رئيس التحرير
عصام كامل

التجار والاحتكار.. خط الإرهاب الموازي !


لن يجف حلق ولسان هذا القلم في حربه بلا هوادة ضد التاجر المصرى غير الشريف، وضد المستورد المصري اللص، أما الشريف منهما فسوف ننحنى له احتراما وإقرارا بوطنيته وشهامته، في وقت يواجه فيه الوطن محنة وابتلاء، لم يمر بمثلها حتى في السنوات التي تلت حرب الخامس من يونيو، وصولا إلى حرب النصر في السادس من أكتوبر.


التاجر المصري نوعان: تاجر منتج محتكر أو تاجر مستورد محتكر والأخير يبيع بأسعار جنونية حتى قبل أن يصيب السعار مخ الدولار، ثم هناك تاجر يبيع، بوصفه منفذا للتوزيع. التاجر الكبير هو رأس الفساد، وليلة أمس بثت قناة الحياة في برنامجها الحياة اليوم، لتامر أمين فقرة كشفت الجشع والهلع. 

جشع لصوص كبار من تجار اللحوم، يحتجزون العجول في المزارع، لتعطيش السوق، ورفع السعر على العجل الواحد ٢٠٠٠ جنيه، وإلزام الجزار ببيع الكيلو بسعر ١١٠ جنيهات. ذاك جشع المعلم اللص، أما الهلع والجزع فهما للجزار طارق سلامة، شيخ الجزارين في شارع فيصل بالهرم، والذي رفض بيع اللحوم وبدأ بنفسه حملة مقاطعة، سرعان ما انضم إليه فيها جزارون مجاورون، تصديقا واحتراما لموقفه ورغبة في الوقوف إلى جانب المستهلك المصري. قال الجزار إن كيلو اللحم سيصل بهذا الجشع إلى ١٢٠ و١٣٠ جنيها خلال شهور لأن المعلمين الكبار يحتكرون السوق ويخفون العجول في المزارع.

ولأول مرة بحق، وكما قال تامر أمين، نرى تاجرا يدعو الدولة إلى مراقبة الأسواق وشن حملات لضبط التجار الجشعين وتساءل بمرارة عن دور الدولة !

صرخة الجزار هي في الحقيقة، صرخة كل مواطن، من أفقر فقير إلى أفقر مواطن في الطبقة المتوسطة، التي تسقط حاليا إلى السفح. هي طبقة تتعذب بالذكريات البسيطة عن قدرة اقتصادية معقولة، وبكرابيج الواقع الفقري الجديد.

لا يوجد بيت في مصر لا يتوجع ولا يتألم من غول الأسعار وسعرة التجار. ويسأل الناس بعضهم بعضا: ألسنا في حالة حرب ؟ بلى الوطن في حالة حرب، وهذه الحالة يعيش فيها أبناؤنا وإخوتنا في الجيش والشرطة مرتين: هم بأرواحهم وأجسامهم على خط النار، وأسرهم في البيوت والعمل والمدارس يكتوون مثل بقية المواطنين بتوحش الأسعار! كيلو الشاي ب ٦٠ جنيها وزجاجة الزيت ١٨ جنيها والفرخة تجاوزت ال٣٥ جنيها للكيلو!

ما جزاء من يحارب وطنه وقت الحرب؟

هو جزاء الخونة. كل الدول التي تواجه عدوانا خارجيا يستهدف وجودها المؤسسي، تبادر إلى تطبيق إجراءات عقابية صارمة، تلزم اللصوص حدود القانون. ما يفعله تجار مصر من الحرامية، وما يقوم به المحتكرون من حبس السلع عن الشعب بالتخزين، هو بالضبط عمل تحريضي ضد الدولة، واستعداء للشعور الشعبي العام عليها، واظهارها بمظهر العاجز عن الوفاء باحتياجات الناس. ومهما قامت أجهزة الدولة، ومهما طرحت القوات المسلحة مشكورة من مبادرات في الأسعار والسلع، فإن عصابة الاحتكار في مصر هي خلية إرهابية، تتساوي في اجرامها مع خلايا داعش والإخوان.

المحتكرون يحاربون الشعب ليثور الشعب على دولته، وذلك هو الفصل الرابع من حرب الخامس والعشرين من يناير يريدون به الانقلاب على ٣٠ يونيو.

ألا يري أحد ما نراه جميعا؟ بالتأكيد، هناك من يرى ويقدر وينبه ويحذر. نتمنى أن تبادر الحكومة إلى شن حملات رقابة موسعة على مخازن التجار وبعض مفتشي التموين أنفسهم، وتجريسهم، قبيل الدفع بهم إلى المحاكمات.
فاض الكيل بنا، بوسعنا التحمل لو رأينا كبار المحتكرين تحت مقصلة القانون..
لكن القانون كسيح للأسف..والحكومة بنصف لسان وبعض ذراع !
الجريدة الرسمية