رئيس التحرير
عصام كامل

هزيمة سياسية للسعودية في لبنان.. «بيت الوسط» يشهد ميلاد الرئيس الجديد بعيدا عن الرياض.. مرشح «حزب الله» يقف على أبواب قصر «بعبدا».. انتصار لإيران وسوريا.. والمملكة تفقد ح

الملك سلمان وسعد
الملك سلمان وسعد الحرير

ذهب الفراغ ويقف الآن رئيس لبنان المحتمل العماد ميشال عون، يستعد لدخول أبواب قصر بعبدا، ومثل إعلان رئيس لبنان الأسبق سعد الحريري من زعيم تيار المستقبل من قلب "بيت الوسط"، دعم مرشح "التغيير والإصلاح" حليف بشار الأسد الرئيس السوري، ورجل "حزب الله" المفضل للمنصب في بيروت.

هزيمة السعودية
اليوم فقط تأكد خروج المملكة العربية السعودية سياسيا من بيروت بتذكرة ذهاب دون عودة، انتصرت إيران وذراعها "حزب الله" في معركة "قصر بعبدا"، انسحاب الرياض الاختيار من المعادلة اللبنانية وترك زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، يواجه أمواج مد شيعية دون سند من حليفه السنى –المملكة-، ألحق بالرياض هزيمة سياسية من العيار الثقيل لصالح غريمها "الشيعى" طهران.
منذ أغسطس الماضى قررت السعودية الانسحاب طواعية من لبنان، وأعلنت سحب سفيرها على عواض العسيري، وخفضت تمثيلها الدبلوماسي، وكان مجلس الوزراء السعودي قرر بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي تصنيف "حزب الله" اللبناني منظمة إرهابية؛ نظرًا لدعمه لنظام الأسد وتعطيله المؤسسات اللبنانية والسيطرة على الجيش والقوى الأمنية.
وأوقفت المملكة أيضًا أكبر دعم في تاريخ لبنان من المساعدات العسكرية لتسليح الجيش اللبناني، وقدرها 3 مليارات دولار، مؤكدةً أن الأسلحة التي تصل الجيش اللبناني يتم تهريبها إلى "حزب الله".
خرجت المملكة طواعية دون وضع حسابات سياسية للمستقبل، وتركت الساحة لغريمها إيران ترتب الأوراق طبقا لرؤيتها، وتمكنت من حصد دولة عربية جديدة لرصيد سيطرتها.
دعم الحريري
وكما كان متوقعًا، في ظل المتغيرات التي شهدته الساحة اللبنانية، أطل سعد الحريري من بيت الوسط مرشحًا النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، في حضور أعضاء كتلته وعلى رأسهم الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري.
واستهل حديثه بالسؤال عما كان فعله الرئيس الشهيد رفيق الحريري لو كان حيًا حيال الأزمات الكبيرة التي مر بها البلد، ليخلص أن خياره كان ليكون المبادرة من أجل التسوية.
ثم استعرض مبادراته لإنهاء الفراغ الرئاسي، من محاولة التوفيق بين المسيحيين وحثهم للإجماع على مرشح، إلى مبادرته لترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة.
بعدها انتقل إلى الأزمات المعيشية والاقتصادية والفساد المستشري في المؤسسات، وإلى لغة التقسيم التي راجت بين اللبنانيين، وفشل اتفاق الطائف وإعادة تركيب النظام في ظل لغة ميليشياوية بدأت تسود.
الحريري اعتبر أن الوضع أخطر مما يظهر أو يظن البعض، ملمحًا إلى خطر الحرب الأهلية المحدق نتيجة الظروف المذكورة، وذكر بمراحل الفراغ الرئاسي السابقة التي لم تشهد مبادرات لإنهائها، في أعوام 1958 و1988 و2007 حين انتهت الأمور بتسوية بعد أحداث 7 مايو.
وقال الحريري: "أنا ابن رفيق الحريري... أفكر باللبنانيين واللبنانيات وأبنائهم... لو مشينا في 7 مايو لكنا غارقين حتى اليوم في مآسيها... نحن من مدرسة قائمة على التضحية من أجل الناس لا التضحية بهم".
وتابع: "اخترت مواصلة مسيرة رفيق الحريري بكل ما تعنيه من حب لبنان وحرص على اللبنانيين وتعلق بالعلم والتربية وإعادة الإعمار ورفض للطائفية... كان خياري مواصلة هذه المسيرة تجسيدًا لمن نزل إلى الشوارع قائلًا: "سنكمل مسيرة رفيق الحريري رغم إرادة القتلة".
رد عون
من جانبه أكد رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، أنه "لا اتفاقات ثنائية أو ثلاثية أو رباعية، بل هناك اتفاق واحد على إدارة شئون البلاد".

وقال عون في مؤتمر صحفي عقده بمنزل زعيم تيار المستقبل: "أتينا اليوم عند الرئيس سعد الحريري لشكره على دعم ترشيحنا لسدة الرئاسة، ونحن تعاهدنا سويا من أجل إنجاز المهمة وإخراج لبنان من أزمته، لقد توصلنا إلى الحل لأننا كنا نلتقي على مبدأ أن هناك مشكلة في لبنان، وبدأنا بالتحاور، فعبر الحوار لا أحد يخسر، ولبنان يربح لأن النتيجة للجميع، وكانت هناك مواضيع نريد الكلام عنها، كالميثاقية - قواعد قانونية غير مكتوبة- فهي ليست للمسيحيين فقط، وإنما هي عهد بين جميع المسلمين والمسيحيين بالعيش المشسترك على قاعدة المساواة، ولذا، لا ثنائية في الميثاقية".

أضاف: "من يحاول إلغاء طائفة والسيطرة عليها يلغي لبنان الرسالة الذي يجب أن نحافظ عليه، وهذا ما تفاهمنا عليه".

وتابع: "نؤكد أن من يعارضون اليوم ينطلقون في موقفهم من معتقدات مسبقة، وغدا سيعودون فنحن لسنا هنا من أجل الكيدية، أنا مشرقي والمشرقية تراكم للحضارة المسيحية والإسلامية، ولبنان هو جوهرة العالم، هل يمكنكم أن تتصوروا ما يجري في العالم ونحن لا نزال نحافظ على استقلالنا".

وأردف: "نحن لم نأت كي نكون ضحايا وإنما لنربح معركة لبنان، لأن لدينا إخوة وأولاد وأحفاد، ونحن نعمل من أجلهم وليس لأجل أي أحد آخر. يجب أن نتعاون جميعا ويجب ألا يتم اتخاذ القرارات المسبقة، ولينتظروا أداءنا. ويجب ألا نعيش في خلافات وأخطاء الماضي، لأن بذلك استحالة من أجل بناء المستقبل، إلا أننا يجب أيضا ألا ننسى هذا الماضي كي لا نقع في نفس الأخطاء مرة جديدة".

وقال: "لم نتفق مع الحريري بالصدفة، فنحن تحاورنا مرات عدة من قبل، وفي هذه المرة نضجت الأمور أكثر، هناك تفاؤل حقيقي بأن لبنان سيعمر من جديد وسيسترد وحدته الوطنية، وذلك بمساعدتكم أنتم أهل الصحافة، من تكونون الرأي في المجتمع، ونطلب منكم نشر الحقيقة فقط وأن وتتوقفوا عن محاكمة النوايا، لأن لا أحد يمكنه أن يعرف هذه النوايا".

وختم: "ونأمل أن يكون هذا عهد جديد للبنان وبين جميع مكوناته، وسنلتقي إن شاء الله في وطن مزدهر بجميع أبنائه".

الجريدة الرسمية