ماهي كيفية الحكم على العمل الفني ما إذا كان تقليديا أو به فكرة جديدة؟
في البداية يجب على كل ممارسى الفنون الجميلة أن يتمتعوا بالموهبة التي تؤهلهم للإبداع في هذا المجال، أما الفرق بين العمل المبدع والتقليدي هو الفنان ذاته فمن أكثر الأمور خطورة أن يرسم فنانا لوحته من أجل أن تباع وهنا هو يضع تفكيره في نقطة بعيدة وهي في أن هذا العمل سيباع أم لا دون النظر والاهتمام بالفكرة، فالفنان يعتمد على فكر وحرفة فكل منهم يشكل 50% منه وإذا لغى الفنان فكرته وأصبح ينتج اللوحات فقط كحرفة للكسب منها فلا أعتقد أنه سيقدم عملا فنيا راقيا أو جديرا بالاحترام، فعبقرية العمل الفني تظهر في أن الفكرة جديدة ومتميزة ونفذت بشكل إبداعي سيظهر عمل غير تقليدي وراقي في نفس الوقت.

*من هم أهم الفنانين التشكيليين الذين تأثرت بهم ؟
مع الأسف الشديد لم أتأثر كثيرا بفنانين من مصر، ولكن أكثر الشخصيات التي تأثرت بها خلال سنوات دراستي بيكاسو وفان جوخ وهم من قسم التعبيرية الذي أحببته وتخصصت فيه، ولذلك تأثرت برواد تلك المدرسة على وجه التحديد، أما الفنانون المصريون المتواجدون على الساحة التشكيلية فهناك مجموعة مجتهدة وتحاول إثبات أفكار فنية جديدة كصلاح عناني، إبراهيم الدسوقي، فريد فاضل.

*من وجهة نظرك هل الفن التشكيلي هو آخر الفنون التي تجذب الناس؟
أعتقد أن هذا الكلام به نسبة كبيرة من الصحة لأن هناك فنونا بصرية أخرى تجذب الناس من الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية والسينمائية، فمعظم الناس يفضلون تلك الفنون على المعارض التشكيلية، لأن الفهم الخاطئ لفكرة المعرض ومدى الاستفادة من مشاهدة اللوحات التشكيلية، وأيضا ضعف التسويق الجيد للمعارض التشكيلية هو المتسبب خلف تلك النظرة الخاطئة والمؤدية إلى عزوف معظم الجماهير عن هذا الفن.

الجريدة الرسمية