بالأرقام.. خسائر مصر من تعويم الجنيه.. 50 مليار جنيه زيادة في أعباء الديون عقب تخفيض الجنيه.. وتخطي الدين العام حاجز الـ 100 % من الناتج القومي.. وأسعار السلع تخرج عن السيطرة
يعانى الاقتصاد المصرى من أزمة كبيرة نتيجة وجود سعرين للدولار، أحدهما رسمى بالبنوك تصل قيمته لنحو 888 قرشًا، والآخر بالسوق السوداء تخطى حاجز الـ 15 جنيهًا، وهى الأزمة التي تفاقمت تداعياتها بسبب النقص الحاد في الموارد الدولارية للاقتصاد المصرى من ناحية، وزيادة الطلب على الورقة الخضراء من قبل المستثمرين والمستوردين ومضاربى العملة على حد سواء.
ويعنى مصطلح «تعويم الجنيه» أو تحرير سعر الصرف، بحسب الاقتصاديين، هو ترك سعر الصرف خاضعا بالأساس لحركة العرض والطلب، لترتفع قيمتها كلما زاد المعروض وقل الطلب والعكس صحيح، كما أن قرار تعويم الجنيه ليس سهلًا ولن يمر مرور الكرام، وبعيدًا عن الارتفاع المتوقع في معدلات التضخم فوق مستوى 20%، مقابل المستوى الحالى للتضخم البالغ نحو 16.4 %، والقصور الواضح في الرقابة على الأسواق، والذي يساهم في عدم تمكن الحكومة في حماية محدوي الدخل.
التداعيات الأكبر للقرار ستكون على مؤشرات الاقتصاد الكلى، والتي يأتى في مقدمتها ارتفاع نسبة الدين العام مقابل الناتج المحلى الإجمالي، ليتخطى حاجز الـ 100 % رسميًا للمرة الأولى منذ ثورة 25 يناير عام 2011، وكذلك ارتفاع عجز الموازنة لأكثر من 12 %، وهو ما يضع الحكومة في موقف لا تحسد عليه أمام تعهداتها لصندوق النقد الدولى، والتزامها بتخفيض عجز الموازنة خلال السنة المالية الحالية 2016/2017 لأقل من 10 % على أقصى تقدير، ولم يبق للحكومة أية خيارات جديدة لتفادى تعويم أو تخفيض الجنيه، إلا أن تداعيات ذلك القرار لن تمتد إلى ارتفاع الأسعار فحسب، وإنما الأخطر من ذلك ارتفاع نصيب الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالي.
الدين الخارجي
ارتفع الدين العام الخارجى لمصر بشكل ملحوظ منذ ثورة 25 يناير عام 2011، مسجلًا نحو 53.4 مليار دولار بنهاية شهر مارس الماضى، مقابل نحو 37.4 مليار جنيه، ما يجعل قرار تعويم أو تخفيض الجنيه المصرى مقابل الدولار أمرًا محفوفًا بالمخاطر، إذ يرفع بدوره القرار ذاته فوائد الدين الخارجى بنسبة كبيرة مما يسهم بدورة في زيادة عجز الموازنة من ناحية، وارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالي.
ويبلغ إجمالى الفوائد التي تتحملها الموازنة العامة للدولة خلال السنة المالية الحالية 2016/2017 نحو 292،520 مليار جنيه، تتضمن فوائد الديون الخارجية نحو 7،659 مليارات جنيه، مما يؤكد أن قرار تخفيض الجنيه سينعكس بشكل مباشر على إجمالى أعباء الديون الخارجية التي تتحملها الموازنة، وهو ما سينعكس بدوره على عجز الموازنة.
وتشمل فؤائد الديون الخارجية لمصر خلال السنة الحالية كلا من: 7.659 مليارات جنيه فوائد الدين العام الخارجى، بالإضافة إلى نحو 90 مليون جنيه تمثل فوائد خارجية تسددها الجهات الحكومية.
ويبلغ السعر الرسمى للدولار الأمريكى حاليا نحو 888 قرشًا، الأمر الذي يجعل من تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار أمرًا غير مستحب بالنسبة للدين العام، إذ أنه من المقرر ارتفاع إجمالى الدين العام الخارجى والبالغ نحو 53.4 مليار دولار بنسبة أكبر من نسبة التعويم المقررة للجنيه مقابل الدولار.
وبحسبة بسيطة فإن تخفيض الجنيه مقابل الدولار بنحو 10% فقط، ليرتفع الدولار مقابل الجنيه مسجلًا نحو 9.76 جنيهات، سيصعد بإجمالى الدين العام بنحو 47.41 مليار جنيه تعادل ضعف قيمة الشريحة الأولى لقرض الصندوق النقد الدولى والبالغة نحو 4 مليارات دولار، كما أنه في حالة اقتصار الزيادة المرتقبة للدولار مقابل الجنيه بنحو 5% فقط، فإنه سيترتب على ذلك زيادة الدين العام بنحو 23.7 مليار جنيه، بما يعادل ضعف الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى.
أما في حالة حصول الحكومة على قرض صندوق النقد الدولى، فمن المقرر ارتفاع الديون الخارجية لمصر إلى 55 مليار دولار حتى نهاية السنة المالية الحالية، حيث إنه بمقتضى قرض «النقد الدولي» ستحصل مصر على 4 مليارات دولار سنوليًا لمدة 3 سنوات، ما يرفع من قيمة الفائدة على الديون الخارجية لمصر عقب تخفيض قيمة الجنيه بنحو 10 % إلى نحو 48.84 مليار جنيه، وهو ما يفوق قيمة السنة الأولى من القرض بنحو 10 مليارات جنيه تقريبًا.
"نقلا عن العدد الورقي.."