نلوم أنفسنا ولا نلوم غيرنا!!
وسائل الإعلام المحلية والعربية حاليًا تتحدث عن بوادر أزمة في العلاقات المصرية السعودية بسبب تصويت مصر في مجلس الأمن لصالح القرار الروسي بشأن الأزمة السورية، والذي يتعارض مع الموقف السعودي، ولأننا كعرب ليس لدينا ثقافة الاختلاف فإن الأمور تتصاعد في الإعلام قد تصل إلى حد المطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين العربيين المسلمين..
وبعيدًا عن العصبية والانفعلات العاطفية وبشيء من العقلانية أقول إنه لا يمكن لمصر والسعودية الاستغناء عن بعضهما البعض لأنهما القوتان الباقيتان في الوطن العربي وحدوث خلاف بينهما معناه محو العالم العربي من على الخريطة العالمية، ثانيًا لا يمكن لنا كمصريين أن ننسى الموقف السعودي من يوم 3 يوليو 2013 عقب إلقاء بيان إزاحة حكم الإخوان فكانت أول برقية وصلت إلى مصر كانت من الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله والتي قال فيها للفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع حينذاك لقد أنقذت مصر والإسلام من نفق لا يعلم مداه إلا الله، ثم توالى الدعم السعودي لمصر سواء المادي أو المعنوي والذي أسهم بشكل كبير في تغيير الموقف الدولي من الثورة المصرية، هذه حقائق لا يمكن تجاهلها أو إنكارها حتى لا نشمت الإخوان فينا..
أما بخصوص الموقف الحالي والتهديد بقطع المساعدات أو وقف الإمدادات البترولية فأنا أيضًا لي فيه وجهة نظر مختلفة وهي أن كل دولة من حقها أن تسعى إلى مصلحتها وأن هناك حكمة تقول لا صداقة دائمة ولا عدواة دائمة بل يوجد هناك مصلحة دائمة هذا المبدأ السائد الآن ليس فقط في العلاقات الدولية بل حتى العلاقات الشخصية بين الأفراد وحتى بين الإخوة الأشقاء من أم وأب، إذًا من حق كل دولة السعي على مصلحتها ومشكلتنا في مصر أننا دائمًا نعلق أقدارنا وحياتنا على غيرنا وحينما يخطئ نلومه ولا نلوم أنفسنا حتى في مباريات كرة القدم مصيرنا لا يكون بأقدمنا بل بأقدام الفرق المنافسة..
ووصل هذا التواكل على الغير إلى المواطنين أنفسهم فدائما نقول إن القطار فاتني ولا نقول إنني حضرت متأخرًا بعد الموعد وبالتالي لم أستطع اللحاق بالقطار ونلومه ولا نلوم أنفسنا ونعترف بأخطائنا، إلى متى سوف نظل نعتمد على غيرنا؟ سواء المملكة العربية السعودية أو غيرها، نحن دولة لا ينقصها أي شيء سوى الإرادة الحقيقية للنهوض..
إن المحنة هي التي تصنع الدول هكذا تعلمنا من اليابان بعد التدمير النووي الأمريكي وأيضًا ألمانيا وكوريا ودول كثيرة بعد حروب منهكة، لدينا موارد تكفي قارة ومع ذلك نتسول غذاءنا ونقترض من كل الدول والمؤسسات، بند واحد فقط سوف أشير إليه في هذا المقال وهو ضرورة تحسين العلاقات مع إيران اليوم قبل غدًا وفتح باب السياحة الدينية للإيرانيين على الأقل سوف يزور مصر 8 ملايين إيراني سنويًا أما الخوف من التشيع فهذا قول باطل يراد به وقف حالنا، لأننا شعب يعشق أهل البيت ولم ولن يتأثر بأي ثقافة أو فكر شاذ، حتى الاستعمار على مدى عشرات السنين لم يؤثر فينا..
السياحة الدينية الإيرانية لن تكلف مصر شيئًا لأنها في مناطق شعبية ولا تحتاج إلى مزيد من البنية السياسية والإنشاءات وسوف تغنينا عن الاقتراض وتغني أبناءنا عن ذل المعيشة في الدول العربية أو الموت في مراكب الهجرة غير الشرعية.. أمريكا رأت أن مصلحتها تقتضي التعاون مع إيران وفعلت والسعودية نفسها لو رأت أن مصلحتها مع إيران سوف تفعل.. ونحن لا يوجد أصلا مشكلة بيننا وبين إيران فلماذا لا نفعل؟!
المقال القادم سوف نتناول الموانئ المصرية المهملة والتي تستطيع أن تجلب لمصر أكثر من مائة مليار دولار سنويا إذا أحسن استغلالها، من لا يملك غذاءه ووقوده لا يملك قراره ومصر ليست دولة فقيرة بل غنية بمواردها وبشعبها المحترم الذي لم يجد حتى الآن من يحنو عليه أو يرفق به ويحسن استغلاله.
egypt1967@yahoo.com