رئيس التحرير
عصام كامل

«مناكلش ومنامش».. الحكومة بتعمل إيه؟!


أصبحت المبالغة سمة مصرية بامتياز، لذا يجب على القريبين من الرئيس أن ينصحونه بعدم الارتجال والالتزام بخطاب مكتوب؛ لأنه كسائر المصريين عندما يرتجل يلجأ إلى المبالغة فيخطئ دون قصد، ويتلقف "الإخوان" ومن على شاكلتهم ما قاله وتبدأ الإساءة له والتطاول عليه إعلاميًا.


أراد الرئيس الرد على السجال الإعلامي بين المصريين والسعوديين، بشأن "التصويت المزدوج" لصالح المشروعين الفرنسي والروسي في مجلس الأمن، فوجه رسالة للمصريين قائلا "عشان قراركم يبقى مستقل لازم متاكلوش وماتناموش".. ثم عاد وأكد: "إن مصر لن تركع إلا لله، واستقلالية القرار المصري لا جدال فيه".

ترك الكارهون كل شيء إيجابي ووظفوا بشكل سيئ وقبيح يحاسب عليه القانون ارتجال الرئيس كلمة "متاكلوش وماتناموش"، رغم يقينهم أنه أراد حث المصريين على العمل والإنتاج ودفع الكسل واللا مبالاة تجاه كل ما يعانيه البلد من مشكلات!!

لكن نفترض جدلا أن الرئيس السيسي كان يقصد المعنى الحرفي لما ارتجله، فنسأله: إذا الشعب امتنع عن الأكل والنوم، فماذا تعمل حكومة شريف إسماعيل التي تتمسك بها رغم أنها تسير بالبلد من فشل إلى آخر؟!

تفتقد الحكومة رئيسًا لمجلس الوزراء يدير فريق الوزراء ومحاسبة كل منهم على أدائه وإنجازاته وعثراته، وبالتالي انعدم الإنجاز في معظم الوزارات، وحتى الوزارات التي كان مشهودًا لها بالعمل الجاد في عهد المهندس إبراهيم محلب ترهلت وانخفض مستوى أدائها في عهد إسماعيل؛ لأنه لا يحاسب ولا يتابع وغائب عن المشهد، وعندما يتحدث نشعر أنه يتكلم عن دولة أخرى أو واقع افتراضي.

حين انتشر فيديو "سائق التوك التوك" بفعل فاعل كالنار في الهشيم، كان حريًا بشريف إسماعيل الرد على ما تضمنه بحقائق كثيرة مصورة لا تقبل الشك، وأن يكشف عن خطط حكومته، إن كان عنده خطط من الأساس، لمواجهة الفساد ونقص السلع التموينية والتلاعب في الأسعار وجشع التجار وغيرها عشرات المشكلات التي تعانيها مصر، وتفاقمت في عهد إسماعيل ووقف أمامها عاجزًا ولم يحرك ساكنًا، مكتفيًا بأن الحكومة لديها إجراءات رادعة، لكننا في الحقيقة لا نلمس شيئًا من هذا على الإطلاق.. وبدلا من الرد العملي الذي يخرس الألسنة وينهي جدل "التوك توك" طلب إسماعيل من أحد مستشاريه البحث عن السائق ليقابله!!

لا أنكر أن ما قاله سائق "التوك توك" صحيح تمامًا، كما أنه لخص بمهارة شديدة حل مشكلات مصر بـ "إصلاح التعليم والصحة والزراعة"، مما يؤكد أنه على قدر من التعليم والثقافة، وأن الفيديو معد له بشكل مسبق، خصوصًا أن السائق المستنير اختفى تمامًا بعدما أدلى برأيه في برنامج عمرو الليثي "مستشار المعزول مرسي والوحيد الذي أجرى معه حوارًا عندما كان رئيسًا لمصر"، ويزيد من عدم مصداقية فيديو "التوك توك" أن المذيع لم يسأل السائق بل ترك له العنان، ما يعني أن ما قيل متفق عليه لبث اليأس والإحباط في نفوس المصريين، ودفعهم للمشاركة في التظاهرات التي تنظمها الجماعة الإرهابية في 11/11 ضد غلاء الأسعار والانهيار الاقتصادي بدعم من تركيا وقطر وأمريكا.

استغلت أيضًا بعض وسائل الإعلام العربية رسالة الرئيس السيسي للمصريين "متاكلوش وماتناموش" لتعمل عليها بما يحقق أجنداتها الخاصة ويسيئ إلى مصر وشعبها، حتى أن البعض دعا إلى طرد العمالة المصرية من بلدانهم لكي تزداد الأحوال الاقتصادية سوءًا في مصر عقابًا على نكرانها فضل الخليج عليها، وخروجها على الإجماع العربي بالتصويت لصالح المشروع الروسي في مجلس الأمن!!

أما صحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية، ففسرت رسالة الرئيس السيسي للمصريين والحديث عن استقلال القرار السياسي، بأنه دلالة على أن القادم أصعب بالنسبة لمصر من حيث الملف الاقتصادي، وأن مصر بانتظار أزمة كبيرة دفعته لمطالبة الشعب بالتنازل عن الطعام والنوم... وهذا تحديدًا ما أكده الإعلامي عمرو أديب قبل 3 أيام في برنامج "كل يوم" بقوله الأيام القادمة ستكون أسوأ، وهناك قرارات صعبة جدًا، أنا بقولكوا حاجة أكيدة، والجنيه هيتعوم هيتعوم وفيه حاجات صعبة جاية.

مطلوب من الشعب أن يصبر ويتحمل الإجراءات الصعبة.. لكن في المقابل يفترض على الأقل أن يكون في البلد حكومة قادرة على مواجهة الجشع وردع التجار وضبط الأسعار وتوفير السلع، أما حكومة شريف إسماعيل فلا تصلح لكل هذا.
الجريدة الرسمية