رئيس التحرير
عصام كامل

140 ساعة في عرين «الأسد» بين الحرب والنصر


140 ساعة هي المدة التي استغرقتها زيارتي لسوريا قلب العروبة النابض، التي تخوض حربًا كونية دفاعًا عن شرف وكرامة الأمة العربية كلها، وبالطبع إذا حاولت تسجيل كل تفاصيل الرحلة فهذا بالطبع يحتاج كتابًا وليس مقالًا، لذلك سوف أركز على بعض المحطات في هذه الرحلة لإلقاء الضوء على المجتمع العربي السوري وكشف الكثير من الحقائق التي يشوهها الإعلام الممول أمريكيًا وصهيونيًا وخليجيًا لتزييف وعي الرأى العام العربي والعالمي.


المحطة الأولى في الرحلة أفردت لها مقالي السابق وهو النصر في عيون السوريين، فمنذ أن وطأت قدماى مطار دمشق وأنا أرى علامات النصر في عيون السوريين فكل من تقابله يندفع إليك ليؤكدوا أنهم صامدون وأن جيشهم الباسل سينتصر حتمًا، رجل النظافة في المطار وسائق التاكسي والشباب والشيوخ رجال ونساء يستوقفوننى بالطرقات ليؤكدوا متابعتهم إطلالتى المتعددة على المنابر الإعلامية السورية، ويؤكدون أن إطالة أمد الحرب تمدهم بمزيد من الصلابة والقوة إيمانًا بقضية بلادهم العادلة، وأنهم ليس لديهم بديل عن النصر.

المحطة الثانية هي أنه وعلى الرغم من آثار الحرب التي تبرز في بعض البيوت المهدمة، وانتشار الحواجز الأمنية في كل مكان فإن ذلك لم ينل من الروح المعنوية للمواطن العربي السورى، حيث يمارس حياته بشكل طبيعى، فهو شعب محب للحياة يخرج ويسهر ويمارس طقوسه اليومية تحت أصوات القذائف والتفجيرات، ومن يمشي بشوارع دمشق لا يمكن أن يلحظ شيئًا غير طبيعي، رغم الآثار التي تركتها الحرب مع القوى التكفيرية الإرهابية على حدودها مع الأرياف، حيث البيوت المهدمة وأصوات القذائف من حين لآخر.

المحطة الثالثة هي وجود الدولة بقوة في الشارع السورى، فالانضباط والنظافة والطرق الحريرية والأسعار الأرخص في العالم كله دليل قوى على أن الدولة قادرة رغم الحرب على أن تتفاعل مع المواطن لتخفيف أعبائه والاستجابة لحقوق المواطنة، فالجنود على الحواجز يعاملون المواطن بكل احترام، والمواطن يجل ويحترم ويقدر دورهم دون ضجر أو غضب.

المحطة الرابعة بالتليفزيون العربي السورى الذي قضيت به ساعات طويلة من الرحلة عبر كل محطاته الأرضية والفضائية، وقد لمست بنفسي إعلام الحرب فالكل يعمل ضمن كتيبة محاربة يقودها رجل إعلام قدير هو الأستاذ عماد سارة، المدير العام الجديد للإذاعة والتليفزيون، والذي يقوم بثورة إدارية وفنية للتغيير والإصلاح بالداخل حتى يتمكن من مجابهة الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تشن الحرب على سوريا، ونجح في مواجهة الفساد رغم أنه لا يسأل أي أحد عن الإصلاح في زمن الحرب.

المحطة الخامسة هي مؤسسة "دام برس" الإعلامية وهى منارة إعلامية جديدة في زمن الحرب تنم عن وجود شخصيات وطنية تسخر كل ما تمتلكه لصالح الوطن، ففى زمن الحرب يحاول الكثيرون أن يفروا ويهربوا بأموالهم بعيدًا عن الخراب والدمار، لكنك في سوريا تجد من يسعى للبناء والإعمار في زمن الحرب، فسعدت بالدعوة الموجهة من الدكتورة مي حميدوش أستاذ الإعلام بجامعة دمشق ورئيس مجلس إدارة وصاحبة "دام برس" لزيارة المؤسسة بعد تطويرها وتوسيعها وزيادة عدد كوادرها لمشاهدة ميلاد جديد في الإعلام المقاوم، والانضمام إلى كتيبتها المحاربة بالكلمة.

المحطة السادسة هي إعلامية وتنموية وتدخل أيضًا في خانة الالتزام الوطنى في زمن الحرب، فهذا الشاب العربي السورى تامر البلبيسي الذي عرفه الجميع أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حين تحدى العالم وحضر من الكويت بثلاث طائرات تحمل مواطنين سوريين لانتخاب رئيسهم البطل بشار الأسد يقوم ببناء صرح إعلامي جديد وهو قناة زنوبيا، هذا إلى جانب مصنع ضخم للأدوية في المنطقة الحرة، وسعدت بدعوته لمشاهدة مشروعاته وتسجيل لقاء عبر قناته الوليدة ضمن الكتيبة المحاربة في الإعلام العربي السورى، إنه تعبير حق عن الإيمان بالنصر في زمن الحرب.

المحطة السابعة هي دعوة منظمة فتح الانتفاضة- الفصيل الفلسطينى المسلح الذي رفض أي تفاوض مع العدو الصهيونى وقرر أن البندقية والرشاش والمدفع هو الطريقة الوحيدة لمواجهته- لزيارتها وحفاوة استقبال أمين سر حركتها المركزية الرفيق أبو حازم الذي يرتبط معنا نحن الناصريون بتاريخ مشترك فهو ذلك الضابط الفلسطينى الذي ساعد القوات البحرية المصرية في تدمير إيلات الإسرائيلية في العام 1968 أثناء حرب الاستنزاف، والذي أرسل له الزعيم جمال عبد الناصر تحية عبر أسير الإذاعة تقديرًا لدوره في العملية، وما يجعلك تشعر بالنصر هو وجود أكثر من ألف مقاتل لدى هذا الفصيل يخوضون الحرب على عدة جبهات ومنها بالطبع الجبهة السورية بالداخل.

المحطة الثامنة والأخيرة هي دعوة العميد أركان حرب عدنة خير بك لمكتبها بوزارة الدفاع والإشادة بدورنا في الدفاع عن سورية، وتأكيدها عمق العلاقات المصرية السورية عبر التاريخ، ثم كانت الدعوة للمشاركة في احتفالات الجيش العربي السورى بانتصارات حرب تشرين التحريرية ( أكتوبر 1973 ) والتي خاضها الجيشان "المصري والسورى" جنبًا إلى جنب، ويحاول الإعلام طمس هذه الحقيقة، وكان الاحتفال في إحدى النقاط المتقدمة على جبهة القتال، وهى المرة الأولى -على حد علمي- التي يشارك مصرى ومدنى في مثل هذه الاحتفالات ومن موقع عسكري وعبر بث مباشر للتليفزيون العربي السورى، أنها ثقة ما بعدها ثقة وشرف ما بعده شرف مشاركة جيشنا الأول احتفالاته، فحتى في زمن الحرب لم تنس سوريا الاحتفال بانتصاراتها المجيدة.

وعبر تلك الرحلة التي استغرقت 140 ساعة في عرين الأسد، وعبر كل محطاتها المضيئة يمكننى أن أؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن سوريا ستنتصر حتمًا في معركتها ضد الإرهاب، فصمود الشعب الأسطورى، وبسالة الجيش الخارقة، وشجاعة الرئيس النادرة، تبشر بالنصر.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية