أبواب الفساد.. القمامة والإتاوة
جمع القمامة في مصر تحول إلى مشكلة بفعل فاعل.. وبعدما كان جامعو القمامة يجمعونها من المنازل.. قررت الحكومة المصرية إسناد عملية جمع القامة لشركات أجنبية.. وكأننا قد عجزنا عن جمعها.. وتفاقمت مشكلة القمامة التي انتشرت في كل مكان.. وزادت المشكلة من سيئ إلى أسوأ.
وقررت الحكومة إضافة رسوم جمع القمامة التي من المفترض أن الشركات الأجنبية هي من تقوم بها إلى فاتورة الكهرباء.
كان السؤال ما علاقة الكهرباء بالقمامة.. ولماذا تُضاف الرسوم على فاتورة الكهرباء..وتعددت الإجابات وتنوعت ولم تكن هناك من إجابة مقنعة غير أن فاتورة الكهرباء هي السند الحكومى الذي يُثبت مكان الإقامة وبالتالى يمكن عقاب الناس في حالة الاعتراض وعدم دفع رسوم جمع القامة بقطع التيار الكهربائي.
رغم أن الحكومة تعلم أنه هناك الملايين ممن يسرقون الكهرباء ولا يتعاملون مع فاتورة الكهرباء.. لقد فتحت الحكومة بذلك الإجراء بابًا جديدًا للفساد..الفساد المقنن..الفساد باسم القانون..حيث تحولت بمرور السنين رسوم جمع القمامة إلى "إتاوة" تتقاضاها الدولة دون وجه حق لأن جامعى القمامة القدامى ظلوا يتقاضون "شهريتهم" من الناس وإلا امتنعوا عن جمع القمامة.. ولهذه الازدواجية لجأ كثيرون لإلقاء القمامة في الشوارع حيث امتلأت صناديق القمامة التي وضعتها الشركات الأجنبية وفاضت.. وتحولت بفعل فاعل شوارعنا إلى سلال مفتوحة للقمامة..وفى الوقت نفسه زادت الإتاوة عامًا بعد عام..قمة التناقض!
واعترض الناس وهاجوا وماجوا ولا من مجيب.. الحكومات ودن من طين والأخرى من طين أيضًا وضاعت صرخات الناس.. بين صمت الحكومات المطبق..وعجز الناس عن إيجاد بديل غير الشوارع لإلقاء القمامة.
ورغم فشل شركات النظافة الأجنبية منذ بدء عملها في عام 2003.. بعد أن تقاعست عن أداء عملها لسبب أو لآخر خاص ببنود العقود التي أبرمت معها..والتي يشوبها الفساد..لم تستطع الحكومات المتعاقبة التخلص من تلك الشركات..لأن العقد شريعة المتعاقدين.. وفى حالة إلغاء عقود هذه الشركات سوف تلجأ إلى المحاكم وتُطالب بالتعويضات وهو دليل على قصور رهيب في بنود العقود المبرمة معها والتي لم تحفظ للدولة أو للشعب أي حق في محاسبة هذه الشركات عن تقصيرها..مما يستوجب محاسبة بل ومحاكمة من أبرموا تلك العقود المعيبة..وكل ما يمكن اتخاذه من إجراءات تجاه تلك الشركات هو قيام هيئات النظافة بتوقيع الغرامات المالية عليها عند تقاعسها عن أداء عملها.. وفى الغالب تصل هذه الغرامات إلى آلاف الجنيهات!
من المنتظر انتهاء عقود الشركات في عام 2017.. وبهذا تكون قد مرت خمسة عشر عامًا من الفشل الذريع ومن تراكم القمامة في كل مكان..فهل من المنتظر إعادة النظر في منظومة جمع القمامة.. وهل من المنتظر فك الارتباط غير المنطقى والذي أثبتته الأيام بين القمامة وفاتورة الكهرباء أم أن الحكومات استمرأت جمع "الإتاوة" باسم جمع القمامة المزعوم!!
يبدو أن هذا أمل بعيد المنال وأنه لا نية لفك هذا الارتباط.. فحسب تصريحات رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة.. أن رسوم النظافة على فاتورة الكهرباء التي يتم تحصيلها لصالح الهيئة ليست مقابل جمع القمامة فقط حتى يتم إلغاؤها بعد عودة جامعى القمامة، وإنما مقابل كل خدمات النظافة بالبيت والشوارع.. وهو كلام يكذبه الواقع حيث إن لا البيوت ولا الشوارع تتمتع بأى نوع من النظافة وانتشار القمامة في كل مكان خير دليل..ولكن النية معقودة على بقاء الوضع على ما هو عليه.. وبقاء الإتاوة باسم جمع القمامة.. وعلى المتضرر اللجوء لله بالشكوى والدعاء.