عندما تكون الثورة ضد الفقراء
ماذا يحدث فى مصر، هل قامت الثورة ضد نظام مبارك من أجل حياة أفضل للجميع وتحسن فى إيقاع حياة المصريين أم ماذا؟! فمن الواضح أن ما يحدث هو عقاب للشعب المصرى بكل طوائفة دون استثناء وتتحول الثورة من أمل فى مستقبل أفضل إلى لعنة تحرق حياة المصريين، وتحولها لحالة عبثية من الإحباط واليأس من غد أفضل، والأهم من ذلك هو عدم اعتراف الحكومة والرئيس بتراجع وتدهور حياة الشعب المصرى.
ولكن الصورة واضحة لا تحتاج لشرح وتحليل، فمجرد نزول الشارع ورؤية حال الناس والنظر فى وجوههم سنرى حالتهم ومعيشتهم، والأزمة الحالية فى مصر سببها الرئيسى هو عدم وجود رؤية اقتصادية واضحة للحكومة، والأهم هو اعتمادها على مجموعة وزارية وسياسية منعدمة الخبرة فى إدارة شئون دولة بحجم وموقع مصر، وكذلك يرفضون مساعدة أحد وتُقدم لهم النصائح والاستشارات ليل نهار ولكنهم لا يرون إلا أنفسهم، وهم بسياساتهم الفاشلة يشاركون فى تدمير وانهيار دولة كاملة، وتتلخص أهم الأزمات التى يواجهها الفقراء بسبب الثورة فى عدة مجالات منها:
ارتفاع أسعار جنونى فى كل السلع والخدمات، تقريباً ظهرت بوادره مع زيادة فى أسعار الخدمات مثل الكهرباء والمياه وآخرها الغاز الذى زاد بنسبة 60% بدون مراعاة لأحوال المصريين التى زادتهم الثورة فقراً وبطالة وتراجعت أعمالهم ودخولهم وأصبحوا يعيشون معاناة حقيقية وحياة شبه آدمية، وتضخمت الأزمة عندما حدث انفلات تام للأسعار فى الأسواق وأصبحت الأسعار ناراً تحرق دخول المصريين فى ظل عدم وجود رقابة على الأسواق من قبل الحكومة، والأهم من ذلك أنهم لم يقدموا تبريراً واضحاً واقعياً عن سبب ارتفاع أسعار الخدمات والأسعار وكأنهم يعاقبون الشعب المصرى .
تراجع الخدمات الصحية بشكل واضح وعدم وجود أدوية ببعض المستشفيات الحكومية، أزمة كبرى يعيشها المواطن المصرى تجعله يعيش أسير المرض الذى يقضى على حياته، وظهر ذلك جداً فى تخلى الحكومة عن علاج مصابى الثورة، وبعضهم فكر فى التنازل عن الجنسية المصرية مقابل العلاج فى دولة مثل إسرائيل، ناهيك عن عدم تأمين المستشفيات واعتداء البلطجية على الأطباء، وقفل أقسام الاستقبال بعدة محافظات بسبب البلطجة وغيرها، ولن نتطرق لارتفاع أسعار الأدوية ومافيا العلاج على نفقة الدولة والأدوية المغشوشة وغيرها .
وطن بلا أمن مثل الغابة، المواطن يعيش فيه أسير البلطجة، والإرهاب، وتصبح الحياة مخاطرة كبرى، وهذا هو حال المصريين بعد تدمير وزارة الداخلية، والقضاء عليها ما أدى لعدم قيامها بحفظ الأمن، وتأدية دورها الأساسى، وتفرغت للأمن السياسى، ما أدى لحالة غريبة على المجتمع المصرى من الانفلات الأمنى، ما تحول لجرائم سرقة وخطف وقتل وغيرها من الجرائم التى جعلت الحياة فى مصر أزمة .
تجاهل الرئيس الواضح لصرخات الغضب الشعبية ضد سياساته، التى تتزايد كل يوم بشكل واضح فى ظل عدم اهتمام الرئيس بأزمة البطالة وعدم وجود قواعد عادلة للتعيينات وحل مشاكل المواطنين، وتراجع معدلات الاستثمار بسبب المشهد السياسى المحتقن جعل طوابير البطالة تتزايد وأزمات المصريين تتصاعد والرئيس مشغول بشىء واحد الملف السياسى وصراعه مع المعارضة، وتناسى أن العدالة الاجتماعية هى هدف الثورة الأساسى ولو استمرت الأوضاع فى تدهورها الحالى فلن يفلت الرئيس من ثورة جياع قادمة ستحرق الأرض على الجميع .
dreemstars@gmail.com