علاقات مع إيران إزاي هو إحنا كفرة!
على أرض المحروسة سفارات من كل دول العالم، الغربية والشرقية، أقصى كوكب الأرض وأدناه، مسلمون ومسيحيون ويهود، هندوس ومن لا يؤمنون بإله، حتى من رفع علينا السلاح، واحتل أرضنا يومًا ما له سفارة يجلس فيها سفير يحضر حفلات مسرحية!
منذ يومين أطلقت وزارة الأوقاف تحذيرات من إحياء الشيعة لذكرى عاشوراء«يوم مقتل الحسين»، فيما أغلقت قوات الأمن مقام حفيد رسول الله، نجحت مصر إذن في منع 700 ألف مواطن مصري-على أقل تقدير-من إحياء ذكرى ما يؤمنون به.
حصار الشيعة جزء لا يتجزأ من القطيعة المصرية مع إيران بدون أسباب واضحة ومفهومة، رغم أنها في كل الأحوال دولة مسلمة يؤمن مواطنوها بأن الرب واحد وأن محمد خاتم الأنبياء!
هل أخبرونا بصورة واضحة وشفافة لماذا هناك قطيعة مع إيران؟
أول الأسباب التي تتبادر إلى الذهن هي التشيع، طهران لا تتواجد في دولة إلا وتنشر فيها مذهبها الشيعي، ما سبق يعطينا صورة أن الشعب المصري السني إيمانه هش وضعيف، ويحتاج فقط إلى من يقول له تشيع، وأن هناك أئمة منتظرة، وأخرى سابقة، وأن الفقيه هو من له حق الولاية، إذا كنا بتلك الهشاشة فلا تحتاج طهران أن تأتي بل سيذهب إليها المصريون.
استمرت الدولة الفاطمية 200 سنة تحكم مصر، شيدت الأزهر الشريف، وزراؤها وأئمة مساجدها كانوا يدينون بالمذهب الشيعي، ورغم ذلك صارت مصر سنية، وأصبح الأزهر هو منبر السنة في العالم.
الذين ينسبون ذلك إلى صلاح الدين خاطئون، فالمذاهب لا تغيرها أنظمة حكم، خاصة أنه على مدار التاريخ لم تتلون مصر بلون معين، بل ظلت مصر كما هي، جمال حمدان أشار بذلك بصفة واضحة وجلية في موسوعته شخصية مصر، بهذا المعيار لا يمكن القياس على العراق أو لبنان أو سوريا، الدول الثلاثة بها شيعة متأصلون ولا يحتاجون لشيء، أما المصريون فبتعبير الراحل أحمد فؤاد نجم أكثر من يحب آل البيت في الدنيا وأبعدهم عن التشيع.
السبب الثاني الذي يشير إليه البعض هو التجسس، فإيران لن ترسل لنا مواطنين أو سائحين بل سترسل جواسيس، الأمر يتطلب أسئلة عن السفارات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية وغيرها، هل ليس لها جواسيس في مصر، سؤال آخر.. ألا نملك أدوات تمكننا من ضبط تلك العملية، فكل دول العالم لديها سفارات، وقد يكون هناك جواسيس لكن ذلك ليس مبررا لأن يكون هناك قطيعة مع تلك الدولة، فأعتقد أننا قادرون على ضبط أي جاسوس.
ستغضب دول الخليج سبب آخر يورده المتبنون لتلك الوجهة، وبعيدًا عن أن علاقات الدول تُبنى وفق مصلحتها لا مصالح الآخرين لكن الغريب أن دول الخليج نفسها لديها علاقات مع إيران، بعضها وصل إلى حد القوة «الإمارات مثال» وهو ما يبدد تلك الأسطورة، ثم السؤال الآخر كم دولة غاضبة بسبب وجود سفارة لإسرائيل في مصر أعتقد أن الشعب المصري نفسه غاضب لكنها مصلحة الدولة كما يقولون!
بعيدًا عن تلك الأسباب الواهية غير المستندة إلى أي أساس يبقى السؤال الآخر وماذا نستفاد؟
القطيعة مع أي دولة أمر غير مستحب في العلاقات الدولية، لكن الأهم من ذلك أن هذا التعاون قد يفتح آفاقا اقتصادية لعل أولها في مجال البترول، خاصة أن إيران تملك ثاني مخزون بترولي بعد السعودية، بالإضافة إلى السياحة الدينية وحل ملفات إقليمية أخرى أهمها سوريا.
أليس من الغريب أن يكون أهم مشكلتين في مصر «السياحة – البترول» هما ما تملك إيران– التي تدق باب القاهرة دون كلل – حلهما في الوقت الحالي.
الخوف من «بعبع» إيران إهانة في دولة تقول عن نفسها إنها«أم الدنيا» وإذا كان الأمر يتعلق بالدين فأنت لا تبني علاقتك على أساس الدين، ناهيك عن أنها دولة مسلمة في الأساس!