رئيس التحرير
عصام كامل

«الجنيه العائم» يهدد مشروعات السيسي.. 40% زيادة في تكلفة التنفيذ.. وشركات المقاولات سترفع راية العصيان وتطالب بفروق الأسعار.. وخبير عقاري: كل القطاعات سوف تتأثر سلبا

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

تواصل حكومة شريف إسماعيل التخبط والارتجالية في إصدار القرارات والتي تهدد الاقتصاد المصرى وتضربه في مقتل، وآخرها ما يتردد بقوة عن اتجاهها لـ”تعويم الجنيه” وتداعيات ذلك على كل القطاعات الاقتصادية، التي يأتى في مقدمتها قطاع التشييد والبناء وتنفيذ المشروعات القومية الجديدة وعلى رأسها مشروع شبكة الطرق القومية والإسكان الاجتماعى والعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة الجلالة والعلمين الجديدة وأنفاق قناة السويس وشبكات المياه والصرف الصحى وغيرها من المشروعات التي منحها الرئيس أولوية قصوى في التنفيذ للنهوض بالاقتصاد الوطنى.


خطوة الحكومة والبنك المركزى لتعويم الجنيه يمكن القول إنها ستكون سببا في زيادة حجم الأعباء المالية، وزيادة ميزانيات تنفيذ تلك المشروعات الكبرى، خاصة وأن الحكومة حددت قيمة الدولار في الميزانيات لنحو 9 جنيهات بالرغم من تسجيله ١٤ جنيها بالسوق السوداء، ومن المتوقع أن قرار التعويم سيصعد بقيمة الدولار في السوق الرسمية مع تخلى البنك المركزى عن دعم الجنيه ومن المتوقع أن يكسر حاجز الـ 14 جنيها أو 15 جنيها ما يعنى زيادة تكلفة تنفيذ تلك المشروعات بنسبة تصل 30_40%، الأمر الذي من شأنه إثارة الكثير من المخاوف حول تأثر وتعطل عملية تنفيذ هذه المشروعات، وهناك علامات استفهام حول مدى استعداد الحكومة لقرار التعويم وزيادة ميزانيات تنفيذ هذه المشروعات وفقا لأسعار الدولار الجديدة.

مصادر حكومية أكدت حدوث ارتفاع في تكلفة تنفيذ عدد من المشروعات القومية الكبرى خلال الفترة القادمة وعلى رأسها تنفيذ مشروع الإسكان الاجتماعى الذي يتضمن إنشاء 600 ألف وحدة حتى منتصف العام المقبل، وكانت ميزانيته بقيمة 100 مليار جنيه، أصبح متوقعا لها الارتفاع لتصل لـ 110 مليارات جنيه بعد تعويم الجنيه، وشبكة الطرق القومية، والمرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات المياه والصرف الصحى والتي سترتفع تكلفة تنفيذها أيضا بمليارات الجنيهات خاصة بعد تعويم الجنيه وما يقابله من زيادة واضحة في أسعار الدولار، بما سيؤدى لارتفاع فاتورة استيراد المعدات والآلات ومستلزمات تنفيذ هذه المشروعات.

من جانبه قال المهندس محمد البستانى الخبير العقارى، رئيس مجلس إدارة شركة البستانى للتنمية العقارية: هناك حالة من التخبط والضبابية تسود الشارع الاقتصادى المصرى وتوقفت الحركة بالسوق لترقب قرار الحكومة بشأن تعويم الجنيه، والوضع القائم يدفعنى للتساؤل هل أعدت الحكومة خططا دفاعية لتداعيات تعويم الجنيه وهل البنوك قادرة على تلبية وتوفير الدولار بعد تعويم الجنيه، أم سيظل هناك سوقان وسعران للدولار؟

"البستانى" أوضح أيضا أن كل القطاعات ستتأثر بقرار تعويم الجنيه، وبالطبع على رأسها المشروعات القومية الكبرى والجارى تنفيذها حاليا نتيجة ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه وبالتالى زيادة فاتورة الاستيراد من الخارج للمستلزمات والمواد الخام اللازمة للتنفيذ وارتفاع أسعارها بشكل كبير وخاصة بالتزامن مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة وتعويم الجنيه.

في ذات السياق قال أحمد كمال، عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولى التشييد والبناء: تعويم الجنيه وضريبة القيمة المضافة "ضربتين في الرأس توجع"، وتعويم الجنيه سيؤدى لموجة ارتفاعات في الأسعار بكل القطاعات، وقطاع التشييد والبناء على رأس تلك القطاعات نتيجة تراجع قيمة الجنيه وارتفاع أسعار الدولار بنسب كبيرة وبداية من شهر مارس الماضى حتى الآن فقد الجنيه نحو 40% من قيمته أمام الدولار وهو ما يعني زيادة في تكلفة البناء والتشييد.

"كمال" تابع قائلا: ارتفاع تكلفة تنفيذ كل المشروعات الجارى تنفيذها وخاصة المشروعات القومية الكبرى وشركات المقاولات لن تستطيع استكمال تنفيذ هذه المشروعات وفق الأسعار المحددة في عقود الإسناد نتيجة ارتفاع أسعار كل مستلزمات ومواد البناء والتشييد، وهذه الزيادات تفوق قدرات الشركات، ونطالب جهات الإسناد والحكومة بالتدخل لحسم هذا الملف وسداد فروق الأسعار وإلا تعطلت حركة تنفيذ هذه المشروعات.

في حين قال الدكتور رضا حجاج، أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة: تعويم الجنيه سيؤدى لعرقلة تنفيذ المشروعات القومية، وسيكون حجة الحكومة لتوقف تنفيذ هذه المشروعات التي أثقلت كأهل الموازنة العامة للدولة وأدى لأزمات اقتصادية كبيرة نتيجة اضطراب أولويات الحكومة وتنفيذ مشروعات ذات تكلفة باهظة لن تؤتى ثمارها إلا بعد عقود بالرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها الاقتصاد المصرى.

“حجاج” في سياق حديثه تساءل، أين إيرادات قناة السويس الجديدة والتي جمعت الحكومة بتنفيذها ما يزيد على 60 مليار جنيه ولم تحقق العائد المنتظر الذي وعدت به الحكومة الشعب؟.. فضلا على حصول الحكومة على قروض ومنح ومساعدات بمليارات الدولارات لم تحسن استغلالها وأهدرت في أمور لم تفد الاقتصاد القومى منها.

وأضاف قائلا: تعويم الجنيه سيكون مبرر الحكومة لإخفاء فشلها في تنفيذ هذه المشروعات، وأطالب بضرورة إقالة الحكومة والاستعانة بكفاءات وخبرات مصرية قادرة على إدارة الملف الاقتصادى ليكون اقتصادا إنتاجيا وليس استهلاكيا.

أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، أنهى حديثه متسائلًا: ما جدوى تنفيذ 600 ألف وحدة سكنية خلال عام واحد وهناك 5 ملايين وحدة مغلقة لا نستفيد منها ولمن نبنى تلك الوحدات؟

 مضيفًا: هناك الكثير من علامات الاستفهام حول مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومصادر تمويلها وجدواها للاقتصاد المصرى وخاصة وأن المراحل الجارى تنفيذها عبارة عن 30 ألف وحدة سكنية لتنضم لقائمة الوحدات المغلقة والاستثمارات والأموال المعطلة بالسوق، ولهذا أؤكد هنا أنه يجب أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لمواجهة مشكلات الاقتصاد الوطنى، والالتزام بالعلم لحل هذه المشكلات بعيدا عن العشوائية والتخبط الجارى حاليا.
الجريدة الرسمية