رئيس التحرير
عصام كامل

نعمات فؤاد تكتب: حين يصنع الشعب النصر

نعمات فؤاد
نعمات فؤاد

في كتابها "كتبت يوما في الأدب والفكر والنقد والفن" كتبت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد، أستاذ فلسفة الحضارة" مقالا تحت عنوان (الله والإنسان) تقول فيه:


احتفالنا بنصر أكتوبر حق، بل إن القلب المصرى يحتفل به بدون مراسم أو مهرجانات، مع إطلالة كل فجر، مع إشراقة كل صبح جديد..لأنه حياة وكرامة.

كانت الأيام قبله ضياعا ممرورا وهوانا.. لكننا ننسى في ظروفنا الصعبة أن نحتفل بعيد النصر بأعمال جديدة تخدم هذا الشعب الذي صنع النصر بدماء أبنائه وراحة باله وصبر أيامه وقوت عياله ونور لياليه.

ليت كل محافظة تحتفل بنصر أكتوبر بمستشفى جديد أو مدرسة جديدة، أو رفع عدة قرى في زمامها إلى قرى نموذجية.. وهنا نكون أصلحنا في وقت واحد القاهرة والريف معا، لأنى أؤمن أن أي إصلاح في القاهرة لن يجدى مادام الريف يغط في النعاس.

ليتنا نحتفل بنصر أكتوبر بإعادة النظافة والجمال والهدوء إلى القاهرة، إن أصحاب الفرح في العادة يأخذون في الاعتبار إعداد بيتهم حتى أن جلوة العروس تبدأ بجلوة البيت. وانتصارات السلم لا تقل شأنا عن انتصارات الحرب.

نريد أن نجعل من أكتوبر كل عام خطوة حقيقية حية إلى الإمام، وأذا رأبنا الصدوع الكثيرة، وجبرنا القلوب الكسيرة، وبرئنا من الأدواء الكبيرة كالفقر والجهل والمرض..هذا الثالوث الأسود..ساعتها نحتفل بأكتوبر احتفالا شامخا باذخا شأن الموفور السعيد.

وبمناسبة أكتوبر تذكرت الشاعر المصرى الذي لايذكره أحد ــــ مصطفى السبيلى ــــ الذي تبرع بإحدى عينيه لتنقل إلى جريح فقد عينيه الاثنتين، لم تستطع دموع أمه وتوسلاتها أن تثنيه عن عزمه، ولم يستطع الأصدقاء صرفه عن الفكرة، كانت مصر وحبها أكبر منهم جميعا..لايسمع إلا صوتها هي ولم ير إلا صورتها هي.

وهذا الشاب فقير عليل لم يكن نصيبه من مصر ضيعة أو عمارة أو منصبا أو أي شء لكنه يحبها لذاتها.. يحبها لأنها الغنى الحقيقى، والاسم، والانتماء.. يحبها لأنها هي مصر.

ألوف أعطوها العين والروح..وأعلامها فوق سيناء مضرجة بدماء عشاقها وقتلى هواها..دفنوا أنفسهم في التراب، ورفعوا علمها هي فوق السارية.. ولو استطاعوا لرفعوه فوق السحاب.

قل من أجلك ياحياة الحياة..مهما عظم الفداء.
الجريدة الرسمية