رئيس التحرير
عصام كامل

هل يتفق انتخاب عون رئيسًا للبنان والرؤية المصرية؟


نشرت بوابة فيتو، أمس، تقريرًا عن قرب انتخاب البرلمان اللبناني الجنرال ميشيل عون، رئيسًا للبنان، واستند التقرير إلى اقتراب عون من الرئاسة وأن الإشارة الرئاسية جاءت على لسان وئام وهاب رئيس حزب التوحيد العربي والوزير السابق الذي غرد قائلًا: "انقضى الأمر ميشال عون رئيسًا للجمهورية". فهل انقضى أمر الرئاسة اللبنانية فعلًا وصار عون على أبواب قصر بعبدا؟ وهل يصب انتخاب ميشيل عون في مصلحة السياسة الخارجية المصرية؟


رئيس لبنان ينتخبه أعضاء البرلمان، ويجب أن يحصل على ثلثي الأصوت على الأقل، الأرقام تقول إن ميشيل عون بات أقرب إلى الرئاسة من أي وقت مضى، وبخاصة بعد أن حصل سعد الحريري رئيس تيار المستقبل على تطمينات من حزب الله بأن يكون رئيس الوزراء المقبل. هكذا تبدو الصورة لمن هو خارج لبنان، لكن الصورة من الداخل اللبناني أكثر تعقيدًا.

هناك ثلاث عقبات داخلية وعامل خارجي قد يطيح بميشيل عون إذا تفاعلوا معًا لمنعه من الوصول إلى كرسي الرئاسة. العقبة الأولى هي أن رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري لا يطيق ميشيل عون، وأنه كان من المرحبين بسليمان فرنجية زعيم تيار المردة. الخلاف بين "الجنرال"–ميشيل عون– "والأستاذ" نبيه بري كان قد بدأ عندما سأل البعض عون عن علاقته بنبيه بري، فقال إنه: "حليف حليفي"، وهو ما يعني أن نبيه بري ليس حليفا لعون لكونه حليفا لحزب الله حليف ميشيل عون. الحرب الكلامية انتقلت إلى مجلس النواب بعدها واشتد الخلاف حتى أصدر وقتها المكتب الإعلامي لنبيه بري رئيس مجلس النواب بيانا يرد فيه على ميشيل عون الذي استغرب من كون رئيس المجلس أجل مناقشة اقتراح قدمه ميشيل عون في قانون استعادة الجنسية وفضل مناقشة بند آخر، ومنذ وقتها والخلاف قائم.

العقبة الثانية أن سامي الجميل رئيس حزب الكتائب أعلن من قبل أنه لن يرشح ميشيل عون. رئيس حزب الكتائب يرى أنه حتى وإن اختيار عون يعني تفكك كتلة 14 آذار والتي انفرط عقدها بعد أن أعلن سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية موافقته على ترشيح ميشيل عون وانسحابه من السباق الرئاسي، فإنه - أي سامي الجميل – ليس مضطرا للتنازل عن ثوابته والتي أكد فيها من قبل أنه لن يقبل بمشيل عون. سامي الجميل صرح لجريدة الحياة اللندنية منذ أيام قليلة قائلًا أنه منفتح على ميشيل عون وسليمان فرنجية ولكنه "قد يرشح شخصًا ثالثًا في اللحظة الأخيرة". رئيس حزب الكتائب يعرف أن عدد نوابه لن يمنع ميشيل عون من الوصول إلى الرئاسة إذا منحت كتلة تيار المستقبل أصوات نوابها له، ولكنه كان يكون عقبة أمام عون إذا ما حدث تحالف ضد عون.

العقبة الثالثة هي كتلة وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي المعروف بتقلباته السياسية. وليد جنبلاط تعود أن يكون رمانة الميزان في أي خلاف سياسي ليرجح كفة على أخرى، وهو أعلن أنه يفضل رئيس لا ينتمي ليتار سياسي معين، ولكنه أعلن من قبل – وتحديدا في حوار له في أبريل الماضي- أنه سيوافق على عون إذا تنازل فرنجية واقتضت المصلحة الوطنية ذلك.

نواب حركة أمل والتي يرأسها نبيه بري، وحزبي الكتائب برئاسة سامي الجميل، ونواب الحزب التقدمي الاشتراكي لن يستطيعوا منع ميشيل عون من الوصول لكرسي الرئاسة إذا منحه سعد الحريري رئيس تيار المستبقل أصوات كتلته البالغة 31 نائبًا، ولكنه سيخلقون له صداعًا سياسيًا، وإن حدث وتم انتخاب ميشيل عون دونما التفاهم مع نبيه بري قد تكون سنواته في الرئاسة معدودة.

يبقى العامل الخارجي الذي قد يمنع وصول ميشيل عون إلى الرئاسة. فبماركة السعودية ضرورية، وبدون موافقتها لن يمنح سعد الحريري أصوات نوابه لعون. موقف السعودية غير واضح حسب تقرير صحيفة "السفير اللبنانية"، التي قالت في أحدث تقرير لها أن "تردد الحريري نتيجة غياب القرار السعودي الواضح، بعدما ذهب موفد سمع من أحدهم في المملكة عدم ممانعة، وذهب موفد ثان وسمع كلاما خلاصته أن الحريري يتصرف من رأسه، وسمع موفد ثالث كلاما مفاده أنه لا دخل لنا وليتحمل الحريري مسئولية قراره".

وهنا تبدو إجابة السؤال الأول واضحة، عون لن يكون رئيسًا للبنان إلا بعد موافقة السعودية عليه، إلا إذا تصرف سعد الحريري دون الرجوع للمملكة العربية السعودية، ولا أعتقد أنه سيفعل ذلك. فالسعودية قد تسحب منه الثقة وتدفع بترشيح أشرف ريفي على مقعد رئاسة الوزراء بدلا منه، أو تدفع باتجاه تأييد سليمان فرنجية مجددا أو طرح اسم رئيس جديد كما ألمح سامي الجميل، وبخاصة وأن هناك نواب من تيار المستقبل يضربون كفًا بكف من موافقة سعد الحريري على انتخاب ميشيل عون لرئاسة لبنان، ونواب طرابلس لا يؤيدوه في موقفه فهو يفعل ذلك كي يعود لرئاسة الوزراء في محاولة لاستعادة دوره السياسي.

انتخاب ميشيل عون رئيسًا لبنان يبدو وأنه يتماشى مع الموقف المصري الإقليمي، فالسياسة الخارجية المصرية التي تؤيد حلًا سياسيًا في سوريا تتفق وتتوازى بشكل كامل مع رؤية المعارضة اللبنانية والتي تضم التيار الوطني الحر، وحزب الله، وحركة أمل اللذين يؤيدون بقاء بشار الأسد في رئاسة سوريا.

اختلاف وجهتي النظر المصرية-السعودية حول كيفية إنهاء الصراع في سوريا قد يدفع بالسعودية في الاتجاه المعاكس والمؤيد لترشيح سليمان فرنجية أو شخصية مسيحية مارونية أخرى، وهو ما يعني أن انتخاب ميشيل عون لن يحدث–على حد قول اللبنانيين-حتى "يبلط ميشيل عون البحر أو يزرعه كوسة".
الجريدة الرسمية