رئيس التحرير
عصام كامل

معايير التكريم.. وموشي رافي البطل المصري الفذ !


استيقظنا يوم الجمعة على هجوم إرهابى في سيناء أسفر عن استشهاد اثني عشر جنديا، وبصرف النظر عن قتل خمسة عشر إرهابيا، إلا أنني أرى أن الرقم كبيرا الذي سقط من أبنائنا، ما زال عقلى لا يقبل أن يكون الكمين هدفا سهلا للإرهاب، الكمين من أهم مهامه مفاجأة العدو، ولكن الذي نراه أن الكمين واضح تماما أنه في مرمى مراقبة العدو، واستطاع الإرهاب الوصول إليه بسهولة، وقتل خمسة عشر من الإرهابيين ليس مرضيا، خاصة أن دفعنا الثمن اثني عشر شهيدا من شبابنا الواعد، وهذا يعنى أن هناك أمرين، الأول أنني مازلت أرى هناك عيونا من أهل المنطقة خونة لصالح الإرهاب، والقبض على أحد الإرهابين وهو يرتدي النقاب الجمعة الماضية أثناء مراقبته أحد المعسكرات، الأمر الثاني أحيانا تكون يقظة هذه الكمائن ليس على الدرجة المطلوبة، وجعل التواكل هو الأساس لفكر الموقع.


هذا الحادث للأسف أثار الحزن، بل وضاعفه لأننى منذ أسبوع أتابع الاحتفالات التي تقام بمناسبة ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر، وحقيقة لم يعجبني العديد من المظاهر، فمثلا اللواء صاعقة محيي نوح البطل الذي قام الرئيس جمال عبدالناصر بزيارته في مستشفى القوات المسلحة لدوره البطولي يصرح أنه لم يتم دعوته لحضور احتفالات الدولة بالرغم من أنها تدعو من ليس لهم أهمية أو حيثية.

وللذين لا يعرفون من هو البطل محيي نوح الذي اشترك في جميع العمليات الحربية من اليمن وحتى أكتوبر 1973، وقام بعبور قناة السويس أكثر من 90 مرة ما بين عمليات، اغارة وكمائن ومحاولات استطلاع وغيرها من العمليات الفدائية، حصل على ميدالية الترقية الاستثنائية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر 1965، ونوط الشجاعة العسكرية من الطبقة الأولى 1969، ميدالية جرحى الحرب من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1969، وحصل على وسام النجمة العسكرية من الرئيس الراحل أنور السادات عام 1970، نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى عام 1973.

وقبل معرفتى بتصريح اللواء محيي نوح دعيت الأسبوع الماضى لحضور حفل تكريم عدد من الأبطال، وفى مركز الإبداع في الأوبرا، ذهبت وكنت أتوقع الزحام من الحضور، خاصة أن الأبطال الحضور أفذاذ، منهم اللواء صاعقة معتز الشرقاوى الذي أطلق عليه "الشبح" الذي تردد أن الصهاينة كانوا يصابون بالتبول اللاإرادي، اللواء صاعقة مجدى شحاتة، اللواءعبدالحميد خليفة وكانا معا خلف خطوط العدو لمدة مائتي يوم بدون التواصل مع قيادتهم، واللواء صاعقة محمد محمود عمر، اللواء طيار سمير محمود قائد فرقة الهيلكوبتر، اللواء ماجد محمد عبدالعزيز، اللواء فخرى أحمد عثمان والبطل الفذ جندى حسنى صالح وغيرهم، وعندما بدأ الحفل، وجدت أن معظم الكراسى خالية، وعندما تأملت الحضور وجدت الحضور ليسوا إلا الأبطال وأسرهم.

شعرت بالضيق وضاعفه كلمة من اللواء محمد محمود عمر: إننا جيل أكتوبر يكرم جيل أكتوبر! كيف ؟ لا يوجد مسئول واحد من الدولة.. لماذا؟ أبطال أكتوبر ليسوا العشرات التي تنتقل بين القنوات، أبطال أكتوبر آلاف من الجنود والضباط، أين الضوابط والمعايير التي يمكن أن نجعلها قاعدة نقيس عليها من يجلس في الصف الأول ومن في الصف التالى ؟؟

وقبل أن أنهى مقالتى أريد أن أحكى لشبابنا قصة البطل الفذ عمرو طلبة، الشاب الأنيق، كامل الوسامة أكثر من نجوم السينما، بعد اقتحام الجيش المصرى خط بارليف واحتلاله في حرب أكتوبر فوجئ الجنود والضباط المصريون المتواجدون في خط بارليف بزيارة قائد عسكري مصرى كبير ووفد مرافق له إلى موقعهم.. وأخذوا يبحثون بين جثث اليهود حتى وجدوا ما يريدونه.. جثة الجندى الإسرائيلي موشى رافى.. انتشلوا الجثة ولفوها بعلم مصر وقرأوا عليها الفاتحة ثم نقلوها إلى القاهرة.. موشى رافى يبقى البطل المصرى عمرو طلبة اللى زرعته مصر في خط بارليف عشان يعرفوا كل كبيرة وصغيرة في الخط، إنه البطل عمرو طلبة زرعته المخابرات المصرية حتى تم تجنيده في الجيش الصهيونى عام 1969 باسم موشى رافى يهودى مصرى مهاجر إلى إسرائيل..استطاع عمرو طلبة نقل كل تفاصيل خط بارليف إلى المخابرات المصرية حتى أكتوبر 73.

ويوم 6 أكتوبر وقبل اندلاع الحرب بساعة صدرت الأوامر من المخابرات المصرية إلى عمرو بمغادرة الموقع نهائيا حتى يتم ترتيب عودته إلى القاهرة.. ولكنه رفض تنفيذ الأمر وأصر على انتظار الطائرات المصرية لتوجيهم إلى مخازن الأسلحة والذخيرة الإسرائيلية الموجودة في خط بارليف.. وبالفعل اندلعت الحرب وضربت الطائرات المصرية خط بارليف وهرب الجنود الإسرائيليون يمينا ويسارا ما بين قتلى وجرحى.. بينما وقف عمرو طلبة وسط الموقع يهلل ويكبر بالله أكبر ويشير للطائرات المصرية على مخازن الأسلحة والذخيرة الإسرائيلية.. وضربته الطائرات المصرية لأنهم لا يعرفونه.. واستشهد بطل مجنون بعشق مصر وأرضها.. وتحيا مصر..تحيا مصر!
الجريدة الرسمية