رئيس التحرير
عصام كامل

العاقل الذي يبحث عنه البرادعي!


على عكس كثيرين لست متفاجئا بما غرد به الدكتور البرادعي، بعد الهجوم الغادر للإرهابيين في سيناء مؤخرا على كمين جنوب بئر العبد.. فإن الرجل الذي أراد قبل أكثر من ثلاث سنوات مضت، أن يحمي الذين يمارسون عنفا في داخل القاهرة بمنطقتي رابعة والنهضة، وغضب وقدم استقالته من منصب نائب الرئيس، عندما تقرر فض اعتصامهم، ليس غريبا أن يدعو للتسامح مع تلك الوحوش الآدمية التي تقتل وتخرب وتدمر في سيناء، ويحضنا على العيش المشترك معهم.


وعلي خلاف مع الكثيرين أيضا الذين استفزهم وأثار غضبهم كلام البرادعي، إلا أني أتوقف كثيرا مثلما فعلوا أمام ترحمه على أرواح القتلة والإرهابيين، وهو ما يذكرنا بما قاله يوما الرئيس الإخواني الأسبق مرسي، حينما طالب بالحفاظ على حياة الخاطفين قبل حياة المخطوفين.. ولا أتوقف أيضا أمام وصفه حربنا ضد الإرهاب بأنها عنف متبادل، وكأنه يطالب جنودنا في سيناء إلا أن يقابلوا من يهاجمهم بالتحية والترحيب، وليس الرد عليهم بالسلاح.. كما لا أتوقف أيضا أمام تعمد البرادعي المساواة بين الدولة والتنظيمات الإرهابية وكأنهما ندان، وهو ما يذكرنا بتلك المحاولات الخبيثة للصلح مع تنظيمات الجهاد والجماعة الإسلامية في التسعينيات، ومع جماعة الإخوان الآن.

ولكنني أتوقف أكثر أمام ما قاله البرادعي تحديدا حول ذلك العاقل الذي يبحث عنه، لكي يخرجنا -كما قال- من «ظلام الكراهية والعنف المتبادل إلى نور التسامح والعيش المشترك ودرءا لحريق لا يبقي ولا يذر» .

يا تري من ذلك «العاقل» الذي يبحث عنه السيد البرادعي.. وأين يبحث عنه.. فمن سياق كلامه نفهم أنه لا يبحث عن مجرد وسيط بين الدولة أو حتى الجيش وبين التنظيمات الإرهابية في سيناء أو في عموم البلاد.. إنما هو يبحث عمن يستولي على الحكم، ويدير شئون البلاد، ويتخذ قرارا بعدها بوقف الحرب ضد الإرهاب، وجماعاته، ويتركها وشأنها "تبرطع" في ربوع البلاد، تحت دعاوي التسامح والعيش المشترك.

وإذا كان البرادعي قبل ٢٠١١ قد راهن على جماعة الإخوان، ومد يده للتعاون معها في جمع التأييد له، ووصفها بالتالي بأنها حركة مسالمة، وأكبر القوى السياسية في البلاد، فإنه الآن لم يفصح بوضوح على من يراهن، لأنه متأكد أن جماعة الإخوان ليست صالحة الآن للمراهنة لأسباب شتى.

ومن قرأ ما كتبه مؤخرا الكاتب البريطاني الشهير ديفيد هيرست حول البحث عن رئيس جديد لمصر، قد يسهل عليه أن يستنتج من هو ذلك العاقل الذي يبحث عنه البرادعي.. فإنه يتحدث تقريبا بذات الأفكار ويعبر عن ذات التلميحات، والتي تتمثل في التخلص من رئيس مصر الحالي عبدالفتاح السيسي.
الجريدة الرسمية