رئيس التحرير
عصام كامل

النصر في عيون السوريين


دائما ما تكون رؤية وقراءة المشهد من الخارج مختلفة تماما عن رؤيته وقراءته من الداخل، وعلمتنى الدراسة في مجال علم الاجتماع السياسي أن أبنى مواقفى السياسية والفكرية وفقا للمشاهدات والوقائع الحسية الملموسة، فالموضوعية في العلم هي تصوير الواقع كما هو عليه، ومنذ بداية الأزمة السورية قررت أن أبني موقفى وفقا للرؤية الواقعية بعيدا عما تبثه وسائل الإعلام التي غالبا ما تخضع لقوى سياسية واقتصادية توجهها فيما تقوم بنشره من وقائع وأحداث لذلك دائما ما تأتى الصورة متوافقة مع مصالح هذه القوى المتحكمة في وسائل الإعلام، وإذا أدركنا أن اللوبي الصهيونى هو الأكثر سيطرة على وسائل الإعلام عالميا، فإنه يسعى لترويج ما يريده عبر وسائل الإعلام محليا وإقليميا ودوليا وهو ما جعلنى أطلق على وسائل الإعلام منذ بداية الربيع العربي المزعوم والذي هو ربيع عبري بامتياز مصطلح الجنرال إعلام، فهو أكثر الأسلحة استخداما في هذه الحرب التي تشن على مجتمعاتنا العربية بهدف تقسيمها وتفتيتها.


وفى بداية الأزمة السورية قررت أن أقوم بقراءة المشهد من الداخل حتى يكون موقفي متسقا مع رؤيتى العلمية من ناحية وانتماءاتى الفكرية والسياسية من ناحية أخرى فكانت المبادرة الأولى لزيارة دمشق بصحبة وفد من زملائي بالحزب الناصري وجريدة العربي، وعدنا من الزيارة الأولى بعد رصد الواقع بدقة لنتخذ موقفا مغايرا تماما لما يراه ويعرفه الرأى العام المصرى والعربي المشكل بواسطة الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة في حينه، والتي كانت تعمل طوال الوقت على تزييف وعى المواطنين بما يحدث داخل المجتمع السورى وتصوره على أنه ثورة شعبية على غرار ما حدث في تونس ومصر.

وأدركنا أن ما يحدث هو مؤامرة كبرى تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيونى وحلفاؤهما الأوروبيون والخليجيون على قلب عروبتنا النابض التي وقفت في خندق المقاومة متمسكة وحدها بالمشروع القومى العربي في مواجهة مشروع الانبطاح والتبعية، ومنذ تلك اللحظة قررنا أن نخوض معركة الدفاع عن سورية العربية بما نملكه وهو الكلمة ولآخر نفس عبر ما هو متاح من مساحة في وسائل الإعلام المختلفة، ومن وقت لآخر نعود إلى دمشق لنعيد قراءة المشهد من جديد، ولنضطلع على آخر المستجدات على أرض الواقع حتى تكون رؤيتنا ومواقفنا دائما موضوعية ومبنية على مشاهدات واقعية ملموسة.

وخلال الزيارة الراهنة أبشر القارئ العربي ليس في الداخل فقط بل حول العالم أن سورية ستنتصر حتما في هذه الحرب الكونية التي شنت عليها، وتبشيرى هذه المرة بالنصر يأتى من خلال رصدى لما شاهدته في عيون السوريين على الأرض السورية، فصمود الشعب العربي السورى الأسطورى أحد بشائر النصر، فلا تقابل سوريا إلا ويحدثك بفخر واعتزاز عن شهيد أو أكثر داخل عائلته أو من معارفه وجيرانه، ولا تأتى سيرة الجيش إلا وتجد الفخر والاعتزاز بحماة الديار وتجد الكلمة الأكثر شيوعا هي أن البوط العسكري لابد من وضعه فوق الرءوس فهؤلاء هم المدافعون عن شرف وكرامة سورية ولهم كل الإجلال والاحترام والتقدير، وحين تأتى سيرة الرئيس الأسد تجد العيون قد ترقرقت بالدموع فهو القائد الشجاع الذي قرر خوض المعركة حتى الرمق الأخير.

هذه القراءة من الداخل ومن قلب دمشق حيث إننى لم أكتفِ بتسجيل الكلمات التي تنطق بها ألسنة من أقابلهم بل أقدم ما شاهدته في عيونهم من نظرات كلها أمل وتفاؤل وإيمان بالنصر، لذلك أقولها عالية مدوية لا يمكن أن تهزم دولة لديها مثل هذا الشعب الصامد وهذا الجيش الباسل وهذا القائد الشجاع، لقد شاهدت خلال هذه الزيارة بشائر النصر في عيون السوريين القابضين على الجمر بالداخل والمتمسكين بالتراب الوطنى والمدافعين عنه والمضحين بدماء فلذات أكبادهم وليس اللاجئين والفارين والهاربين الذين تستغلهم القوى المعادية لتقديم صورة عكسية محبطة عبر الجنرال إعلام تبشر بالهزيمة واليأس، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية