رئيس التحرير
عصام كامل

«ملك» طفلة العمرانية ضحية الطلاق.. تناولت قطعة حلوى فعذبها الأب وزوجته وعمتها حتى الموت.. اتفقوا على إلقاء جثمانها بالنيل.. الجدة زعمت اختفاءها بمحضر بعد أسبوع من الواقعة.. وفاعل خير يكشف ال

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في واقعة غير إنسانية، تخلت أسرة عن أدنى مشاعر الرحمة، بعد أن اعتادت تعذيب طفلة كان كل ذنبها، طلاق والدتها، وقدر عليها أن تعيش مع أب وجدة لم يعرف الحنان طريقا إلى قلبيهما، بعد أن وصلت بهم إحدى حلقات التعذيب مرة أن أودى بحياة طفلة بريئة لم تتجاوز التاسعة من عمرها بعد، ورغم خطتهم المحكمة للإفلات من العقاب، كانت عدالة السماء ترقبهم، انتقاما لروح طفلة برئية.


الواقعة بدأت في شارع الصيفي بمنطقة العمرانية بالجيزة، مقر سكن الطفلة ملك في بيت جدتها لأبيها، والتي أصبحت حاضنة لها بحكم القانون بعد انفصال والديها، اللذان سلك كل منهما حياة جديدة بزواج جديد لم يكن لملك موقعا فيها لدى الوالدين فالأب الذي تزوج من سيدة أخرى وأنجب منها طفلين، شغلاه عن طفلته الأولى، أما الأم هي الأخرى فقد اطمأنت لحياتها الجديدة متناسية أن لها طفلة.

الحياة مع الجدة
مرت حياة ملك قاسية بكل تفاصيلها، فداخل منزل جدتها يعيش والدها وزوجته الجديدة ونجليهما، وشقيقته (عمة ملك)، وكانوا دائمي الانشغال عنها، محبين لأخويها غير الأشقاء أكثر منها، وعندما كانوا يتذكروها كانوا ينهالون عليها بالاعتداء والضرب المبرح، بل كانوا يتلذذون في إيذائها معنويا وجسمانيا، فهي بالنسبة لهم بقايا من ذكرى تجربة زواج فاشلة.

يوم الحادث
في اليوم الأول من الشهر الجاري، استيقظت ملك في منتصف الليل وذهبت إلى ثلاجة الطعام الموجودة بالمنزل، فجذبتها قطعة(حلاوة طحينية) تناولتها، وفور أن استيقظ الوالد وزوجته وشقيقته والجدة، ووجدوها أكلت هذا القدر من الحلوى فانهالوا عليها بالضرب كعادتهم، إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة بين يديهم.

وكحال أي مجرم، فكروا في التخلص من الجثة، فاتصلوا بزوج عمتها ونجله، فدلهم الشيطان على إلقاء الجثة في النيل ضمانا للتخلص منها إلى المجهول بطريقة تضمن إفلاتهم من سيف العقاب.

بالفعل بدأت أسرة الجناة في تنفيذ الخطة، وأحضر نجل زوج عمتها سيارة بدون لوحات معدنية، ولفوا الجثة في "كوفرتة" ووضعوها داخل السيارة ليشيعوها إلى مثواها الأخير، وأعلى الطريق الدائري بالمنيب في الاتجاه المؤدي إلى منطقة المعادي، ألقوا الجثة، وعادوا إلى منزلهم، وكأن شيئا لم يحدث، نام الجناة مطمئين ظنا منهم بأنهم أفلتوا من قضاء الأرض، لكن عدالة السماء كان لها حكما آخر بقصاص محتوم مهما طالت أيام انتظاره.

لغز الجريمة
بداية كشف لغز الجريمة كانت من داخل أسوار قسم شرطة قصر النيل بالقاهرة، حيث ورد لرجال المباحث بلاغ من غرفة عمليات النجدة يفيد بالعثور علي جثة لطفلة طافية على مياه النيل بدائرة القسم.

على الفور، انتقلوا إلى محل البلاغ، وتم استدعاء قوات الإنقاذ النهري، وتمكنت من انتشال الجثمان، والتحفظ عليه داخل مشرحة أحد المستشفيات العامة.

مناظرة النيابة
كشفت المناظرة الأولية للنيابة العامة لجثمان المجني عليها، وجود آثار تعذيب على جسدها، إضافة إلى آثار لحروق بأعقاب سجائر بجسدها، وجرح واضح في رأسها ناتج عن ضربها بعصاة سميكة (يرجح أنها تكون عكاز).

محضر التغيب
في يوم 8 من الشهر الجاري ذهبت جدة الطفلة (والدة الأب)، إلى قسم شرطة العمرانية، لتحرر محضر يفيد بتغيب حفيدتها منذ اليوم الأول من الشهر الجاري.

ولفت نظر أحد ضباط المباحث تاريخ تحرير محضر التغيب، وواقعة التغيب الرئيسية، فقد مضى أكثر من أسبوع على تغيب الطفلة، وطيلة تلك الفترة لم يحرر أحد من أفراد أسرتها محضر بالغياب، ظل الضابط أسيرا لملاحظته بشأن تصرف الجدة محررة البلاغ، وكان السؤال الدائر الذي لم يفارقه، لماذا كل هذه الفترة من التأخر قبل تحرير المحضر، إلى أن تلقى الضابط مكالمة من فاعل خير، أثبتت أن ملاحظته كانت في محلها.

مكالمة الفضيحة
اتصل أحد فاعلي الخير بمباحث القسم أخبرهم بأن بلاغ التغيب الذي حررته الجدة، يحمل في طياته شبهة جنائية، وعلي الفور تم فحص بلاغات التغيب، وتتبع كشوف المتغيبين في الفترة الأخيرة، لتكون المفاجأة، وهي أن الطفلة المبلغ بغيابها تحمل نفس مواصفات جثة عثر عليها بدائرة قسم شرطة قصر النيل، وبالتنسيق بين رجال مباحث القسمين، اتضح أنها جثة "ملك".

التحريات الأولية أشارت إلى تورط والدها وجدتها وزوجة أبيها وعمتها وزوجها ونجل زوجها في ارتكاب الواقعة، خصوصا وأن والدة الطفلة لم تعلم عنها شيئا منذ أن تركتها بصحبة والدها وتزوجت من آخر.

وبتقنين الإجراءات، تحركت قوة أمنية من مباحث قسم شرطة العمرانية ترأسها العميد علاء فتحي مفتش المباحث، والرائد محمد الجوهري رئيس المباحث، والنقباء أحمد عصام ومعتصم رزق ومصطفى عبد الآخر، وتمكنت من ضبط المتهمين.

تحرر المحضر اللازم عن الواقعة، وأخطر اللواء هشام العراقي مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة، واللواء خالد شلبي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، وباشرت النيابة التحقيق مع المتهمين انتظارا لإحالتهم للمحاكمة الجنائية والقصاص من قتلة البراءة.


الجريدة الرسمية