ونجحت مصر في الاختبار الروسي !
هل يمكن تخيل أن قناة "روسيا اليوم" وثيقة الصلة بدوائر السلطة في روسيا تخطئ في خبر مهم كوجود مفاوضات بشأن استئجار "معسكر" في مصر لتحويله إلى قاعدة عسكرية؟ وهل يمكن تخيل أن الخبر صحيح ومصر تنفيه وفور بثه وبهذه الصرامة؟ كلا الأمرين غير ممكن ونكون أمام احتمال وحيد هو تسريب الخبر كبالون اختبار إما لجس نبض مصر وتعاملها معه واختبار المدى الذي يمكن أن تصل إليه في علاقاتها مع الصديق الروسي الذي يتحول إلى شريك استراتيجي الآن.. أو كجزء من الحرب الباردة الدائرة بين روسيا والولايات المتحدة..
يلفت النظر أن الخبر غير منسوب لشخص محدد ولا منسوب لمنصب بعينه ولا منسوب إلى جهة رسمية أو غير رسمية وهذه الأخبار قليلة على شبكة "روسيا اليوم" وموقعها الإخباري.. ويلفت نظرنا أنه جاء بعد ساعات من إعلان روسيا تحويل مواقعها في طرطوس بسوريا إلى قاعدة دائمة (مع مراعاة الفارق في الظروف بين مصر وروسيا).. ويلفت نظرنا أن الخبر المقصود جاء بعد ساعات من موقعة مشاريع القرارات الخاصة بسوريا في مجلس الأمن.. ليبدو تسريبها كجزء من المباراة الدائرة !
ما يعنينا الآن في الأمر هو المعارك الشرسة التي تخوضها الدبلوماسية المصرية التي تعاملت بحسم في الموضوع السابق وتعاملت بشفافية مع مزاعم دعم مصر متمردي إثيوبيا بينما تعاملت بحكمة وصبر بالغين مع التدخل في شئونها الداخلية بالاحتجاج السعودي ضد دعم مصر للموقف الروسي بمجلس الأمن.. وكان يمكن الرد بقسوة مثل "وما شأن السعودية بالأزمة السورية" أو بحدة مثل "القرار المصري يخص مصر وحدها" أو حتى بخشونة مثل "لا نقبل تدخل أحد في شئوننا الداخلية".. ولكن مصر الكبيرة تدرك حجم المخاطر على الجميع وتدرك أن الأمة العربية -أو ما تبقى منها- لا ينقصها مزيدًا من التشتت والفرقة فكان امتصاص الغضب واعتبار الأمر من باب عتاب الأشقاء..
هذه الاشتباكات على كل هذه الجبهات مع مؤتمر شرم الشيخ مع التحذير الأمريكي لرعاياها في مصر مع زيارة الرئيس للسودان وغيرها تبرز حجم التفاعل المصري إقليميًا ودوليًا.. ولكن يبقى المؤكد أن مصر نجحت مع مكر الأصدقاء الروس ونجحت في اختبار قدرتها على استقلال قرارها وإرادتها حتى في أشد الظروف سوءًا..
تحيا مصر !!