رئيس التحرير
عصام كامل

الجميلة والجريمة


وزيرة الداخلية البريطانية أنبر رود.. جميلة أنيقة مبتسمة ذات شخصية بسيطة.. في الخمسين من عمرها.. قابلتها في مؤتمر حزب المحافظين السنوي بيرمنغهام هذا الشهر.. وكنت قد تسلمت دعوة لحضور مؤتمر حزب الأغلبية الحاكمة الذي فاز في آخر انتخابات ديمقراطية في بريطانيا شهر مايو الماضي.. كنت واحدا من مجموعة تم دعوتها لمقابلة الوزراء ورئيسة الوزراء.. وذلك لمناقشة برنامج الحكومة في السنوات القادمة والرد على أسئلة الحضور وأغلبهم أعضاء البرلمان المنتخبين والممثلين للشعب فعلا وقولا، وآخرون من كبار أعضاء الحزب وبعض الضيوف من أحزاب أخرى وأجانب..


جاءت رئيسة الوزراء ولم أشعر بها وكنت أقف مع رئيس الحزب (هي زعيمة الحزب)، وقدمنى لها أحد المسئولين ولم يكن هناك أي تعظيم أو ضجة أو هالة فرغة لرئيسة الوزراء.. فقد دخلت مثل أي شخص آخر.. ووجدتها بسيطة متواضعة.. لا معالى الرئيسة ولا دولة الباشا ولا أي حديث مثل هذا.. تحدثت معها عدة دقائق بما سمح به وقتها ثم خاطبت الجمع بكل تواضع..

فتذكرت الفاروق، رحمه الله، الذي كان سيدًا في قريش وتعلم من سيد البشر (ص) التواضع.. فعندما جاءه مندوب كسرى وهو نائم تحت الشجرة قال: عدلت فأمنت فنمت..

ثم قابلت أنبر وزيرة الداخلية.. وكان من الصعب أن أصدق أن هذه الجميلة مسئولة عن أمن بريطانيا.. مسئولة عن الحفاظ على المجتمع من الجريمة والإرهاب والهجرة والجوازات إلخ..

تعجبت من أمر هذه المرأة الرقيقة التي تبدو في الثلاثين وترأس مدير الأمن العام وقائد قوات مكافحة الإرهاب وقوات مكافحة الشغب وتحكم السيطرة على أمن المملكة المتحدة بمنتهى التواضع وبلا عنجهية وتحدثت مع مواطن بلا تكبر بلا فريق أمن حولها ولا حتى سكرتير.. تعلمت واكتسبت الخبرة اللازمة في مجتمع حر وفي حزب حقيقي يسعى إلى مصلحة الوطن وهى أيضا نائبة في البرلمان المنتخب من الشعب في ديمقراطية فعلية، وثمنت مقابلتي لها ولم تنس أنوثتها أيضا.. ياليتنا نتعلم التواضع ليس منها فقط بل من الفاروق عمر الذي علمه رسولنا الكريم.

وأود أن أذكر أنني لم أرَ في حضور رئيسة الوزراء أية قوات أمن ولا جنود ولا حراسة تذكر إلا أن الأمن الداخلي اطلع على اسمى فقط قبل دخولى لمقابلة الوزراء ورئيسة الوزراء.. سبحان مالك الملك.
الجريدة الرسمية