رسالة أصغر مولودة في مصر للسيسي
"الضنا غالي".. عبارة كانت تتردد على مسامعنا ونحن صغار ولا نشعر بمعناها وأبعادها العاطفية مثل كلمات كثيرة على ألسنة آبائنا.. حتى أنجبنا أطفالا فبدأنا نستوعب ما كان مقصودا ونشعر بعمق أحاسيس والدينا.
ويوم 19 سبتمبر الماضي استقبلت مشاعري ومضات جديدة أعادت تشكيل وجداني وضخت في شراييني أحاسيس أكثر عمقًا واختلافًا عن سابقيها بقدوم حفيدتي "سيليا" وتشكلت معها مفاهيم أشد وعيًا بمعنى الجملة الشائعة "أعز من الولد...".
وما بين الجد والحفيد مسافة زمنية كبيرة وأحيانًا شاسعة ومع ذلك تتلاشى هذه المساحات وكأنهما كيان واحد في بوتقة فريدة من النقاء والصفاء.. هي إذًا درجة أكثر سموًا من الحب والتوحد العاطفي.. حب ينطبق عليه مقولة شمس الدين التبريزي لمولانا جلال الدين الرومي "الشيء الذي لا يمكنك التعبير عنه بالكلام.. تدركه بالصمت".
نعم لا أستطيع إدراك حبي لسيليا سوى بالصمت.. هي وكفى.
وبلدنا الولادة التي تحدث عنها الشاعر العظيم أحمد فؤاد نجم في قصيدة الورد اللي فتح في جناين مصر تلد في كل لحظة ابنًا وحفيدًا.. تنجب أملا جديدًا كل غمضة عين.. أمل يبحث عن شمس الحرية لينمو ويكبر وتمتد جذوره في أرضها حبا وانتماءً وفخرًا.
والانتماء الذي ننتظره من الأجيال القادمة يحتاج أرضًا خصبة تغذي الوطنية في عروقهم وتجعلهم أبناءً صالحين ينشأون على البر لأهاليهم والعطاء لبلدهم.. أرض ترويها الحرية والكرامة وحقوق الإنسان.
رسالة "سيليا" وأقرانها للسيسي ولنا جميعًا أن نفتح طريق الغد لهم بوطن لا يعرف الكبت والتضييق.. أن نمد أيدينا لنقتلع جذور الفساد.. ونزرع الخير والعدالة.
أجيال عديدة انتظرت هذا الحلم لكنها كبرت على الوعود والتصريحات المعسولة التي لا يتحقق منها شيء، وعندما قام شباب الألفية الثالثة بثورة 25 يناير تكتل عليهم من يخشون التغيير والإصلاح ويريدون أن تكون مصر لفئة دون غيرها.. من حق أحفادنا أن يحلموا بوطن للجميع يتباهون به.. ويجدوا ما انتظرناه نحن طويلا دون جدوى.