ميشال عون.. جنرال الحرب الأهلية يقترب من رئاسة لبنان (بروفايل)
في 13 أكتوبر 1990 خرج الجنرال ميشال عون من قصر بعبدا، لاجئا إلى السفارة الفرنسية في بيروت، عقب تدخل الجيش السوري لإنهاء حكومة عون العسكرية وتسلم الرئيس إلياس الهراوي.
واليوم بات الجنرال العجوز الأقرب إلى اعتلاء كرسي الرئاسة في بعبدا، وسط رفض من عدد من القوى السياسية في لبنان في مقدمتها حركة أمل الشيعية فيما يحظى أيضا بدعم "حزب الله" الذي يراه الرئيس الضرورة لإخراج البلاد من أزمة الفراغ.
ميشال عون
يعد الجنرال ميشال عون، وهو من مواليد 17 فبراير 1935، زعيم التيار الوطني الحر، أحد أبرز القادة العسكريين في لبنان إبان الحرب الأهلية وصاحب التحالفات المختلفة، والجنرال المسيحي الماروني الذي كان عدوا لسوريا وحزب في التسعينيات من القرن الماضي، عاد اليوم ليكون الحليف الأبرز للحزب والنظام السوري.
التحق بالمدرسة الحربية عام 1955 حيث تخرج 1958 ضابط مدفعية، وشارك في دورة تطبيقية على المدفعية في فرنسا خلال 1958-1959، كما تلقى دورة متقدمة في الاختصاص نفسه بالولايات المتحدة الأمريكية، ابتعث في يوليو 1978 لمتابعة دورة أركان في مدرسة الحرب العليا بباريس، وعاد منها في يوليو 1980 ومنح على إثرها رتبة "ركن".
وتولى رئاسة أركان الجيش اللبناني "قائد الجيش" في الفترة من 23 يونيو 1984 إلى 27 نوفمبر 1989، كما شكل ررئيس الحكومة العسكرية في لبنان عام 1988.
حكومة عسكرية
دخل الجنرال عون في مواجهات دامية مع الجيش السوري في لبنان ثم مع قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إبان الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد.
ترأس سنة 1988 بوصفه قائد الجيش اللبناني حكومة عسكرية بمرسوم من الرئيس أمين الجميل في اليوم الأخير من ولايته، بعد تعذر انتخاب رئيس جمهورية جديد يخلفه، وكان هو في حينه قائد للجيش اللبناني، وقام الرئيس الجميل بتسليمه السلطة بعد أن شكل الحكومة العسكرية التي أصبحت في مواجهة الحكومة المدنية التي يرأسها بالنيابة الرئيس سليم الحص، وقد استقال الوزراء المسلمون من الحكومة بعد تشكيلها بساعات، وبذلك أصبح للبنان حكومتان.
وقد عين في الحكومة بالإضافة إلى كونه رئيسًا لها وزيرًا للدفاع الوطني والإعلام مع احتفاظه برتبته العسكرية في الجيش، وفي 4 أكتوبر 1988 كلف بمهام وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة ووزارة الداخلية بالوكالة وذلك طيلة مدة غياب الوزير الأصيل، ولم يتنازل عون عن رئاسة الحكومة الانتقالية رغم التوقيع على وثيقة الوفاق الوطني، وتنصيب الرئيس إلياس الهراوي رئيسًا للبنان.
اتفاق الطائف
في أغسطس 1989 تم التوصل في الطائف بوساطة السعودية إلى اتفاق الطائف الذي كان بداية لإنهاء الحرب الأهلية، ولكنه رفض الاتفاق بشقه الخارجي، وذلك لأنه يقضي بانتشار سوري على الأراضي اللبنانية ولا يحدد آلية لانسحابه من لبنان.
وبعد معارك ضارية تم إقصاؤه من قصر بعبدا الرئاسي في 13 أكتوبر 1990 بعملية "لبنانية / سورية" مشتركة، حيث قام الجيش اللبناني بقيادة العماد إميل لحود الرئيس الأسبق للبلاد، بمؤازرة من الجيش السوري، في قصف قصر بعبدا، فأرغم عون على الخروج من القصر بخطة أمنية فرنسية أشرف عليها السفير الفرنسي في بيروت.
ولجأ عون إلى السفارة الفرنسية في منطقة الحازمية بالعاصمة يوم 13 أكتوبر 1990، ومنها تم ترحيله في 29 أغسطس 1991 برا إلى شاطئ ضبية، ومنها إلى قبرص، ومنها إلى باريس عبر بارجة حربية فرنسية.
العودة والتحالف
انتهت فترة منفى عون في فرنسا، وعاد إلى بيروت في 7 أغسطس 2005، وأسس في 18 سبتمبر 2005 حزب التيار الوطني الحر.
وقع في 6 فبراير 2006 وثيقة تفاهم مع حزب الله فدخل بقوة في الاستقطاب الثنائي بين كتلة الموالاة وكتلة المعارضة، ومنذ ذلك الحين يعد التيار الوطني الحر أبرز القوى المشكلة لفريق 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه).
وتستند علاقة "عون" مع حزب الله، للركيزتين اللتين تحكمانه، فهذه العلاقة بوابة لرضى النظام السوري الضروري للوصول إلى كرسي الرئاسة، ومدخل لتحقيق تحالف للأقليات في وجه المد االسني بما يضمن حماية "المسيحي المرعوب".
علاقته بتيار المستقبل
تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري رئيس الحكومة سابقا، أعلن ترشيحه لرئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، فيما فتح الجنرال ميشال عون حوارًا مع المملكة السعودية عبر سفيرها في لبنان، إلا أن هذا الحوار توقف بعد عودة السفير إلى المملكة بسبب الوضع الأمني، ومع ذلك استمرت علاقة عون بتيار المستقبل تأخذ طابعًا جديّا، وخاصة بعد اللقاء الذي حصل مع سعد الحريري، رئيس تيار المستقبل، في فرنا حيث زاره عون، ومن ثم استمرت اللقاءات بين نادر الحريري، إحدى أبرز الشخصيات في المستقبل وجبران باسيل صهر عون.
وتشير تقارير إلى اقتراب عون بالحصول على تاييد "تيار المستقبل" للوصول إلى قصر بعبدا، وبقي أن مشكلة عون «مع السنّة» تجد عناصرها منذ نهاية الثمانينيات، منذ رفضه لاتفاق الطائف، حين ايقن أنه اتفاق سيحول بينه وبين الرئاسة.
معارضوه
يعد رئيس حركة أمل ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أكثر الرافضين لوجود الجنرال في قصر بعبدا، وقد عبر تصريح الوزير على حسن خليل الذي أكد أن "الأمور ذاهبة إلى ما كان سائدًا في العام 1943 أي ثنائية مارونية – سنيّة وسنواجه هذا الأمر".
كاشفا أن أمل ستشارك في جلسة انتخاب الرئيس وسنصوّت ضد عون، وسيكون بري أول من يهنئه بالفوز ونكون في المعارضة ونحن امام ثنائية مسيحية شبيهة بسنة 1943 وسنواجهها".
فيما يعد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية على قطع طريق بعبدا أمام الجنرال ميشال عون، فيما يعد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع موقفا محايدا اقرب إلى موقف تيار المستقبل في انتخاب عون رئيس للبنان.
كما هناك تحفظ مسيحي آخر على ترشح ميشال عون للرئاسة حيث رفض رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، دعم ترشيح زعيم التيار الوطني الحر النائب عون من دون الاتفاق على رؤية سياسية مشتركة.
الرئيس القادم
وفي خضم المشاورات الاتصالات المحلية والإقليمية والدولية حول إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان مستمر منذ عامين ونصف العام، فقد اقترب الجنرال ميشال عون من قصر بعبدا، حيث جاءت الإشارة الرئاسية اليوم الثلاثاء، على لسان رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، بتغريدة وصول عون إلى سدة الرئاسة، قائلا: "انقضى الأمر ميشال عون رئيسًا للجمهورية".