التوك شو ومصر التي ـ قال إيه ـ أصبحت كالصومال!
سائق التوك توك الشهير يقول إن مصر أصبحت الفترة الماضية كالصومال..ولو سأله عمرو الليثي من هو رئيس الصومال فلن يعرف.. ولا حتى عمرو الليثي يعرف.. لسبب بسيط أن الصومال تحولت إلى عدة دول لها أكثر من رئيس وكلها في فوضي شاملة حتى تحول عدد من سكانها ولظروفها القاسية إلى القرصنة في البحار وكان للمصريين نصيب في اختطاف سفن لهم.. ولكن طبعا عمرو الليثي كان يمكنه أن يقول له " ما تبالغش يا راجل.. مش لدرجة الصومال يعني" لكن الكسل بقى!
المهم.. بعض القراء ردا على مقال الأمس قالوا كيف تهتم بالأخطاء التاريخية وتترك الرد على الواقع.. فالواقع سيئ كما قاله سائق التوك توك.. ووصفوا كلامه أنه يلخص حال مصر! ومبدأيا ننسي موضوع الصومال..لأنه لا توجد أصلا دولة الآن فعليا اسمها الصومال كما كنا نعرفها من قبل.. ولكن الكسل أيضا منع عمرو الليثي لأن يسأل ضيفه: "هل تحصل على مخصصات التموين؟" وكان من المؤكد سيقول نعم.. ومع التموين الخبز ودعم الطاقة.. أي أنه واحد من بين 71 مليون مواطن -تاني 71 مليون مواطن- تؤمن الدولة لهم احتياحاتهم الأساسية ولا يستطيع لا صاحب التوك توك ولا الليثي ولا غيرهم أن يقول خلاف ذلك بعد أن كانت منظومة التموين كلها خارج الخدمه وبعد أن كان المصريون يموتون في طوابير الخبز بكافة اعمارهم حتى بغير مشاجرات أو زحام !
لم تكن طوابير الخبز وحدها التي يموت الناس فيها إنما أيضا طوابير ومزاحمات ومشاجرات أسطوانات البوتاجاز وكانوا يموتون في غرف العمليات الجراحية أو في المصاعد في زمن انقطاع الكهرباء أو في أقسام الشرطة عند تعذيبهم والاعتداء عليهم في عصور سابقة وقبل الانتهاء من مشكلات البوتاجاز والكهرباء والتعذيب في الأقسام.. والأخيرة لا نتحدث عن اختفاء ظاهرة التجاوزات إنما نتحدث عن العقاب الفوري للمخطئ بدلا من التستر عليه كما كان يحدث في السابق حتى أن كل المتهمين في قضايا الأقسام كلهم بين مسجونين أو في محاكمات ويبقي أمرهم في يد القضاء وحده من الضباط والأمناء قتلة شبيب في الأقصر إلى من اعتدوا على محامي قسم المطرية إلى من اعتدوا على محامي طنطا إلى من اعتدوا على أطباء المطرية إلى من اعتدي على مدرس الشيخ زايد إلى ضباط شبكة مرور الجيزة إلى ضباط العملة في سوهاج إلى ضباط اقتحام مقر النيابة بسوهاج إلى ضباط الرشوة بأسيوط وغيرهم وغيرهم !
ولأن المسألة هيصة.. ولأن الكلام كان على هوي الليثي فلم يسأل ضيفه عن أي مشروع يكون رآه أو سمع عنه وهو أصلا يقود توك توك بالمخالفة للقانون لتسامح السلطة مع كل سائقي التكاتك.. وهو أصلا يعمل في 6 أكتوبر التي شهدت أول مراحل الإسكان الاجتماعي وقد أبهرت من داخلها وبتصميمها وقتها كل المصريين.. لكن لا الليثي سأله عن الإسكان الاجتماعي ولا خطة التخلص من عار العشوائيات ولا المشروعات العملاقة في جبل الجلالة التي تستهلك يوميا 750 ألف لتر سولار يوميا -أيوه يوميا- لتشغيل معدات العمل بما يبرز حجم العمل الأسطوري هناك ولا مدن العلمين والإسكندرية والإسماعيلية والعاصمة الجديدة وقرية الأمل والفرافرة والمليون فدان ومجمع بترول الإسكندرية وقبلة مجمع الفيوم ولا الطرق الجديدة ولا إصلاح الطرق القديمة ولا أنفاق القناة ولا مطار المليز ولا طرق سيناء بالكامل ولا سحارة سرابيوم تحت القناة كأكبر بئر لعبور المياه في العالم ولا المحطة النووي ولا محطات سيمنز العملاقة ولا محطة كهرباء أسيوط ولا مساكن الأسمرات ولا غيط العنب ولا إعادة شركة قها ولا إعادة مصنع مصابيح نيازا ولا مصنع أسماك أسوان ولا قناطر أسيوط ولا مدينة الروبيكي ولا تطوير شارع فيصل ولا إعادة العمل بشركة سيماف ولا إعادة الجمعيات التعاونية الحكومية ولا الموانئ الجديدة ولا تحديث عربات النقل العام بالقاهرة ولا الرافال ولا الميسترال ولا الفريم ولا برنامج تكافل وكرامة ولا رفع المعاشات عموما ورفع الحد الأدنى لها تحديدا وغيرها وغيرها!
هل تعرف أن كل ما ذكرناه كان فقط عن مشاريع رأيناها ولمسناها فعلا بدرجة أو بأخرى؟ هل تعرف أن المدن والمشروعات الكبري تساهم في إعادة العمل لمصانع الطوب والأسلاك والأخشاب والمسامير والبويات والأسمنت والحديد والزجاج والمواسير والسيراميك وعشرات الصناعات الأخرى وليست إهدارا للأموال كما يقولون جهلا أو يكذبون عمدا؟ وهل تعرف أن كل المشاريع السابقة يعمل بها مئات الألوف من المصريين؟ هل تعرف أن كل ذلك رغم المشكلات مع إيطاليا وأمريكا والاتحاد الأوروبي؟ وهل تعرف أن ذلك كله وغيره جرى في عامين فقط؟ هل تعرف أنك تركت كل ذلك وتتوقف عند أزمة عابرة للعملة والسكر؟ تلعب فيها أيد خفية؟ هل اكتشفت نفسك ؟ أم تحب أن نوصفك أنت والليثي وبتاع التوك توك ؟
قال صومال قال..
آه صحيح.. نسيت إنجازات التخلص من قوائم فيروس سي وكلها طبعا للفقراء ومحدودي الدخل وتراجع نسب المرض لأول مرة وإدخال الحاصلين على معاش تكافل وكرامة للعلاج بالكارت الذكي واستمرار الأعمال في الخطوط الجديدة للمترو ونسيت توفير ألبان الأطفال لغير القادرين ونسيت منافذ الجيش بالأسعار المخفضة ونسيت التأمين الصحي على الفلاحين! وكل ذلك في بلد يعاني مؤامرة على السياحة وإرهابا يقتل ويفجر وشهداء في كل مكان ومعدومي الدم في أماكن أخرى !