رئيس التحرير
عصام كامل

الانتحار يزحف إلى الأطفال.. وحادثة طالبة الفيوم ليست الأولى.. الطلاب يرفضون الطاعة العمياء.. الأسرة أبرز المتهمين.. الاستعداد النفسي للوالدين طوق النجاة.. وخبراء يكشفون أسباب عدم وجود إحصائية رسمية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لم يقف غول الانتحار المتزايد في مصر، وفق بعض التقديرات غير الرسمية عند الكبار فقط، وإنما بات يزحف إلى عالم الأطفال بصورة مخيفة في الآونة الأخيرة، ولعل آخر تلك الحوادث انتحار طالبة في الفيوم أول أمس، إثر تناولها مادة سامة.


ووفق المعلومات الأولية، فأن طالبة الفيوم انتحرت لأن والدتها منعتها من الخروج، وهو ما طرح التساؤل حول كيفية التعامل بعد ذلك مع الأطفال الذي أصبح الانتحار ليس بعيدًا عنهم.

ليست الأولى 

ولم تكن حالة طالبة الفيوم هي الأولى من نوعها، ففي بداية الشهر الجاري انتحر طالب بالمرحلة الإعدادية بمحافظة سوهاج من خلال استخدام حبل مشنقة دون معرفة الأسباب، كما شهدت جامعة المنيا انتحار طالبة إثر تناولها جرعة كبيرة من سم الفئران، بعدما أصابها اليأس في تحقيق حلمها بدخول كلية الطب، ومرورها بظروف وضغوط نفسية.

الطاعة العمياء

وفي البداية، تقول الدكتورة فؤادة هداية، أستاذ علم النفس بقسم الدراسات النفسية للأطفال بجامعة عين شمس، إن الأسرة قد تكون أحد الأسباب التي تؤدي إلى انتحار الطفل، باعتبارها أساس الفطرة التي يتربى فيها الفرد، فكلما تعقدت الجماعات التي ينمو في أحضانها الطفل، تعقّد هو الآخر، وعليه فإنه يجب تحليل الأسرة في السنوات الأولى هل تلبي احتياجاته وتهتم به نفسيًا وتقدم له الرعاية الكافية أم لا؟.

وأضافت «هداية»: «أن الفجوة التي خلقها الفرق بين جيلي الأهل والطفل، خلقت مناخًا تصادميًا بينهما في التفاهم والوعي، مع العلم أن كل جيل يختلف عن سابقيه أو خليفته في التفكير والأسلوب، وهو ما يجب على الأهل أخذه في الاعتبار عند التعامل مع أبنائهم، فالخلاف مشروع، ولكن على الجيل القديم أن يفسح مجالًا للجيل الجديد بأن يعبر عن نفسه، وأن يبذل مجهودًا لمحاولة خلق وسيلة للتفاهم بعيدًا عن القهر والكبت»، موضحة أن الطاعة العمياء شيء مؤذي لأبناء هذا الجيل.

وأكدت أنه لا يمكن معرفة النسبة الصحيحة للمنتحرين من الأطفال سنويًا، لأن الحالات المُبلّغ عنها ليست العدد الحقيقي للمنتحرين؛ لأنه فعل مرفوض دينيًا ومجتمعيًا فهناك أهل لا يبلغون عن واقعتهم، إضافة إلى خوفهم من تحقيقات الشرطة، فالنسبة المُسجّلة في الأوراق الرسمية أقل بكثير من الواقع، فليست النسبة السليمة.

ونصحت أستاذة علم النفس بقيام كل أسرة مقبلة على استقبال طفل جديد، أن يتم دراسة مدى استعدادها نفسيًا وماديًا واجتماعيًا ومعنويًا وعلميًا لهذا الضيف.

ظاهرة قديمة 

ومن جانبه، قال ناصر لوزة، عضو الهيئة التحريرية الدولية للطب النفسي، إن انتحار الأطفال ليست ظاهرة جديدة على المجتمع، وخلال الـ 10 سنوات الأخيرة أصبحت موجودة بشكل كبير، وذلك يعود إلى الضغوط النفسية التي يمر بها الطفل أو المراهق، وكذلك المشكلات العاطفية، ولا يمكننا تحميل الأسرة وحدها عبء هذه المشكلة.

وأضاف أن المجتمع ينظر إليها على أنها وصمة عار؛ ولذلك لا يمكن رصد نسبة المنتحرين من الأطفال بدقة، لعدم التبليغ عن كل حالات الانتحار أو محاولات الانتحار، وبالتالي لا يمكن علاجها.

وسائل الإعلام 

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد هارون، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، إن الإعلام يروج للانتحار في بعض التقارير كأنها الخلاص من المشكلة، بالإضافة إلى السينما والتليفزيون والتي يكون الطفل مستعدًا للاستجابة لها بشكل كبير.
الجريدة الرسمية