رئيس التحرير
عصام كامل

متعة التخريب.. الموجة الثانية ليوم العار!


تبدو الأوضاع في الشارع، في الوقت الراهن، ساخنة، تكاد تبلغ درجة الالتهاب، يعقبه الاحتقان، يتمنى المخربون أن يصير إلى انفجار، بينما تبدو الدولة في حال من الصمت الواثق، يحلم كل مخلص خائف على وطنه إلا يكون من نوع الصمت الحائر العاجز المرتبك الذي سبق الأيام السوداء ليوم العار في تاريخ مصر قبل ست سنوات! واقعة بسيطة تكشف حجم التصيد والترقب لاستئناف أيام الفوضى كنت شريكا فيها.


توقفت سيارتي صباح أمس عنوة في ملف مرورى، تحت وطأة هجوم جانبي عدواني من سيارة أجرة، فلما عاتبت السائق، وخاطبته أن نترفق ببعضنا البعض، حتى تمر الأيام الصعبة التي نعيشها جميعا، ابتسم ومضي يهز رأسه يهاودني، بينما كان وجه الراكب بجواره ضخما مفلطحا، لا يدل على أنه جرب يوما نعمة أو آلة التفكير أو جرت على ملامحه مسحة هم، وواضح أنه صديق للسواق. ملامح صائع صائد مغانم الفرص والخرائب. حاولت أن أفك كتلة الصمغ بوجه الشاب، فنفخ أنها سوف تفرج يوم الثورة. سألته أي ثورة فقال: يوم حداشر حداشر.

قلت: الناس لسه تعبانة من ٢٥ واحد !

قال بثقة الجاهل ضاحكا لأول مرة: يوم حداشر الشهر حداشر.

هتفت محنقا: لو نزل الخونة سيطحنهم الشعب. كانت الجلطة المرورية فتحت، فانطلق السائق بأقصى سرعته، وبدت العجلات كأنها تعض الأسفلت عضا!

لم يستمع إلى ردي. رحت أتساءل: لماذا القلق هذه المرة؟ ما هو الشيء المختلف في دعوات التخريب هذه المرة؟

كان الغضب من الفساد وحكايات التوريث هي زاد السخط الذي الذي استثمره مخطط يوم العار في الخامس والعشرين من يناير قبل ست سنوات، نتعذب من يومها إلى يومنا هذا، ونتخبط، ونصون السفينة من الغرق بأيدينا وأسناننا. فما هو زاد الغضب هذه المرة على يوم المجد والوطنية، الثلاثين من يونيو ٢٠١٣؟!

ثم هل هو غضب حقيقي أم افتعال مشاعر بسبب افتعال أزمات؟

لا يمكن أبدا القول بأن هذه الحكومة أو النظام يرعى فسادا أو يسكت على فساد، وبالعكس فإن عصا الملاحقة القانونية تطارد الجميع من الوزراء إلى وكلائهم ومديري مكاتبهم ورؤساء الهيئات، وقضاة وكل من له نفس غاوية سقطت. إلا خونة القضية ٢٥٠ العملاء، فهم منسيون أو مؤجلون، رغم أنهم كوادر الخراب الذي جري، والذين يعدون لاستئنافه بكوادر أخرى، سرعان ما سينضم إليهم قدامى الكوادر، لتعزيز الصفوف وتأجيج الحرائق.

لكن.. يمكن القول أيضا إن أسباب الغضب الذي تسخره ماكينات ضخ اليأس والدعوات للنزول تكمن في: بطء غريب في المواجهة الإعلامية، وحكومة بلا رأس اقتصادي، وميوعة في قمع جشع التجار، وترك الساحة لمافيا الاحتكار، وشيوع البلطجة والعنف الشعبي، والاختناق المروري العمدي والعرضي، وغياب النبرة الرادعة في خطب الرئيس، وغلبة الحنان وقت حرب!

لكن، ثالثة، هل ترقى العوامل السابقة إلى حد نجاح الإخوان والعملاء، وكلاهما خائن، في الدفع بالناس إلى الخراب الثاني لمصر، وإسقاطها ؟!

يمكن القول إن هدف الخروج الثاني المزمع، هو الجيش أساسا هذه المرة. لكن هناك استدراكا رابعا، هو أن الجيش كان العامل الأساسي والوحيد والفاعل، وراء نجاح ما يسمونه بالثورة الأولى !

كان المخطط الخارجي والداخلي واضحا، وكان لابد من امتصاص الغضب العام، ومع الوقت سيدرك الشعب من المتآمر. وقد كان. وفي المرة الثانية، كان الجيش المصري العظيم هو سند وسبب وناصر الشعب الذي خرج يدعو جيشه لإنقاذ هوية مصر من الظلاميين!

يمكن القول أخيرا أن الشعب سيرد كيد الداعين إلى الخراب، بالوقوف صفا صفا في ظهر وأمام جيشه، لأن وطنا بلا جيش هو أرض وشعب مباح لكلاب السكك !

لايمكن أن يتحمل الوطن، شعبا ودولة واقتصادا، خرابا وتخريبا ثانيا.. الثمن فادح بكل المقاييس، والدم سيكون انهارا.
اللهم.. اللهم احفظ مصر من أبناء فيها وعملاء عليها!
الجريدة الرسمية