رئيس التحرير
عصام كامل

الثانوية العامة وهاجس الالتحاق بكليات القمة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

العام الدراسي يبدأ كل عام في نهاية شهر سبتمبر لدى طلاب الجامعات ومراحل التعليم الأساسي، على عكس العام الدراسي لدى طلاب الثانوية العامة الذي يبدأ أوائل شهر أغسطس، ويشهد العام الذي يتقدم فيه أحد الأولاد أو البنات في العائلة إلى الشهادة الثانوية العامة استنفارا كاملا.


ويتم خلال العام رفع حالة طوارئ في المنزل ويتم فيه سنّ الكثير من القوانين الخاصة التي تشمل غالبًا كل أفراد المنزل من لهم علاقة به ومن ليس لهم علاقة به فيمنع تبادل الزيارات إلا للضرورة القصوى مع العائلة، ويصبح الخروج خارج المنزل للتنزه أو الترويح عن النفس مجرد حلم يراود الطالب والحديث على الهاتف ممنوع.

ويمر العام ثقيلًا كمرور فترة الحرب، على الطالب وجميع أفراد عائلته لايسمع فيه إلا عبارات: (هي سنة تحدد مصيرك، لو مجبتش مجموع كويس مالكش مستقبل، ذاكر واسهر علشان تجيب مجموع كبير يدخلك كلية من كليات القمة)، كثير من هذه العبارات التي تضع الطالب تحت عبء إضافي غير عبء المواد الضخمة والمناهج الكبيرة الذي عليه أن يدرسها ويفهمها ويحفظها ويشعر أنه حين يحصل على شهادة الثانوية العامة سيحمل بيده مفتاح النجاح والصعود نحو القمة.

ولكن تأتي الصدمة ويعلو صوت الصياح في بعض المنازل، بعد انتهاء الامتحانات وظهور النتائج وبين شاعر بالظلم وراضٍ بما حققه يجد أنه وبكل ما بذل من مجهود عظيم لم يحصل سوى على شهادة ثانوية لا تؤهله ليعمل عملًا (عليه القدر والقيمة) وعليه من جديد أن يكافح ليدخل الجامعة ويدرس فيها سنوات عجاف ثم يتخرج وهو ما زال غير قادر على البدء بحياته العملية.

الحقيقة، نعم هذا هو الواقع ولا نملك منه مفرًا، ولكن من قال إن نتائج الثانوية العامة تحدد مصير الإنسان وحياته كلها؟ هي مجرد مرحلة على مفترقات الطرق التي نعيشها ونقضي حياتنا نختار منها فإن وجدنا أنفسنا في طريق ما لظروف قد تكون قاهرة، فهذا لا يعني أن الخيارات انتهت أمامنا ولم يعد أمامنا منعطفات أخرى، ولكن توجد أسباب تجعل من شهادة الثانوية العامة مرحلة مهمة في حياتنا ولكن لا تحدد مستقبلنا بشكل نهائي:

1- لم تعد الجامعات الحكومية التي تطلب معدلات عالية هي ملجأ الدراسة الوحيد للطالب .
يمكن القول بأن الجامعات الحكومية في مصر، لم تعد هي الوحيدة التي يمكن للطالب أن يكمل دراسته العليا فيها وصارت الجامعات الخاصة والمعاهد العليا الخاصة كثيرة ومتنوعة الاختصاصات والمستويات، رغم أن الكثير لا يعتمد شهادات الجامعات الخاصة وأن شهادة الجامعات الحكومية لها أفضلية عن باقي الشهادات.

والجامعة من أهم المراحل في حياة الطالب والشهادة التي يحصل عليها ستساعده كثيرًا في ارتقاء سلم النجاح في العمل وحين معرفة هدفه الذي يريده والمكانة المهنية التي يرغب في الوصول إليها سيكون من الأسهل عليه اختيار الفرع الذي يناسبه والدراسة بما يكفي ليصل إلى المجموع الذي يحقق له دخول هذا الفرع أو دراسة الاختيارات الأخرى من السفر والانتساب إلى جامعة خاصة.

2- الدراسة على الإنترنت
كثير من المواقع العربية ظهرت مؤخرًا كمنصات دراسية مثل (رواق) وغيرها تمنح كورسات مجانية على الإنترنت لمحاضرين معروفين ومختصين في مجالات كثيرة بإشراف جامعات مهمة وعالمية في الكثير من المجالات (البرمجة – اللغات – العلوم الإنسانية – العلوم والكيمياء) وإذا كانت الظروف الحياتية لم تسمح للطالب بالحصول على النتائج التي يرغب بها ودخول الفرع الذي يريده لديه فرصة أخرى من خلال الكورسات أون لاين والتي تمنح شهادة معترف فيها.

ويمكن دراسة هذه الكورسات إضافة للدراسة الجامعية النظامية وتطوير مهارات الطالب إن اختار نفس المجال الذي يدرسه أو توسيع ثقافته المعرفية والتعرف على علوم أخرى يرغب في تعلمها وتفيده في حياته العملية.

3- النجاح ليس مرتبطًا بشهاداتك
الكثير يقول إن النجاح معتمد على حصولك على الشهادة.. هذا الكلام غير صحيح فالكثير من العلماء والأدباء ركبوا سلم النجاح ولم يحصلوا على شهادات، لكن لا أقلل من أهمية الشهادة الجامعية لأننا في عصر العلم والشهادات ولا يمكن لأي شخص أن ينجح في حياته دون شهادته الجامعية لأنه وربما للأسف لا أحد يقيم وزنًا لشخص بلا شهادة.

مع ذلك الحياة لا تتوقف عند الثانوية العامة إن لم تتح لك دخول (كلية من كليات القمة) كما يسميها الكثيرون مثل الطب والهندسة والإدارة، لكن لا بأس بكلية إعلام أو فرع من فروع الآداب أو دراسة معهد تقني والتفوق فيه.

4- الجامعة لا تكفي لتؤهلك للنجاح في الحياة العملية
في هذه الآونة بالذات لا أعرف جامعة تخرّج طلابًا مؤهلين فورًا للدخول إلى سوق العمل والالتحاق بوظائف تتناسب وشهادتهم التي حصلوا عليها، مهما كان الفرع الذي سيدرسه الطالب ابتداء من الطب إلى المعهد المهني سيحتاج الطالب بعد التخرج إلى فترة طويلة من التدريب وحضور كورسات تدريبية عملية وربما يضطر للعمل بشكل مجاني ليتعرف على طريقة تطبيق العلوم النظرية التي تعلمها في الجامعة.

الجامعة مهمة لأنها تشكل أرضية صلبة للطالب وتمنحه وثيقة دخول إلى سوق العمل، لكنها للأسف لا تكفي وحدها، لكن النجاح يتطلب كثيرًا من الجهد الشخصي والعمل على تطوير المهارات والتعب والتدريب لتصبح مميزًا في عملك حتى لو كان مجرد تقديم الشاي والقهوة في مكان ما مثل ماعمل دكتور التنمية البشرية، إبراهيم الفقي في أحد الفنادق بكندا لكي يحقق حلمه ويصبح مديرًا لأكبر الفنادق.
الجريدة الرسمية