"جديد" لبنان: باسم يوسف رقم "1"
باسم يوسف هو الأول فى لبنان، هذه ليست كذبة أبريل، ولكنها حقيقة، فخبر التحقيق مع باسم يوسف فى دار القضاء العالى بتهمتى ازدراء الأديان وإهانة الرئيس كان الخبر رقم 1 فى نشرة أخبار قناة "الجديد"، وهى القناة الأكثر شهرة وجماهيرية فى لبنان.
فنشرات الأخبار اللبنانية عادة ما تبدأ – بعد عناوين الأخبار - بمقدمة مقالية قصيرة لقارئة أو قارئ النشرة بعدها يتوالى عرض الأخبار السياسية حسب أهميتها، وتزدحم لبنان حاليًا بتصريحات سياسية تأتى من كل حدب وصوب حول المرشح المحتمل لرئاسة الوزراء، وحول إمكانية تشكيل حكومة لبنانية من عدمه فى ظل إصرار بعض القوى السياسية على ضرورة ربط تشكيل الحكومة بالتوافق حول قانون انتخابى، هذا بالإضافة إلى متابعة للأحداث اليومية فى الشارع اللبنانى، وللأحداث فى سوريا وتأثيرها على الحدود، حجم الأحداث اليومية فى لبنان وفى العالمين العربى والدولى يكفى لعدة نشرات إخبارية.
فى وسط هذا الضجيج والزخم السياسى فاجأتنا قناة "الجديد" اللبنانية بتخصيص الخبر الأول فى النشرة للتحقيق مع باسم ويوسف فى دار القضاء العالى، وليسبق بذلك جميع الأخبار السياسية الساخنة، وقد صاحب الخبر تقرير من القاهرة حول أسباب التحقيق مع باسم وتأييد قطاع كبير من المصريين له، وحول الإفراج عنه بكفالة.
ولست هنا بصدد الدفاع عن باسم يوسف، فمطاردة الإعلام أمام القضاء لحبس بعض الإعلاميين أو إيقاف برامجهم هو أسلوب معروف لدى التيارات التى يضيق صدرها بالنقد، وهناك تيارات أخرى تطلق سيلًا من "التكفير" والمطالبات "بقتال الإعلام الليبرالى الفاجر الداعر"، والنص هنا للشيخ السلفى فوزى السعيد فى مؤتمر لتأييد الدكتور محمد مرسى أثناء الانتخابات الرئاسية، وغير الشيخ فوزى من أصحاب الاتجاه نفسه كثيرين.
اختارت قناة "الجديد" اللبنانية أن تدافع عن باسم يوسف بشكل يليق بقضية حرية الإعلام فقدمت خبر التحقيق مع باسم يوسف والتقرير الخاص به على سائر الأخبار السياسية الملتهبة فى لبنان، لأن خبر محاولة "اغتيال" حرية الإعلام فى مصر لا يقل فى أهميته عن الأخبار السياسية المحلية فى لبنان رغم سخونتها، قد يكون السؤال هنا، ولماذا تفعل القناة ذلك؟ لأن الحرية لدى قناة "الجديد" أهم من السياسة.
وقناة الجديد لمن لا يعرفها هى القناة اللبنانية الخاصة الوحيدة التى لا تنطق بلسان طائفة سياسية فى لبنان، ويملكها الإعلامى تحسين خياط ويشاهدها العرب فى الأمريكتين وفى إستراليا، القناة تعرضت لحملات تشويه متعددة لمواقفها، ولكن هذه الحملات سرعان ما تكسرت أمام موضوعية القناة.
مواقف القناة يثمنها بعض اللبنانيين وفقًا لانتمائتهم السياسية، فالقناة فى رأيهم موالية للسعودية عندما كانت تدافع عن المطالبين برحيل نظام بشار الأسد، وهى موالية لإيران لأنها ترى أن ما يحدث فى سوريا أقرب إلى المؤامرة منه إلى أى شئ آخر وهى مازلت فى ذلك تدافع عن الحرية للسوريين، والقناة تمتلك فريقًا متميزًا من الإعلاميين فى مقدمتهم طونى خليفة والذى يظهر أسبوعيًا فى برنامج "للنشر"، وجورج صليبى فى برنامج "الأسبوع فى ساعة"، فضلًا عن برنامج أسبوعى لقضايا "الفساد" للإعلامية غادة عيد، ويتميز الإعلامى رياض القبيصى فى قناة "الجديد" بأفلامه الوثائقية التى يأتى معظمها فى إطار الصحافة الاستقصائية، وتعرض القناة برنامجين ساخرين يتناولان الحياة السياسية فى لبنان هما "إربت تنحل"، و "شى إن إن"، وهما أكثر نقدًا فى كثير من الأحيان من برنامج "البرنامج" لباسم يوسف.
المهتمون بحبس باسم يوسف أشخاص يمثلون تيارات سياسية معروفة للمصريين، أعتقد أن المهتمين بحبس باسم يوسف قد شاهدوا – أو عرفوا – اهتمام نشرة الأخبار الأكثر شهرة وموضوعية فى لبنان بخبر التحقيق مع باسم يوسف بل التعامل مع الخبر بالشكل الذى يليق بحرية الإعلام فى مصر، وإن لم يكونوا قد عرفوا فها هم يعرفون.
"ليس لحرية الإعلام مكان، فالحرية هى وطن الإعلاميين فى كل مكان" هذه هى رسالة قناة "الجديد"، نتمنى أن تكون الرسالة التى وجهتها قناة "الجديد" من لبنان إلى "حبسجية" الإعلاميين فى مصر قد وصلت.