رئيس التحرير
عصام كامل

«النقد الدولى» يرفع شعار: «التعويم مقابل القرض».. يشترط رفع الدعم كاملا وتسريح موظفى القطاع العام لمنح مصر 12 مليار دولار.. خبراء: «كارثة اقتصادية» وهناك بدائل أخرى

 صندوق النقد الدولى
صندوق النقد الدولى

يراه خبراء الاقتصاد نقمة وكارثة اقتصادية يمكن أن تعصف بسمعة مصر، وتراه الحكومة نعمة وتطلق حملات إعلامية لتجميله في عيون المواطنين، إنه قرض صندوق النقد الدولى الذي دخلت الحكومة في مفاوضات طويلة مع صندوق النقد للحصول عليه طيلة الشهور الأخيرة، وانتهت تلك المفاوضات بموافقة الصندوق على القرض مقابل مجموعة اشتراطات يرى العديد من المتخصصين أنها شروط مجحفة سيدفع ثمنها ويتحمل تكلفتها المواطن البسيط.


وأعلن طارق عامر، محافظ البنك المركزى، في أغسطس الماضي، موافقة صندوق النقد الدولى على منح مصر ما يقرب من 21 مليار دولار لمدة 3 سنوات، منها 12 مليارًا من الصندوق، والباقى من إصدار سندات وتمويل من البنك الدولى ومصادر أخرى، وطرح ما بين 5 و6 شركات حكومية في البورصة، خلال 2016-2017.

وعلى الرغم من الأحلام التي تحاكى بها المسئولون نتيجة التحصل على القرض، فإن الواقع عكس المصائب التي صاحبته، بدءًا من ارتفاع الأسعار، وأزمة الدولار بما صاحبها من أزمات أخرى، فضلًا عن تعويم الجنيه المرتقب وما له من آثار سلبية هو الآخر في الاقتصاد المصري.

أموال لا تستثمر
في البداية يقول عبد المطلب عبد الحميد، الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن القرض له تكاليف يتحملها الاقتصاد على أمل الحصول على عائد، مشيرًا إلى أن القرض ما هو إلا تدفقات سائلة توضع في البنك المركزي، ولن يتم تشغيلها أو استثمارها، وأقصى ما يمكن فعله هو إدارة تلك الأموال، حيث إن الهدف منه سد الفجوة من الموارد بالنقد الأجنبى وليس سد عجز الموازنة كما يعتقد البعض، كما أن هذا القرض وفوائده سيتم سدادها بالدولار.

مطالب الصندوق
وأضاف عبد «الحميد»، أن الصندوق يضع عدة اشتراطات لمنح القروض للدول الطالبة له وعلى رأسها زيادة الصادرات، زيادة معدل السياحة، فضلًا عن زيادة مقدار تحويل الأموال من الموجودين بالخارج، وجميع تلك الأمور يكون محددا لها رقم محدد، مشيرًا إلى أن الصندوق يطالب الدولة بتخفيض قيمة الواردات من 5 إلى 10 مليارات دولار، وذلك من أجل توفير أكبر كم ممكن من النقد الأجنبي، وإمكانية إعادة التوازن الأجنبي، أما الموازنة العامة فلها برنامج اقتصادى آخر، حيث إنها تعمل بالجنيه المصري، ومن ثم يشترط الصندوق تخفيض العجز بها لأدنى مستوى في فترة زمنية محددة.

تقليل الموظفين وزيادة المعاشات المبكرة

وتابع الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، قائلًا: “الحلول لتقليص العجز بالموازنة تأتى من خلال تقليص عدد الموظفين، ومن ثم نجد أن قانون الخدمة المدنية يعمل على وفرة في الانفاق العام بمقدار 40 مليار جنيه، وفى أسوأ الظروف يوفر 20 مليار جنيه، والخطوة التالية له تكون بزيادة نسبة المعاشات المبكرة وعدم إحلال الموظفين الشباب محل الخارجين على المعاش؛ وذلك لتقليص عدد الموظفين، وتأتى المرحلة التالية وهى تقليل المكافآت والحوافز إلى أقصى درجة”.

وأوضح أن الصندوق يضع رقما محددا للدولة لتوفره في حجم الإيرادات، كما يعد تعويم الجنيه أحد المطالب الرئيسية للصندوق، مضيفًا أن التصالح مع كبار رجال الأعمال الهاربين من الضرائب، أو عليهم أحكام مثل رجل الأعمال حسين سالم، يعد طريقًا آخر لجلب المزيد من الأموال، قائلًا إن الجانب الآخر من الإيرادات يكمن في بيع أراضى وأصول الدولة”، لافتًا إلى أن الصندوق يضع فترة محدده لتنفيذ تلك المطالب وإذا لم تنفيذ في ميعادها سيتم إلغاء باقى الشرائح من الأموال.

إلغاء الدعم
واستطرد «عبد الحميد» قائلًا: “البند الأكبر الذي تعكف الدولة جاهدة على تنفيذه طبقًا لمطالب الصندوق هو إلغاء الدعم، فهو المطلب الأساسى له، حيث سيتم إلغاء الدعم واقتصاره على السلع الغذائية الأساسية، أما الكهرباء والبنزين والغاز، فسيرفع عنها الدعم كاملًا، فضلًا عن رفع الدعم على الصحة والتعليم وجميع الخدمات المقدمة.

وطالب “عبدالحميد” الدولة بتوجيه أي مبلغ يتم توفيره إلى التعليم والصحة، مشيرًا إلى أن أقصر الطرق لدى الدولة لجلب المزيد من الإيرادات هي فرض الضرائب وكانت ضريبة القيمة المضافة أول مطالب الصندوق، فضلًا عن زيادة الرسوم والجمارك.

جلب الخراب
من ناحيته، أعلن أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، رفضه الاقتراض من صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن القرض سيأتى على الدولة بالخراب، قائلًا: “الصندوق وضع العديد من الشروط كى يمنح الدولة الأموال، وتلك الشروط تعد تدخلًا سافرًا في أمور الدولة، سواء كانت الاقتصادية أو الاجتماعية”.

وتابع شيحة: “على الدولة توفير الأموال بالعديد من الطرق لإرضاء الصندوق ومنها زيادة معدل الخصخصة وطرح أصولها بالبورصة، وفرض المزيد من الضرائب كضريبة القيمة المضافة، فضلًا عن خفض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، الأمر الذي يضر بالاقتصاد بدلًا من تنميته.
الجريدة الرسمية