رئيس التحرير
عصام كامل

حوار مع صديقى التليفزيونجى!


صديقى هذا يهوى مُشاهدة كُل برامج التليفزيون بدون تمييز، ولم تستطع جمعيات حقوق الإنسان انتشاله من هذا الضياع لسببين؛ الأول هو أنه بعيد عن مجال اهتمامهم لأنه مواطن عادى، فلا هو ناشط سياسي أفَّاق نصَّاب بيحُط عيشه على أم الخير لصالح الوطن مرَّة وضد الوطن مليون مرَّة علشان يقلِّب عيشه وطُز في الجميع، ولا هو مُجرم سفَّاح قاتل تم ضبطه مُتلبسًا بتقطيع أطراف بعض الأطفال وخزق أعينهم فما كان من الضابط إلا أن رقعه شلوطين لينقلب عالم حقوق الإنسان رأسًا على عقب، وهو يهاجم الضابط بضراوة لأنه اعتدى على المؤخرة المسكينة للمُجرم الشاب!


سألنى هذا الصديق فجأة عن رأيى في ما تُقدمه (ريهام سعيد) على الشاشة، من سوء الحظ كُنت قد تابعت جُزءًا من حلقة الأربعاء، جريمة بشعة قام بارتكابها شاب، يُقال إنه شمَّام مُخدرات قام بحرق منزل خطيبته، لأنها قررت فسخ الخطوبة، الحريق نتج عنه قتل شقيقها بعد احتراقه بالكامل، مأساة حقيقية تعيشها أسرة مسكينة مكلومة، الفتاة تبكى بحُرقة، الأم تنزف من عينيها الدم حُزنًا على ابنها، صورة الابن المُتفحِّم تقتحم الشاشة كُل لحظة لتدفعنا للعن وسب مَن كان السبب مهما كان موقعه من الكاميرا!

أية رسالة إعلامية تُقدمها(ريهام) عن طريق استنطاق فتاة مصدومة مكلومة شاهدت شقيقها يحترق أمام عينيها، وأية رسالة أيضًا في الاستعانة بأُم حزينة تبكى وتلطُم طوال الوقت؟ الأسئلة تتكرر بلا ملل يصيب المُذيعة رغم أنه قتل المُشاهدين وبذات الرتابة "اتحرق إزاى" "اتحرق بإيه" "ولاعة واللا كبريت" "كان نايم فين" "كان نايم على أي جنب" "زعلانة إنه مات"؟ السؤال الأخير بالذات دفعنى للشروع في حرق التليفزيون لكن من ستر ربنا أننى لستُ مُدخنًا فلم أجد في البيت كبريت أو ولاعة!

مُنذ يومين كُنا نسير على المحور الطريق لا المحطة طبعًا، وأشار صديقى لأحد الإعلانات الضخمة على جانب الطريق وهو يؤكد أنها تحمل صورة (الخومينى) فقُلت له مُتشككًا أنه يشبهه لكن بالتأكيد ليس هو، الإعلان كان يحمل شعار قناة فضائية إخبارية، بعدها بمسافة غير بعيدة كان إعلان آخر يحمل صورة (أردوغان)، سألنى باستخفاف إذا ما كان هذا الشيء يشبه المخبول التُركى بدوره، فقُلت له "لأ هو بعينه.. لكن شكله مش إعلان قناة فضائية، ده إعلان مستشفى بيطرى"!

وبمُناسبة سهرة الخميس أمام المُناظرة الأخيرة لمُرشحى الرئاسة الأمريكية، فقد بدت (هيلارى كلينتون) أنيقة كالعادة، فيما ظهر (دونالد ترامب) مبهدلًا بشعره المُصاب بالأرق دائمًا فهو لا ينام أبدًا، المُهم أن (كلينتون) مُجرمة تسعى لاستكمال مشوارها في الإجرام، أما (ترامب) فيبحث عن فُرصة لإثبات نفسه في عالم المُجرمين والعصبجية السياسيين عن طريق حُكم أكبر بؤرة تآمُرية في العالم والمعروفة بالبيت الأبيض!

(هيلارى) بأناقتها وبريقها ـ رغم أنها في مرحلة الأفول بلا رجعة بعدما تخطت المائة والعشرين من عُمرها ـ تتقمَّص شخصية الجميلة (تشارليز ثيرون) لا سيما في أفضل أفلامها Sweet November خاصةً وأن الانتخابات تُقام في نوفمبر الذي من المُمكن أن يكون سويت فعلًا أو يتقلب صويت على دماغها، أما صورة (ترامب) فلا تختلف كثيرًا عن صورة (عم دهب) ذلك الثرى البخيل بطل القصص المصورة في مجلة (ميكى) والمعروف في النُسخة الأصلية الأمريكية باسم (سكروج) والشهير باستعانته بابن أخيه (بطوط) الكسول ليعمل لديه مجانًا بشكل دائم، (بطوط) كسول ومُهمل وغبى وقد يكون وزيرًا لخارجية أمريكا أو لخزانتها أو للدفاع عنها لو صار (سكروج) رئيسًا.. بالمُناسبة الاسم الأصلى له هو (دونالد دك).. على اسم (دونالد ترامب)، هذه ليست الولايات المُتحدة، يبدو أنها الولايات المبطبطة!

سؤال بعيدًا عن موضوع التوكتوك وصاحبه، وبعيدًا عن الشائعات والكلام الدعائى المستهلك عن حذف الفيديو والإبقاء على الفيديو، والفيديو راح والفيديو جه والفيديو مطلوب للاحتراف في إسبانيا، هل أصبح (عمرو الليثى) ربيب الحزب الوطنى، وحضين الإخوان، وصاحب البرامج التي شهدت مهازل أخلاقية لا جدوى من ورائها إلا لفت أنظار المُشاهدين عنوة عن طريق العبث بغرائزهم، هل أصبح بطلًا بسبب هذا الفيديو سواء اختلفنا أو اتفقنا على محتواه؟ هذا في حد ذاته مُصيبة، اطعن الناس بألف خنجر من خناجر الجهل والميوعة واللعب على الحبال والجنس المُسمم والعبث ببرامج تافهة ثم امنحهم نقطة واحدة شبه جدية تتحدث عن هموهم لتصير بطلًا فشر (لاظوغلى).. لك الله يا وطن!

مساء الثلاثاء كُنا نُلقى أنا وصديقى نظرات مُتتابعة على الفضائيات، استوقفتنا الزميلة (نور الهدى زكى) في ضيافة (وائل الإبراشى)، كانت تُشيد بـ(وائل) وتشكو من التليفزيون المصرى، مؤكدة أنها لم تعُد تظهر على شاشات قنوات ماسبيرو بعد أن قاطعتها الأخيرة، وجهت الشُكر لـ(وائل) لأنه الوحيد الذي يحرص على استضافتها من وقت لآخر، في الحقيقة لم أستطع تفسير مغزى مُقاطعة قنوات ماسبيرو لها، لو كان إعراض القنوات الأخرى عنها حقيقيًا فهذا حقهم، اللهم إلا لو كان ميثاق الصداع الإعلامي يُحتم ظهور الزميلة حَد واتنين وتلات من تلاتة لسبعة مثلًا!

ثم أننى لم أفهم أبدًا هجوم البعض على القنوات الحكومية أو الخاصة لأنها ترفُض استضافتهم، لعل حضرتك لا تملك جديدًا، لعلَّك وجه غير مقبول الآن، هذا أمر مفهوم لا يحتاج للشرح، لعل الشعب لا يُريد مُشاهدة طلِّتَك البهية، ثم أن قنوات الحياة وأون وصدى البلد والمحور والنهار وسي بي سي والقاهرة والناس وعشرات القنوات الخاصة لا تستضيف (نور الهدى) حسب تأكيدها، فهل انضمت هذه القنوات لماسبيرو أم أن المُقاطعة ناتجة عن عيب في ضيف يرغب في الظهور عنوة على الفضائيات وإلا فتح عليها النار في المُقابل؟ وكيف يُقاتل المرء للظهور على التليفزيون رغم أن هذا مُكلِّف جدًا إذ سيكون عليه وقتها أن يتصل بكُل معارفه وأصدقائه وأهله وأصحابه علشان يخليهم يستنوه أمام التليفزيونات ظنًا منه أنه كده بيمتعهم رغم أنه بيعذبهم في الحقيقة؟!
كذلك لم أفهم أبدًا جدوى الحديث عن وجود أزمة سُكر في البلد، أزمة سُكر إزاى بينما (راغدة شلهوب) تظهر بانتظام على قنوات الحياة؟!
الجريدة الرسمية