رئيس التحرير
عصام كامل

أشرف مروان بين الوطنية والجاسوسية «بروفايل »

أشرف مروان
أشرف مروان

شخصية ترنحت طيلة حياتها وبعد مماتها بين مراتب البطولة وبراثن التخوين والعمالة، لغز كبير لا تزال شفراته غير مفهومة، فمع كل ذكرى لانتصار أكتوبر المجيد، يطرح اسمه وبقوة ضمن أشهر الشخصيات الاستخباراتية التي لعبت دورا مؤثرا فترة ما قبل الحرب مباشرةَ وسط اتهامات من البعض له بالعمالة من الجانب المصري والإسرائيلي على حد سواء.. إنه أشرف مروان.


أشرف مروان، رجل أعمال مصري، وزوج منى جمال عبد الناصر، ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، التي اتهمت الموساد الإسرائيلي بقتل زوجها، إثر إسقاطه من شرفة منزله بلندن، العاصمة الإنجليزية في ضيف 2007.

لمحات عن حياته
ولد مروان في عام 1944 لأب كان ضابطا بالجيش، حصل على بكالوريوس العلوم في عام 1965، وعمل بالمعامل المركزية للقوات المسلحة ثم مساعدا لجمال عبد الناصر، وفي عام 1970 أصبح المستشار السياسي والأمني للرئيس الراحل أنور السادات، وأخيرًا ترأس الهيئة العربية للتصنيع بين عامي 1974 و1979، وتوجه إلى بريطانيا بعد تقاعده كرجل أعمال وتوفي فيها في 27 يونيو 2007.

عميل مزدوج
اهتمت الصحف العبرية اهتماما كبيرا بوفاة أشرف مروان، واتهمته بأنه عميل مزدوج، وكتبت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن هناك غموضًا يكتنف وفاة مروان، الذي وصفته بأنه كان عميلا مزدوجا ما بين المخابرات المصرية والإسرائيلية، وأنه كان يخشى على حياته منذ أن كشفت إسرائيل عام 2003 أنه عميل كبير للموساد، وأنه سبب في إخفاق مؤسسة الموساد، لكن هناك منتقدين لهذا التوجه قالوا إنه لا يوجد أساس لهذه النظرية.

رجل خدع الموساد
من جانبه، قال اللواء «إيلي زعيرا »، الذي طرد من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل إسرائيل في التنبؤ بالحرب عليها، في كتاب صدر في العام 1993: إن إسرائيل فوجئت بالحرب لأنها وقعت ضحية عميل مزدوج، غير أنه لم يذكر اسمه في ذلك الكتاب، لكن الصحافة الإسرائيلية قامت بنشر اسم «مروان».

ونشرت الصحف العربية فيما بعد «الوثائق الإسرائيلية » وكتاب «حرب الغفران - الأيام الستة»، وجاء فيهما الاسم الحركي للعميل «بابل» والذي كان مقربا من الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، وأنه كان بحكم موقعه مطلعًا على أدق أسرار الدولة العسكرية.

أكبر صفعة
في هذه الوثائق، تقول المخابرات الإسرائيلية: إن أكبر صفعة تلقاها الموساد، كانت على يد أشرف مروان، وأنه خدعهم وأقنعهم بأنه يعمل معهم، وبل وكان السبب في ألا يأخذ الإسرائيليون الأخبار عن حرب أكتوبر مأخذ الجد، إذ أرسل عدة رسائل للمخابرات الإسرائيلية من يوم 1 أكتوبر إلى السادس من أكتوبر، بعلم وتخطيط الرئيس السادات، يحذر فيها من قيام القوات المصرية بعبور القناة دون أن يحدث شيء، إلا أنه في يوم السادس من أكتوبر، قام بالإبلاغ عن اليوم، وذكر أن العبور سيتم في الساعة السادسة مساء، والحقيقة أن العبور تم في الثانية ظهرًا، وهو ما وصفه جنرالات الموساد بأنه أكبر عملية تضليل تعرضت لها المخابرات الإسرائيلية.

إنقاد الجنود المصريين
عرضت محطة ميلتري الأمريكية - وهي محطة متخصصة بعرض البرامج ذات الطابع العسكري-، برنامجا وثائقيا عن حرب أكتوبر، كشفت فيه النقاب عن أن أشرف مروان قد أنقذ حياة آلاف الجنود المصريين الذين عبروا القنال في حرب أكتوبر، من وشاية الملك حسين ملك الأردن وقتها، الذي طار بنفسه إلى تل أبيب للإبلاغ عن موعد الهجوم المصري السوري المشترك.

ووفقا للبرنامج، فإن أشرف مروان، هو الذي حال دون أخذ إسرائيل بوشاية الملك العربي، والتي كانت ستسفر عن مقتل آلاف الجنود المصريين فيما لو فتحت إسرائيل أنابيب النفط التي كانت ستحول القنال إلى بركة من النار.

العميل الملاك
آخر هذه الحقائق التي أكدت نجاح مروان في خداع الموساد الإسرائيلى، نشرتها صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، بعد ظهور كتاب جديد في إسرائيل تحت عنوان «الملاك أشرف مروان.. والموساد ومفاجأة حرب يوم الغفران»، وهو كتاب لأستاذ العلوم السياسة بجامعة حيفا يورى بار يوسف، الذي تناول فيه علاقة أشرف مروان، وجهاز الموساد الإسرائيلى الذي أطلق على «مروان» اسم العميل «الملاك» في الفترة التي سبقت وأعقبت حرب أكتوبر 1973.

كتاب إسرائيلي يبرئه
أكد الكتاب أن مروان لم يكن عميلا مزدوجا يجمع المعلومات لصالح إسرائيل، ولكنه كان في الأصل يعمل لحساب مصر بنفس التوقيت، ويزود الموساد الإسرائيلى بمعلومات حقيقية موثوق في صحتها، كجزء من خطة الخداع الإستراتيجي الذي كان ينفذها بتعليمات مصرية لإنجاح عمله مع الموساد، حتى أنه أمدهم في يوم 4 أكتوبر 1973، باستعداد مصر لشن حرب قريبة على إسرائيل، ولكن دون أن يحدد متى، وهى المعلومة التي لو استغلها الموساد والقيادة السياسية ممثلة في جولدا مائير والقيادة العسكرية ممثلة في وزير الدفاع آنذاك موشى ديان، لكانت تغيرت معالم حرب أكتوبر بين مصر وإسرائيل.

مصاهرة عمرو موسى
يرى المحللون أن عمرو موسى، وزير الخارجية المصري الأسبق، سمح لابنته بالزواج من ابن مروان، في الوقت الذي كان فيه موسى في منصب يسمح له بالاطلاع على المعلومات الأشد سرية في الاستخبارات المصرية بحكم عمله في الخارجية، علما بأن «هانيا» عمرو موسى انفصلت عن أحمد أشرف مروان بعد زواج دام 15 عامًا، وله منها ولد وبنت اسمهما محمد وأمينة، ولكنه لو كان خائنا ما كان والدها ليسمح بهذه الزيجة، وهو في منصبه شديد الحساسية.

الجريدة الرسمية