حاكموا الدكتور غنيم!
يبدو أن بعض أعضاء مجلس النواب يعتقدون أنهم فوق النقد، وأن الحصانة الممنوحة لهم كفيلة بحمايتهم من أي اعتراض، سواء على أسلوب إدارة المجلس، أو التصريحات المسيئة التي تصدر عن أحد النواب. ويوجه هؤلاء النواب الاتهام إلى كل من لا يرضي عما يجري في المجلس، أو يدين التصريحات التي تصدر عن بعض الأعضاء، وتسيء للمصريين جميعا، بأنه يتآمر ضد السلطة التشريعية، بل وصل الأمر إلى أن قيادة بارزة بالمجلس، ردا على الإدانة الشعبية الواسعة لنائب التصريحات المسيئة ضد الفتيات بأنها تهدف إلى هدم الدولة المصرية!
والحقيقة أن تصدي هؤلاء النواب، لكل من ينتقد المجلس أو رئيسه أو أحد نوابه، بدأ قبل قضية «عجينة» وتصريحاته المسيئة، وكلنا نذكر الحملة التي أثيرت ضد الإعلام بحجة أنه يسيء إلى المجلس ورئيسه، ولم تقتصر الحملة على الإعلام بل امتدت إلى زملاء لهم انتقدوا أسلوب إدارة المجلس في الصحافة والتليفزيون، وتبع تلك الحملة صدور قرار عن رئيس المجلس يحيل أعضاء تحالف ٢٥- ٣٠ إلى لجنة القيم، وقد تراجع عنه، ولكنه لم يتراجع عن قراره باستخدام حقه القانون واللائحي بدعوة المجلس لعقد جلسة سرية تناقش ما يتعرض له المجلس من محاولات المساس به وتشويهه أمام بعض المنظمات الدولية..
ولا يوجد أي مبرر لعقد جلسة سرية.. وإنما يحب أن تكون علنية ليقدم رئيس المجلس الأدلة التي استند عليها في توجيه الاتهامات، وأن يتاح للأعضاء الفرصة لتوضيح مواقفهم، خاصة بعد ما نسب إلى وزارة الخارجية، أنها أبلغت رئيس المجلس، بقيام بعض النواب باللجوء إلى منظمات دولية، بزعم أن المجلس يدار بأسلوب غير ديمقراطي، وأن نواب المعارضة لا يحصلون على حقهم في الحصول على الكلمة.
ولم يذكر رئيس المجلس أسماء النواب الذين يوجه إليهم الاتهام، ما يدفع إلى العديد من التكهنات غير الصائبة، بما يسيء إلى سمعة أعضاء لا شأن لهم بتلك القضية.. خاصة أعضاء ائتلاف ٢٥ - ٣٠ وبعض النواب المستقلين، بينما يستبعد ائتلاف دعم مصر.. الذي تحمس عدد من أعضائه لجمع توقيعات باقي الأعضاء على مذكرة تطالب بالإسراع لعقد الجلسة السرية والتصدي لمحاولات إسقاط المؤسسة البرلمانية.
وأشار أعضاء آخرون إلى أن المجلس يتعرض لمحاولات تفجير من الداخل والخارج، وأن بعض النواب يسعون إلى نقل المعركة خارج ساحة المجلس.. بل خارج الساحة المصرية.. وأن البعض داخل المجلس يعمل وفقا لأجندات خاصة.. وليس وفقا لأجندة وطنية.
والملاحظ أن تلك الاتهامات تتهم من قام بها بالخيانة العظمى، ما يفرض أن تكون الجلسة علنية وليست سرية.
والحقيقة أن أعضاء المجلس ليسوا بحاجة إلى كتابة تقارير إلى جهات أجنية ترصد ما يجري داخله من مخالفات، بعد أن أصبح العالم «قرية صغيرة».. وهناك مؤسسات حقوقية ترصد كل التجاوزات، وتنقل آراء الكتاب والصحفيين الذين ينتقدون أسلوب إدارة الجلسات ويدينون التصريحات غير المسئولة من بعض النواب، دون أن يعني ذلك الإساءة إلى المجلس، بقدر ما يعني تصحيح المسار.
ولو أن انتقاد رئيس المجلس يستوجب العقاب فليحاكم النواب مستشار الرئيس الدكتور محمد غنيم، الذي صرح بأن إعارة رئيس المجلس للكويت لمدة ١٨ عاما متتالية بعيدا عن عمله الأصلي، حال دون تأهيله ليكون رئيس مجلس نواب أكثر حكمة وفصاحة، وقدرة على التأثير.
وأضاف الدكتور غنيم أن قائمة حزب مصر، تشكلت من خلال الأجهزة الأمنية، مستشهدا بما قاله النائب مصطفى بكري الذي كان يدافع عنها، وحينما لم يرشح لوكالة المجلس خرج غاضبا وصرح بتدخل الأجهزة في اختيارها، وقال غنيم: لا يوجد بالمجلس سوي مجموعة ٢٥ - ٣٠ هي التي تدافع عن حقوق المصريين.
فمن يشكك في وطنية الدكتور غنيم!