رئيس التحرير
عصام كامل

للرد على التقارب «المصري - السوداني».. توريط تركيا في أزمة «سد النهضة».. «ديسالين» يرد على حضور البشير احتفالات أكتوبر بـ«تقرير الأورمو» المفبرك.. و«السيسي

«سد النهضة»
«سد النهضة»

يجلس هيلي مريام ديسالين، رئيس وزراء إثيوبيا، في مكتبه يتابع ما يحدث عن كثب، طائرة الرئيس السوداني عمر البشير تحط في مطار القاهرة، والرئيس عبد الفتاح السيسي، يمنحه نجمة سيناء أثناء حضوره احتفالات أكتوبر، وسط زيارة تعني الكثير للجانب الإثيوبي الذي لم يترك فرصة واحدة تمر دون أن يحاول ضمان وجود الطرف السوداني في مربعه هو لمواجهة الجانب المصري فيما يتعلق تحديدًا بـ"سد النهضة".


المتابعة لم تكن الأمر الوحيد الذي التزم به "ديسالين"، لكنه سرعان ما بدأ في إعداد خطة لـ"رد الصفعة" الدبلوماسية، وكانت وكالة الأنباء التركية "الأناضول" بمثابة ذراع «ديسالين»، حيث خرجت الوكالة لتزعم أن مصر تدعم المعارضة الإثيوبية الممثلة في «جبهة الأورمو»، والتي يبلغ تعداد سكانها في 26 مليونا من أصل 70 مليونا هم العدد الكلي لسكان إثيوبيا.

أكذوبة الوكالة التركية اعتمدت على مقطع فيديو، سبق أن عرضه التليفزيون الإثيوبي قال عنه إنه اجتماع لمعارضين من جبهة تحرير الأورمو، موجهة اتهامات للقاهرة بدعم الأورمو ومحاولة زعزعة الاستقرار بإثيوبيا.

ساعات قليلة مرت بعد نشر "تقرير الأناضول" كشفت التحركات التي تلتها أن لعبة أديس أبابا نجحت حيث سارعت وزارة الخارجية المصرية بالإعلان أن القاهرة لا تتدخل في شئون الدول الأخرى الداخلية، كما لفتت الانتباه إلى أن ما تقوم به الوكالة التركية لا يمكن وصفه سوى بـ"دس الفتن" بين القاهرة وأديس أبابا.

ما قالته وزارة الخارجية، أكده أيضًا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حضوره الندوة التثقيفية التي تم تنظيمها بمناسبة انتصارات أكتوبر نهاية الأسبوع الماضى، حيث أوضح أن القاهرة لا تتدخل في شئون أديس أبابا، خاتمًا حديثه بالقول: «اتبعنا معكم سياسة الحوار منذ البداية».

أيمن عامر صحفي، منسق عام ما يسمى "البرلمان الأفريقي" كان أحد ثلاثة حضروا مؤتمر جبهة الأورمو في مقطع الفيديو الذي استندت إليه إثيوبيا، قال إنه لا يشغل أي منصب رسمي بالدولة كي تتهمة إثيوبيا بدعم المعارضة، معلنًا أنه تقدم باستقالته من عضوية البرلمان الأفريقي الذي ضم ممثلي 15 دولة بالقارة.

المثير في الأمر هنا أن الخطوات الجادة والصارمة التي اتخذتها القاهرة لكشف الحقيقة والرد على مزاعم الوكالة التركية، والاتهامات التي ساقتها أديس أبابا، لم تدفع الأخيرة لإيقاف الأمر عند هذا الحد، حيث تمادى وزير إعلامها غيتاشو رضا وصرح بأن بلاده لم تتهم الدولة المصرية لكنها تتهم أشخاصًا يحملون الجنسية المصرية، وهو ما عده دبلوماسيون طريقة ملتوية للإصرار على تلك التهم الكاذبة.

مصادر رفيعة داخل وزارة الري كشفت أن إثيوبيا تدرك جيدًا أن مصر لا علاقة تربطها بالمعارضة الإثيوبية، لكنها فعلت ذلك من أجل ضرب عصفورين بحجر، فمن ناحية يعد اتهام المعارضة الإثيوبية بأنها تتلقى دعمًا من الخارج يضعفها أمام الشعب الإثيوبي، ومن ناحية أخرى فإن التقارب المصري السوداني لم يكن ليمر مرور الكرام.

المصادر أوضحت أيضًا أن أديس أبابا بدأت في التعبيــر عن هذا الغضب من خلال المماطلة في تقديم بعض المعلومات التي تحتاجها المكاتب الاستشارية لإعداد الدراسات، رغم أن اتفاقية المبادئ تنص على التعاون الكامل لإنجاز العمل.

مصادر داخل اللجنة الفنية لسد النهضة رجحت أن تركيا بعيدة عن الأمر لكن رئيس الوزراء الإثيوبى أراد توريطها في الملف خاصة أن كل الاتفاقيات المتعلقة بتصدير الكهرباء وقعت عليها شركات تركية.

وأوضحت أيضًا أن إثيوبيا تشعر بحالة من الوحدة في الوقت الحالى في ظل التقارب المصري - السوداني، وانشغال تركيا بما يحدث في سوريا، ما أدى إلى تراجع الزخم الدولي الذي كانت تستقوى به أديس أبابا، وبالتالي بدأت في مهاجمة القاهرة حتى تعيد إليها الزخم من خلال الدول التي تناصب القاهرة العداء.

الدكتور ضياء القوصي، العضو السابق للجنة الفنية لسد النهضة، أكد أن التحرك السياسي لدى السودان لم يكن مفاجئًا لإثيوبيا لكن الصدمة الحقيقية كانت في قبول السودان هذا التقارب بصورة لم يسبق لها مثيل منذ ثمانينيات القرن الماضي، الأمر الذي دفع وزارة الخارجية السودانية إلى أن تصف زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أجراها إلى الخرطوم مؤخرا بـ"التاريخية".

"القوصى" واصل حديثه قائلا: خلال الأشهر الماضية كان هناك شعور بالارتياح لدى رئيس الوزراء الإثيوبي أن الخرطوم أصبحت ضمن صفوفه، وبالتالي فإن موقفه في المفاوضات الفنية أمر صعب، إلا أن هذا الانقلاب خلال الفترة الماضية أربك كل الحسابات الإثيوبية.
الجريدة الرسمية